الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لبنى إبراهيم تكتب‎: رمضان ملء قلوبنا

صدى البلد

من نعم الله علينا أن جعل لنا "شهر" الإنسان والإحساس شهر "رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والقرآن".

ورمضان ليس بالشهر العادي الرتيب الذي تمضي أسابيعه، وأيامه، وساعاته، ودقائقه، وثوانيه دون مغزى، بل هو شهر مميز في الحياة العامة والخاصة للإنسان المسلم.

وبالنسبة لهذا الشهر الكريم، تختلف نظريات البشر في تحليل حلوله علينا، فهناك من يصفه بشهر المودة والرحمة، وهناك من يرى أنه بالبركة يحل، وآخرون يطلقون عليه شهر التقوى والعبادة والتكفير عن الذنوب.

لكن مهما اختلفت هذه التسميات والتصنيفات لهذا الشهر الفضيل، فهو يبقى الحقبة الزمنية المؤثرة في حياة كل إنسان، وتأثيره النفسي يتعدى كل مقاييس التعاملات بين الناس أجمعين.

ففي "رمضان" الكل يتأهب ويستعد لقدومه أشد استعداد على كل المستويات؛ فإن تحدثنا عن الترتيبات فلابد أن نبدأ بالمساجد والجوامع التي تزدان بالفوانيس المزركشة بألوان زاهية تشد الأنظار والقلوب والتي تظل تبعث الأنوار التي تعكس البهجة والسرور طوال الشهر، وتتسع دور العبادة، وتزود بالمفروشات والمصاحف للمترددين للتقرب من الإله وتقديم شتى قرابين الطاعة والولاء ولكل منهم أسلوبه مصلين، مستغفرين، مسبحين، شاكرين، قائمين، ساجدين وحامدين.

أما عن المتاجر التي تتزود بالبضائع فلا تعليق عن الإطناب الذي يحصل من السلع التموينية التي تغري عيون الأفراد ذوي الدخل المادي المرتفع والمحدود على حد السواء، إذ أن شهر "رمضان"عند التجار هو المناسبة المنتظرة لتزويد مدخلاتهم المالية من خلال رفع الأسعار على المبيعات، وفي ذلك يتسابق المتسابقون، ويبقى الحريف الضحية الأولى في هذا الصدد.

وللشوارع في هذا الشهر المبارك مظاهر أخرى من الاحتفال، فتنتشر اللوحات اللامعة على امتداد الطرقات السيارة معلنة عن البرامج التليفزيونية المبهرة، والمسلسلات المتنوعة والمنوعات المغرية، وفي النواحي الأخرى ترفع اللافتات وعليها مخطوطات من الآيات البينات من القرآن والذكر الحميد.

وتنتصب الخيم الرمضانية هنا وهناك محددة لها برنامج الطعام للجميع تحت مسمى "موائد الرحمن" حتى لا يكون في المدينة من لا إفطار له.

وإن توقفنا في هذا المجال عند استعداد المنازل والبيوت بحلول شهر "رمضان"، فلا بد أن نتحدث عن نقطة مهمة تمثل القاسم المشترك بين جميع طبقات المجتمع المسلم، فكل ربات البيوت يتحدن في أن استقبال هذا الشهر الكريم لابد أن يتم بترتيب البيت وتنظيفه وتزويده بالمؤونة، حتى تتفرغ الأمهات الماكثات دائما في البيت والعاطلات عن العمل للنوم والطبخ وتصنيف أشهى أطباق الأطعمة اللذيذة التي لا يتنازل رب الأسرة عن النيل من رائحتها الذكية قبل النيل من مذاقها الذكي، فرمضان بالنسبة لبعض القوم شهر "البطون" والإسراف في الأكل.

هذا بالنسبة للمظهر الخارجي للاحتفال بقدوم شهر رمضان، لكن يظل حلوله ملء قلوب الناس على اختلاف معتقداتهم الدينية، فأخلاق المسلم تسمو بنفسها عن ذي قبل وتتحسن القيم الإنسانية في هذا الشهر الكريم، حيث يزداد التآخي والتآزر بين فئات المجتمع الواحد، وتتضاءل سلبيات أخلاقية لتحل محلها مفردات دينية كـ"اللهم إني صائم"، و"عفا الله عما سلف"، و"حقك عليا"، و"المسامح كريم"، و"الطيب أحسن"، و"ولا يهمك"، وغيرها من الأخلاقيات الموقوتة بالزمن والتي لا تغازل بكثرة المسامع إلا في هذا الشهر المفضل.

كما تتألف القلوب التي فيها شيء من الكره، وتتنازل النفوس التي تحمل الضغينة لبعضها البعض، وتتصل القربات، وتتوالى الزيارات بين الأهل والخلان، وتهب نسائم الحب والود برائحة التقوى والعبادة والتي نبتغيها قائمة على امتداد أشهر السنة.

فرمضان ليس بشهر الطعام والشراب المصرف فيه فقط، ولكن الله جعل رمضان في قلوبنا حتى نشعر بغيرنا، بمن لا مأوى لهم، بمن لا لقمة لهم، بمن لا نرتضي أن تكون مجتمعاتنا المسلمة أرضا لهم، الله من علينا بهذا الشهر الكريم حتى نتقاسم الإحساس بضرورة الفرد في حياة الفرد وبمتعة العطاء بين المقتدر والمحروم، بين الجائع وذا التخمة، بين الفقير والغني، بين القوي والضعيف.

فـ"رمضان" ليس مجرد شهر يأتي ويمضي، بل "رمضان" شهر القلوب الجميلة المحبة الطاهرة التي تشع بالخير والكرم شهر العبادة بأسمى معانيها، شهر الروحانيات الصادقة بين العبد والرب، وبين الإنسان وأخيه.

جئتنا يا رمضان يا شهر الخير والبركات
أنت ملء قلوبنا بالحب والعبادات
تغزو حياتنا وعقولنا بفضلك وبالكرامات
تظل تأتينا بالبشر وترسم الضحكات
ننتظرك إلى حين وعلى مدى السنوات
وأنت خير ضيف وبك تكثر الصدقات
بحلولك الجليل يزهو الفتيان والفتيات
وتعلو الوجوه كلها الفرحة والابتسامات
دمت لنا يا شهر الخير والبر والزيارات
بك تحلو الأماني ودائما تتحقق الأمنيات