الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لبني إبراهيم تكتب : صندوق الاقتراع يحدد مصير فرنسا

صدى البلد

تلتف الأنظار هذه الأيام نحو عاصمة"الأنوار"باريس والتي تشهد فترة حاسمة في تحديد مسارها السياسي ومصير الشعب الفرنسي والجالية الأجنبية المقيمة هنالك. ففرنسا ليست وطنا منعزلا عن العالم ولكنها تحمل الخير المرجو للجميع عامة وللإتحاد الأوروبي خاصة.

فنسق الإنتخابات الرئاسية يتسارع نحو النهاية للإعلان عن الفائز بلقب قائد فرنسا في هذا المراطون المتميز والمحتد التنافس بين قائمة من المرشحين الذين تختلف إنتماءاتهم السياسية عن بعضهم البعض، وعلى رأسهم الحسناء "مارين لوين "التي تنتمي إلى"حزب الجبهة الوطنية "،مرشح الوسط"إيمانويل ماكرون"والمتمرد "جان لوك ميلونشون" الذي يحمل شعار "فرنسا الآبية"...والكثير من المرشحين الآخرين على إختلاف شعاراتهم ونواياهم والمحتدين فيما بينهم.

ولقد حدد تاريخ 23 إبريل الجاري موعدا حاسما لإنتخابات رئيس فرنسا الجديد والحادي عشر للجمهورية الفرنسية الخامسة. وحدد يوم 7مايو القادم التاريخ الثاني للجولةالثانية من الإنتخابات الرئاسية التي بها يعلن عن قائد"فرنسا" رسميا.

لقد عاشت فرنسا خلال السنوات الخمس الماضية توترات سياسية عصيبة والتي أثرت سلبا على ردود فعل الشعب الفرنسي وكانت أهم مظاهر ذلك إنتشار العمليات الإرهابية في دولة فرنسا وكان أشدها إستهداف الصحفين والإعلامين الفرنسين والذين يعتبرون الأداة الرئيسية لنقل الحقيقة كاملة للشعب الفرنسي وللعالم أجمع ،وباتت باريس مهددة بهجومات إرهابية مجهولة المصدر.

ومنذ ذلك الحين وفرنسا -بلد الديمقراطية،بلد الأنوار والعضو الرئيسي في الإتحاد الأوروبي،الذي يغزو العالم بكل قواه الإقتصادية-تعيش حالة تأهب للتخلي عن هذا الأمس المسيئ لتاريخها السياسي المزدهر بالبطولات الحربية والزعامة السياسية كبلد للديمقراطية والأمن والأمان ليس بعيون شعبها وبنيها ولكن أيضا للكثيرين وللعديد من الجنسيات الأخرى على إختلاف فئاتها العمرية والتي هاجرت أوطانها بحثا عن سبل مختلفة لحياة أجمل وأأمن هنا في فرنسا.

فاليوم باريس لاتحدد فقط مصير شعبها فقط وإنما أيضا مصير ومستقبل أمة من الجاليات المختلفة الجنسيات،والكل اليوم يرغب في أن يدلي بصوته،حتى الذين أبت أقدامهم على حملهم يؤيدون صندوق الإقتراع الذي يناديهم لتحديد مصير فرنسا.

فالتونسيون والجزائريون،والمغاربة، والمصريون ، وكل الجنسيات العربية خاصة والتي هاجرت إلى فرنسا طلبا للعلم ورغبة في الحصول على الجنسية للتخلي عن هاجس البطالة الذي يطاردهم في بلدهم الأم،وأملا في العيش الكريم الآمن،كل من هؤلاء الآن يعيشون لحظات حرجة من حياتهم أمام الأمل أو الخيبة التي سيحملها الصندوق الفرنسي،فالكل من الداخل والخارج يحلم بأن تظل فرنسا البلد الحاضنة لكل المغتربين،والمتشردين والآملين واللاجئين والحاملين لشعارات الديمقراطية كالمساواة والحرية والعدالة.

فالمسلمين الفرنسيون متخوفون من رئيس فرنسا القادم خاصة وأنهم يمثلون أقلية شديدة داخل المجتمع الفرنسي خوفا من الإضطهاد ،وكذلك المغتربين العرب المهددين بالعودة إلى بلدانهم التي هجروها باحثين عن أحلام كبيرة بين أحضان فرنسا.

فالمرشحةالرئاسية المتطرفة"مارين لوبن"تسعى إلى أن تغيير الخارطة السياسية لفرنسا في الإتحاد الأوروبي زعما منها أنها لاتريد أن تكون هذه الأخيرة منطقة غامضة في الإتحاد أو مجرد "تابع "للمستشارة الألمانية "أنغيلا ميركل"كما أنها تعهدت بمنع الهجرة بشتى أشكالها وطرقها،كما أنها تأمل بتحسين مستقبل"اليورو"، وبهذا المنهج حددت هذه المرشحة الرئاسيةبرنامجها السياسي الذي سيوجه ضربة أليمة في صفوف اللاجئين والمغتربين الأجانب في فرنسا وهو مايسبب تخوفا في وسط هذه الفئة البشرية.

أما المرشح" إيمانويل ماكرون"الذي هاجم بشدة "لوبان"بسبب محاربتها للتعددية الثقافية ورغبتها في إنهاءها،فهو يرى أن هذه الأخيرة تصنع أعداء من المسلمين ستكون فرنسا في غنى عنهم في المستقبل. وبذلك تبدو الإنتقادات حادة وملتهبة بين المرشحين الرئاسين الفرنسيين.

فمن جهتها تغازل "لوبان" أطراف فرنسا بوعود الإستقلال وتحاول إيجاد حلول مبشرة لهم بحكم مستقل ومنفصل لمقاطعة" الألزاس"والأقاليم الأخرى المهمشة حتى تستقطب كل الأطراف إلى مساندتها والإدلاء بأصواتهم لصالحها. ومن جهة أخرى يحاول المنافسون إحباط خطواتها وبرامجها وكشف نواياها الدنيئة أمام مؤيديها.

ولكن مهما إشتدت الوتيرة وإحتدت المنافسة بين المرشحين فإن للصندوق كلمته الحاسمة في النهاية،فهو الوحيد سيد الموقف والحاسم وهو الذي من شأنه أن يحدد مصير شعب بأسره، وهو الوحيد الذي يكمن داخله الحلم الذي تتنازع من أجله كل الأطراف السياسية في فرنسا.

فهل يحمل الصندوق الصغير الخير الكبير لفرنسا وهل سنتحدث في الغد عن فرنسا الجديدة في ثوبها الأبيض وهي تصعد من جديد على سلم الديمقراطية أمام كل التحديات الحديثة ؟