الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر تعود لـ"عنتيبي" وتنهي عزلة 6 سنوات.. القاهرة تصحح موقفها مع "حوض النيل" و تحافظ على مصالحها بطريقة جديدة

اجتماع دول حوض النيل
اجتماع دول حوض النيل - صورة أرشيفية

  • خبراء عن عودة مصر لاجتماعات "عنتيبي":
  • مصر قررت إنهاء عزلتها عن دول حوض النيل باجتماعات عنتيبي
  • القلق من قرارات "ضد مصر" وراء العودة لاجتماعات عنتيبي
  • عودتنا لاجتماعات عنتيبي تصحيح للموقف المصري مع دول حوض النيل
بعد انقطاع ست سنوات، عادت مصر لحضور اجتماعات "عنتيبي؛ حيث حضر وزير الري المصري الدكتور محمد عبد العاطي، اجتماعات عنتيبي مع دول حوض النيل (السودان، أوغندا، إثيوبيا، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كنيا، إريتريا).

السطور التالية ترصد أهداف مصر من إنهاء هذه المقاطعة والعودة لحضور هذه الاجتماعات، والفائدة التي ستجنيها من هذا الإجراء، ففي هذا السياق، أكد الدكتور أيمن شبانة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الخبير بالشئون الأفريقية، أن الاجتماعات التي يحضرها وزير الري المصري اليوم في العاصمة الأوغندية "عنتيبي" هي اجتماعات مبادرة حوض النيل التي دعت مصر إلى تدشينها عام 99 وليس اجتماعات اتفاقية عنتيبي التي وقعها دول حوض النيل دون مصر لتحديد الحصص المائية.

اعتراض مصر

وقال "شبانة": "مصر لم تحضر اتفاقية عنتيبي من البداية اعتراضا على توقيع دول حوض النيل دون الرجوع والنسيق مع مصر منذ ست سنوات، أما الاجتماعات التي يحضرها وزير الري المصري اليوم في أوغندا فهي تخص "مبادرة حوض النيل" التي تتعلق بتنظيم العلاقة بين دول الحوض والتعاون في تنمية موارده، إلا أنه بسبب الاختلاف لم يتم توقيع اتفاق تدشين الإطار المؤسسي لها، فقرر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك مقاطعتها بعد توقيع اتفاقية عنتيبي التي تخص الحصص المائية".

وأوضح أن مصر عادت بعد انقطاع دام ست سنوات لأنها وجدت أن انعزالها عن دول أفريقيا لن يعود عليها بفائدة، وحتى تكون على مقربة من الأحداث وصنع القرار حال اعتماد الإطار المؤسسي لهذه المبادرة، كما أنه في هذه الاجتماعات تتم مناقشة تقرير حالة النيل الذي يصدر كل 5 سنوات، بالإضافة إلى أن مصر تسعى لأن توصل رأيها بخصوص سد النهضة وسدود النيل وتنمية موارده بصفة عامة لدول حوض النيل.

وسرد أستاذ العلوم السياسية تاريخ مبادرة حوض النيل قائلا: "إن مصر طرحتها عام 1999 لتوجد إطارا تنظيميا ومؤسسيا لتنظيم العلاقة بين دول حوض النيل وتنظيم استخدام موارد النيل وإقامة المشروعات التنموية النختلفة لتنمية موارده، ودراسة التطورات المناخية في دول حوض النيل، وكان من المقرر أن يتم التناوب على رئاسة المبادرة بشكل دوري، إلا أنه لم يتم التوافق بين الدول المشاركة (مصر- السودان- أوغندا- إثيوبيا- الكونغو الديمقراطية بوروندي- تنزانيا- رواندا- كنيا- إريتريا)".

وأضاف أن هذه الخلافات تمثلت في تمسك مصر والسودان بحقوقهما التاريخية في النيل، والإخطار المسبق الذي يقضي الحصول على موافقة مصر والسودان أولا قبل إقامة أي مشروع تنموي على النيل، بمعنى اكتساب مصر والسودان "حق الفيتو"، وهو ما رفضته دول حوض النيل، وذلك بتحريض من إسرائيل وأمريكا حتى يصنعوا جسرا حيويا للضغط على مصر.

زيارة نتنياهو
وأشار إلى أن "عودة مصر لحوض النيل جاءت بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لها، فنحن لا نستطيع تحجيم تحركات إسرائيل أو منع دول حوض النيل من التعامل معها، لكن يجب علينا أن نتحرك ونستعيد علاقتنا بهذه الدول، فنحن أولى بدول حوض النيل من تل أبيب".

فيما أكد الدكتور ضياء القوصي، خبير الموارد المائية مستشار وزير الري الأسبق نائب رئيس المركز القومي لبحوث المياه، أن مصر لن تجني فائدة من عودتها لحضور اجتماعات عنتيبي مع دول حوض النيل، إلا إذا حققت أهدافها التي قاطعت بسببها الاجتماعات منذ 2010.

شروط مصر للعودة
وقال "القوصي": "قاطعت مصر اتفاقية عنتيبي بسبب عدم موافقة دول حوض النيل على شروطها المتمثلة في أن تكون الموافقة على القرارات بالإجماع وليس الأغلبية، وإذا تمت الموافقة بالأغلبية فمن حق مصر والسودان الاعتراض، إلى جانب أنه يجب إخطار جميع الدول بنية إحدى الموقعين على الاتفاقية إقامة أي مشروعات تنموية على النيل، وأيضا تمسك مصر والسودان بحقوقهما التاريخية في الحصص المائية من النيل، وهو ما رفضته دول حوض النيل، ثم قامت هي بتوقيع الاتفاقية، وعودة مصر الآن بدون تحقيق هذه الشروط تعني أننا ضيعنا 6 سنوات هباء".

وأضاف أن هناك رأيين حول هذه المسألة، الأول يقول إن عودتنا لاجتماعات عنتيبي ضرورية حتى لا تؤخذ أي قرارات تضر مصلحتنا، والثاني ألا نعود إلا إذا تم تحقيق مطالبنا واحترام رغبتنا التي أبديناها مسبقا.

تصحيح لهم خاطئ
وفي هذا السياق، أكدت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية سابقا، أن عودة مصر لحضور اجتماعات عنتيبي مع دول حوض النيل مهم خلال المرحلة الحالية، حيث إن مصر تسعى لتصحيح انطباع دول حوض النيل عن موقف مصر الرافض للاتفاقية.

وقالت "عمر": "مصر تسعى من خلال عودتها لحضور اجتماعات عنتيبي إلى خلق حالة من التفاهم بشرح موقفها الرافض للاتفاقية، وحتى لا تترك دول حوض النيل تحت تأثير فهم خاطئ لديها بأن مصر تستأثر بحقوقها المائية دون مراعاة حقوق الآخرين".

وأضافت أن مصر تهدف من ذلك إلى المشاركة في أي مشروعات لتنمية موارد النيل، بالإضافة إلى شرح وجهة النظر المصرية التي بموجبها قاطعنا الاجتماعات لمدة 6 سنوات.

"عنتيبي" في سطور
«عنتيبي».. تلك المدينة الأوغندية التي تقع على ضفاف بحيرة فكتوريا، والتي كانت مقر حكومة البلاد قبل استقلالها عام 1962، وهي اسم لاتفاقية أثارت جدلا وصراعات بين دول حوض النيل، فهي مقر للاتفاقية الإطارية التي تبنتها إثيوبيا، ووقع عليها عدد من دول حوض النيل بهدف إنهاء الحصص التاريخية لدولتي المصب مصر والسودان.

وأصدر الرئيس الأسبق حسني مبارك قرارا بعد الاتفاقية في 2010 ينص على عدم المشاركة في أنشطة المبادرة، فقد اشترطت مصر وقتها تعديل 3 بنود ووضع نص صريح في البند رقم 14 الخاص بالأمن المائي بعدم المساس بحصة مصر من مياه النيل وحقوقها التاريخية.

بعد انقطاع دام لست سنوات، أعلنت مصر رسميا مشاركتها في الاجتماع الوزاري لدول مبادرة حوض النيل الخميس المقبل، في العاصمة الأوغندية «عنتيبي»، في اجتماعهم الدورى الـ24 لدراسة عددا من مشروعات التعاون المشتركة ووضع السياسات المائية الخاصة بدول الحوض من أعضاء المبادرة.

«عنتيبي».. تلك المدينة الأوغندية التي تقع على ضفاف بحيرة فكتوريا، والتي كانت مقر حكومة البلاد قبل استقلالها عام 1962، اسم لاتفاقية أثارت جدلا وصراعات بين دول حوض النيل، فهي مقر للاتفاقية الإطارية التي تبنتها إثيوبيا، ووقع عليها عدد من دول حوض النيل بهدف إنهاء الحصص التاريخية لدولتي المصب مصر والسودان.

وأصدر الرئيس الأسبق حسني مبارك قرارا بعد الاتفاقية في 2010 ينص على عدم المشاركة في أنشطة المبادرة، اشترطت وقتها تعديل 3 بنود ووضع نص صريح في البند رقم 14 الخاص بالأمن المائي بعدم المساس بحصة مصر من مياه النيل وحقوقها التاريخية.

وفي الوقت الراهن، اتخذت الحكومة المصرية قرارا مغايرا، لتعلن عودتها للمشاركة، بحضور الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الري المصري.

هل شاركت مصر بعد 2010؟
من جانبه، نفى وليد حقيقي، المتحدث باسم وزارة الري، ما يقال بشأن بعودة مصر للمشاركة في اجتماع وزراء دول حوض النيل بعد غياب 6 سنوات، مؤكدا أن مصر تشارك دائما منذ بداية المبادرة حتى اليوم، إلا أنه بعد الثورة حدث تقصير ولم يكن التمثيل على المستوى الوزاري.

وقال حقيقي، خلال مداخلة هاتفية لقناة المحور المصرية، إنه سيتم بحث المشروعات التي يتم تنفيذها، لافتا إلى أنه لن تتم مناقشة ملف سد النهضة بهذا الاجتماع؛ وذلك لأن الملف يخص 3 دول فقط وهى مصر والسودان وإثيوبيا.

وتأتي تصريحات المتحدث باسم وزاري الري، مخالفة لبيان رسمي للوزارة في 2014، أعلن فيه رفض مصر الدعوة الموجهة من مبادرة دول حوض النيل لحضور الاجتماع الدورى لدول حوض النيل الشرقي.

وأوضح الدكتور محمد عبد المطلب، وزير الموارد المائية والرى آنذاك، أن أسباب رفض مصر للمشاركة في الاجتماع، يأتي اتساقًا مع موقفها المتخذ منذ يونيو/حزيران 2010 بعدم المشاركة المصرية في أنشطة مبادرة حوض النيل بجميع أجهزتها – بما في ذلك مكتب النيل الشرقي – نتيجة فتح باب التوقيع على الاتفاقية الإطارية غير المكتملة وغير المتفق عليها لمبادرة حوض النيل، والمعروفة اصطلاحًا باتفاقية عنتيبي.

ويوضح الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، حقيقة مشاركة مصر، مشيرا إلى أن مصر انضمت للسودان عندما أعلنت الأخيرة في اجتماع أديس أبابا في أغسطس/آب 2010 تجميد أنشطتها.

وقال علام إن مقاطعة اجتماع حوض النيل لم تستمر طويلا، ففي 2011 حضر هشام قنديل، وزير الري آنذاك، لتعود مصر من جديد للمقاطعة في 2012، وعندما أصبح حسام مغازي وزيرا للري، لم يذهب لكنه أرسل رئيس قطاع مياه النيل لحضور الاجتماع وقتها.

لماذا الآن؟
أثار حضور مصر في الوقت الراهن العديد من التكهنات، لا يرى وزير الري الأسبق هدفا من مشاركة مصر في وقت صدقت فيه برلمانات دول حوض النيل على الاتفاقية، مشيرا إلى أن المشاركة غير معلومة الأسباب الخفية التي تكمن وراءها.

وقال إن مصر لم تعلن عن التفاوض خلال هذا الاجتماع حول البنود الخلافية، مشددا على أنه كان على مصر إجراء عدد من الزيارات والمفاوضات مع دول حوض النيل لحثها على التفاوض في النقاط الخلافية.

ويشكك علام في أن يكون لمصر أجندة محددة خلال هذه الزيارة، مرجحا أن يكون هدف الزيارة إعلاميا في المقام الأول، كرد فعل على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأربع دول أفريقية.

تختلف في هذه الرؤية السفير منى عمر، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، مؤكدة أن مصر ليست رد فعل، وأن الخطة السياسية ليس لها علاقة بردود فعل الآخرين.

وقالت عمر إن المشاركة المصرية ليس لها علاقة بزيارة نتنياهو الآخرين، معتبرة أن الإعلام المصري يضخم الحدث ويعطي له أبعادا غير حقيقية.

وأعربت عن سعادتها بهذه الخطوة التي وصفتها بالإيجابية، معتبرة أن مشاركة مصر ستسمح لها بعرض وجهة نظرها، وتشرح لماذا رفضنا عنتيبي.

وأكدت أنه في النهاية الموضوع ليس له علاقة بعنتيبي ولن تناقش الاتفاقية في الجلسة، خصوصا أن الدول صدقت عليه بالفعل، لكن ستتم مناقشة المشروعات المشتركة، ومن الضرورى أن تكون مصر على علم بها وتشارك فيها.

محطات "عنتيبي"
أثارت الاتفاقية جدلا كبيرا وتسببت في خلافات بين دول حوض النيل التي وقف أغلبهم بجانب إثيوبيا التي تتبنى الاتفاقية، بدعوى أن حصة مصر التاريخية مجحفة لباقي دول حوض النيل ولابد من مراجعتها وإعادة تقسيم مياه النيل.

في 14 مايو 2010: وقعت 4 دول 4 «إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا» على الاتفاقية، وأصدرت كينيا بيان تأييد للاتفاقية دون التوقيع، بينما رفضت مصر الاتفاق الإطاري الجديد، معتبرة أن هذا الاتفاق يمس حصتها من مياه النيل وحقوقها التاريخية في هذا النهر.

في 20 مايو 2011: رفض البنك الدولي الإفصاح عن موقفه في حال تقدم الدول الموقعة على اتفاقية عنتيبي بطلب تمويل للمشروعات على النهر.

في 28 فبراير2011: انضمت بوروندى لاتفاقية عنتيبي.

في 13 يونيو 2013: صادق البرلمان الإثيوبي على اتفاقية الإطار التعاوني لنهر النيل، وصوّت البرلمان الإثيوبي الذي يضم 547 عضوًا بالإجماع لصالح الاتفاقية.

في 17 يونيو 2013: أكدت وزارة الري والموارد المائية بجنوب السودان أن البلاد لم تتخذ أي قرار بشأن عنتيبي.

في 18 يونيو 2013: قال وزير الموارد المائية والري في جنوب السودان إن بلاده ستوقع على الاتفاقية، داعيا كلا من مصر والسودان إلى الانضمام للاتفاقية.

في 20 يونيو 2013: حثت إثيوبيا دول حوض النيل على التصديق على الاتفاق الإطاري، وأعلنت «لن نسمح لبلد واحد بأن تكون له السيطرة التامة على مواردنا المشتركة».

في 20 يونيو 2013: أعلنت جنوب السودان إرجاء عملية التوقيع.

في 27 يونيو 2013: صادق البرلمان الأوغندي على الاتفاقية ودعا مصر إلى قبول الاتفاقية ذاتها والإطار القانوني الجديد لتقاسم موارد نهر النيل بصورة متساوية.

27 مايو 2014: دعت تنزانيا إلى مراجعة اتفاقية عنتيبي الإطارية، وذلك مراعاة لاحتياجات مصر المائية.

في 14 يوليو 2016: أعلنت مصر رسميا عودتها إلى اجتماعات "عنتيبي".