الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد أن فقدنا زهرة مصر.. من يرعى الأبطال؟


كتبتُ الأسبوع الماضي عن زهرة مصر «ريم مجدي» بطلة المصارعة التي ماتت في ظروف غامضة، وتلقيتُ العديد من ردود الأفعال، والتعاطف، وتساءل الكثيرون عن أبطالنا الذين يرفعون رؤوسنا.. كيف نرعاهم؟ وماذا نقدم لهم؟

هذه الفتاة «ريم» بطلة مصر والعالم المليئة بالحيوية والنشاط والبراءة، والتي كنا نضع عليها آمالا كبيرة، يبدو أنها كانت تتحمل أكثر مما يمكن احتماله.. فقد كانت تعيش في جحيم حقيقي، وكانت تعاني معاناة شديدة.. لم يكن أحد يعرف كيف تعيش وكيف يتعامل معها الأهل والأصدقاء.. كيف كانت تتدرب وكيف كانت حياتها؟ لم يتساءل أي منا كيف أصبحت بطلة وكيف حصلت على البطولة بمجهود فردي لم ترعها أي جهة لا ماديا ولا نفسيا.

وإذا كانت ريم قد عانت ودفعت حياتها ثمنا، فهناك الكثير من أبطالنا الذين مازالوا يعانون.. بعد أن وصلوا إلى البطولة بجهود فردية، فلدينا بطلة كانت تتمرن بالجبس لتصبح بطلة العالم في رفع الأثقال.. عبير عبد الرحمن التي حصلت على الميدالية الفضية بأولمبياد لندن، وهو أعظم إنجاز يتمناه أي رياضي بالعالم، استطاعت تحقيقه على الرغم من أنها لم تحصل على أي دعم من أي جهة منذ إصابتها واعتزالها في دورة ألعاب البحر المتوسط 2013 كما تؤكد في كل تصريحاتها.

أين هي عبير اليوم ماذا قدمنا لها .. هل ابتعدت؟ هل مازالت تمارس الرياضة؟ كيف تتمرن؟ وكيف تعيش؟

بطل أسطوري آخر رفع اسم مصر عاليا هو إبراهيم حمادتو لاعب منتخب تنس الطاولة الباراليمبي.. رغم أنه خسر أولى مبارياته، في ريو دى جانيرو بالبرازيل بعد الهزيمة من نظيره البريطاني، إلا أنه أصبح محط أنظار وانتباه العالم أجمع، خاصة أنه يخوض المنافسات بطريقة أسطورية، فهو اللاعب الوحيد الذي يمسك المضرب بفمه، بعد بتر ذراعيه، ويستخدم قدمه لالتقاط الكرة حال سقوطها على الأرض.. كيف دعمناه وماذا قدمنا له؟

إبراهيم وعبير وغيرهم كثير من الأبطال المصريين .. الذين لم يحصلوا على البطولات بسهولة، ليال من التدريب القاسي والخوف والقلق، وبجوار كل هذا الكفاح المعاناة من الضغوط النفسية التي دفعت بعضهم إلى الانتحار كي يتخلصوا من هذا العناء، وكانت آخرهم "ريم" الطفلة الزهرة الجميلة البريئة.. التي حصلت على بطولة مصر وأفريقيا في المصارعة النسائية، رغم سنوات عمرها التي لم تتعد 15 عاما، إلا أن معاملة أبيها وهو في نفس الوقت مدربها وقسوته عليها جعلتها تتخلص من حياتها. 

كان دائم التعذيب لها ويصر على إهانتها.. يضربها بقدمه وبيده على وجهها.. ويتهمها بعدم التركيز في التمرين لا يترك لها فرصة للراحة أو أن تعيش حياتها كطفلة فلم تجدد أمامها سوى الموت.. بإلقاء نفسها من السيارة وهى مسرعة.

وريم ليست البطلة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تعاني نفسيا، فصناعة الأبطال لها أصول وهو علم يدرس في العالم كله.. يشمل رعاية مادية ونفسية وتأهيل البطل للتعامل مع المجتمع ومع الأسرة والزملاء

لم تكن ريم البطلة الوحيدة في مصر التي انتحرت، فقد سبقها إلى ذلك تامر الجوهري، الحاصل على بطولات في كمال الأجسام على مستوى الجمهورية، ففي سبتمبر 2015، قام تامر27 عاما، بإلقاء نفسه من أعلى كوبرى السمك في الرياح الناصري، بمحافظة المنوفية، لمروره بأزمة نفسية.

وأنا لا أقلل من جهود خالد عبد العزيز وزير الرياضة، فهو يبذل كل ما يستطيع ويحاول رعاية أبطالنا ومتابعتهم.. لكن كلها جهود فردية ونحن بحاجة إلى منظومة واستراتيجية واهتمام مجتمعي شامل بتربية وتأهيل هؤلاء الأبطال.. ليس في الملعب فقط ولكن علينا النظر إلى حياة اللاعب وعلاقاته الأسرية وأسلوب حياته ونظامه الغذائي ومدى ملائمة مسكنه وملابسه والأدوات والأجهزة التي تساعده على نمو مستواه الرياضي.. عملية تربوية مخططة وموجهة ومنسقة للوصول باالرياضي إلى أعلى مستوى، وإعداده نفسيا والعمل على حل مشاكله من جميع الوجوه.

التدريب الرياضي الحديـث في العالم كله يعتمد على الاختبارات والمقاييس النفسية، ويستخدم علم النفس في التربية،
مطلوب منظومة مجتمعية وخطة استراتيجية لإعداد الأبطال الرياضيين ورعايتهم حتى لا يكونوا أبطالا بالصدفة .. يعتمدون علي جهودهم الفردية ويتدربون على أيدي مدربين لم يمارسوا الرياضة أو كان مستواهم الرياضي متوسطًا، ويحاولون تحقيق أحلامهم التي لم تكتمل بالضغط على هؤلاء الرياضيين.. ضغط لا يولد سوى الانفجار فيقضي على أحلامنا وأحلام أبطالنا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط