الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أزمة ماسبيرو !


لم تكن إذاعة حوار مر عليه عام للرئيس السيسي مجرد خطأ .. يمكن أن يمر مرور الكرام .. فهي سقطة وفضيحة للتلفزيون الرسمي للدولة والناطق باسمها .. وخطأ بهذا الحجم .. لابد معه من وقفة حاسمة ومراجعة شاملة..

خاصة أننا كنا نباهي ونتباهي بريادته الإعلامية وتأثير ماسبيرو علي الإعلام العربي كله ببرامج جذابة ..شاشة براقة ..ونشرات إخبارية موثوق بها .. الجميع يتداول أخبارها وكأنها بيان من الدولة .. تلفزيون مصر عمره الآن 56 سنة .. أي نصف قرن .. بدأ بثه في 21 يوليو سنه 1960 .. وكان التلفزيون الوحيد في المنطقة .. ان لم يكن في قارة أفريقيا بأكملها.

كان واحدا من أهم إنجازات ثورة يوليو 1952 .. شهدت أول إشارة بث له احتفالات ستظل محفورة في الأذهان .. بدءا من خطاب الزعيم جمال عبد الناصر في عيد ثورة يوليو الي حفلات كبار الفنانين والمطربين .. وبسرعه احتل موقعه كأقوى وسيلة إعلامية فى العصر الحديث وأكثرها أثرًا وتأثيرا، في أهم فترة عاشتها مصر فى عالمها العربى والأفريقى والدولى .. وسيلة جماهيرية لنقل نبض الشارع، والتعبير عن همومه وآلامه وأفراحه وانتصاراته ومسيرته وتاريخه .. نقطة ضوء مبهرة .. قدم مختلف الفنون والمضامين الإعلامية التى عكست حاجات الناس واهتماماتهم من برامج ثقافية وتعليمية وترفيهية .. تتجمع حوله الأسرة .. لتستمتع وتتعلم وتتثقف وتعرف الأخبار .. وعلي شاشته تألق نجوم مصر الذين صنعوا مجده وشهرته وأصبحوا روادا وأصحاب برامج تابعها الجميع بحب وشغف .. فمن منا يمكن أن ينسي سلوى حجازى، أمانى ناشد، ليلى رستم، همت مصطفى، ماما سميحة، أحمد سمير وغيرهم كثيرين،
كان محط أنظار العالم ينقل عنه بثقة ودون تردد .. ننتظر خطابات الرؤساء والزعماء التي تبث من خلاله كانت نشرة التاسعة من أهم مصادر الأخبار .. عبرت شبكة قنواته المحلية عن ملامح وشخصية كل محافظة من محافظات مصر.

وفجأة ودون أي إنذار وجدناه يتراجع للخلف .. لم يستطع الحفاظ علي مكانه ومكانته .. أصبح تلفزيون مصر الرسمي في ذيل القائمة ..ومحل شك .. فقد صدقه ومصداقيته وسط هجوم كاسح من القنوات الجديدة التي تعمل وفقا لأحدث تكنولوجيا عالمية والعاملين بها علي أكبر مستوي من التدريب والاعداد.

وبدلا من المنافسة وأن يصبح أقوي وسيلة لمواجهة التدفق الفكري والثقافي والإعلامي الغربي الوافد إلىنا عبر الأقمار الصناعية وبديل يلبى احتياجات شبابنا ومجتمعنا .. مع الأسف خرج من المنافسة ،وبدأ حالة من الإستسلام والضعف والوهن .. أخطأ متتالية وتخبط في السياسات .. فقد ريادته وبريقه .. وأصبح يلهث .. وسط قنوات حديثة متطورة .. وجذابة .. سبقته بمراحل .. وهو مازال محلك سر، بأدائه الباهت الضعيف وحالة الفوضى التي يعيشها..وخطابه الإعلامى المهزوز..ومشاكله المستعصية وديونه الضخمة ،وتكلفته الكبيرة ،وعدد العاملين به الذين أصبحوا عبئا علي ميزانية الدولة.

لقد تدهور الحال بماسبيرو وأصبحت أخطأه  يومية .. وسقطاته فضائح .. أخرها فضيحة إذاعة حوار قديم للرئيس السيسي ،التي كشف عنها الزميل الإعلامي أحمد موسي في برنامجه علي مسئوليتي .. لم تكن السقطة الأولي .. فخلال الفترة الماضية شاهدنا أخطاء بالجملة علي شاشات التلفزيون المصري.

في 3 يونيو الماضي أذاع ماسبيرو حوارًا أجراه الإعلامي أسامة كمال مع الرئيس شهد خطأ جسيمًا بإذاعة الجزء الثاني من الحوار قبل الأول.

· في إحدى النشرات الإخبارية، وأثناء إذاعة أحد التقارير المصورة، فوجئ المشاهدون بصوت أنثوي داخل الخلفية يتساءل بحدة "إيه يا حاجة إيمان.. فيه حاجة ؟ ".

 أثناء تغطية إحدى الحوادث المرورية، تم إجراء اتصال هاتفي بمراسل التلفزيون الموجود في مكان الحادث، إلا أن الإعداد أخطأ في رقم الهاتف، فأدخل أحد المواطنين على الهواء، وتم التعامل معه على أنه المراسل، فرد مندهشًا "أنا ماعرفش أي حاجة عن الموضوع ده".

هذه بعض الأخطاء وغيرها الكثير ولكن المشكلة ليست في السقطات والأخطاء فقط .. فالشاشة نفسها تحتاج الي تطوير وإعادة نظر في برامجها .. والمبني كله يحتاج إعادة هيكلة ،وبأسرع وقت فليس من مصلحتنا بأي حال من الأحوال أن نهمل التلفزيون الرسمي للدولة الذي ولد عملاقا ونافس وفرض سطوته في وقت ما .. وأن نترك مبني ماسبيرو يتأكل ويضيع وسط بحار من الفوضي وتبادل الاتهامات والتنصل من المسئوليات .. الازمة التي يعيشها ماسبيرو ليست وليدة اليوم ولم تكن سرا وماشاهدناه من فضائح هو نتيجة طبيعية لما يحدث داخل المبني العملاق .. أنقذوا ماسبيروا قبل فوات الأوان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط