خناقة الوزير جودة

كنت - وما زلت - احترم الدكتور جوده عبد الخالق الخبير الاقتصادى اليسارى الذى كان دائم النقد للوزراء ودائم الدفاع عن حقوق الفقراء والمطحونين وفى مقدمتها حقهم فى رغيف العيش وانبوبة البوتاجاز .
وشاءت ارادة الله ان يثور الشعب المصرى ويطيح بالنظام الظالم ويأتى بوزراء كانوا فى صفوف المعارضه اطلقنا عليهم وزراء الثوره ، كان منهم الدكتور جوده الذى تولى الملف الاهم فى حياة المصريين وهو رغيف العيش وانبوبة البوتاجاز .
ولا انكر اننى ومعى الكثيرون استبشرنا خيرا بالدكتور جوده وبمسئوليته عن ملف التموين باعتباره وزيرا يساريا طالما نادى بحق الفقراء والمطحونين ، وطالما صال وجال فى الندوات وورش العمل والمقالات واحيانا فى الفضائيات دفاعا عن حقوق هذه الفئة المطحونة التى تواجه الظلم والقهر من جميع الحكومات.
وشهرا بعد شهر فوجئنا بالازمات التموينية تتفاقم وانبوبة البوتاجاز تصبح المشكلة الكبرى لجميع المصريين ، وبعد ان كنا نشكو من ارتفاع سعر الانبوبة الى 10 جنيهات اصبحنا نبحث عنها بأى سعر حتى لو بـ50 جنيها - لمن يستطيع ان يدفع بالطبع – بينما الدكتور جوده الوزير يبرر ويعيد ويزيد فى الكلام الذى كان كثيرا ما كان يهاجمه الدكتور جوده الخبير بالطبع وللموضوعية هناك ظروف صعبة تتعرض لها مصر تجعل الوزير جوده لا يتحمل المسئولية بمفرده فهناك الانفلات الامنى وتعرض بعض المخازن للسطو المسلح ، وهناك حجم المتوافر من الانابيب - وان كان وزير البترول قد اكد لى انه لايوجد نقص فى الانتاج وان الانتاج متوافر لكن التلاعب فى التوزيع مسئولية التموين
عموما كان موضوع اداء الوزراء والمشكلات التى تفاقمت وفى مقدمتها انابيب البوتاجاز موضوع حلقة برنامج صوت مصر على البرنامج العام الجمعة الماضى وكنت احد ضيوف الحلقة وكان النقاش حول هذه الازمة المتفاقمة واسبابها وكانت اتصالات المواطنين من كل مكان تتوالى وكلها تحمل استغاثات بضرورة حل الازمة .
وفجأة علمنا ان الدكتور جوده على الخط يريد الرد على ما يثار ، وبعد الترحيب به للرد والنقاش فوجئنا جميعا بالوزير منفعلا يستشيط غيظا وغضبا من الحوار والمحاورين والضيوف ، حاولنا تهدئته ، لكنه استمر فى تلقين الجميع درسا فى امانة الكلمة ومسئولية الاعلام عن تهدئة الناس وليس استثارتهم ، طلبت من الوزير الهدوء واكدت له اننا نحترمه ولا نتصيد له واننا جميعا تهمنا مصلحة المواطن ، لكنه استمر فى طريقته الانفعالية مؤكدا ان الازمة فى طريقها للحل وانه على مدى الايام الثلاث الاخيرة حدث تحسن .
قلت له يا سيادة الوزير الناس لا تشعر بتحسن ولا تريد وعودا ، فهل لديك برنامج زمنى او خطة محددة او موعد محدد لانتهاء الازمة ؟ فكان الرد الصاعق للوزير .. وانت بتحاسبنى وتسألنى بصفتك ايه ؟ وكان الرد على لسان جميع الضيوف ومقدمى البرنامج "بصفتنا مواطنين مصريين من حقنا ان نسال الوزير المسئول " لكن استمرار انفعال الوزير حال دون الوصول لاى نقطة اتفاق ، وبالطبع جاءت اتصالات المواطنين بعد كلام الوزير تطفح غيظا وغضبا من اسلوبه وتعاليه وحديثه باسلوب كله تمام ورفضه النقد او السؤال .
وكان ردنا على الوزير هادئا بدون انفعال .. اذا كنت يا سيادة الوزير تشعر بأنك فوق النقد وفوق المسائلة او حتى السؤال ، نرجوك اترك موقعك لمن لا يتعالى ولمن يؤمن ان دوره خدمة الشعب وليس التعالى عليه .
انتهى الحوار ، لكن بقى الشعور بالاحباط – ولا اقول باليأس – من وزراء الثورة ، كما بقى شعور اعمق بالحزن ليس من الدكتور جوده عبد الخالق الوزير ، لكن على الدكتور جوده الخبير الذى اساء لمنصبه ، مثلما اساء اليه منصبه ، حتى انتهى به المطاف لسؤالنا .. من انتم ؟ على طريقة القذافى .
[email protected]