الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شوكت عز الدين يكتب: بالدستور والقانون والإنسانية.. الوراق جزيرة مصرية

صدى البلد

"يحظر التهجير القسري التعسفى للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم".

هذا هو نص المادة 63 من الدستور المصري، ولا تتفق معها إجراءات تتبعها الحكومة على الأرض فيما يتعلق بإجلاء أو تهجير مواطنين استقرت حياتهم فوقها وإن كانت أراضي تتبع الدولة، ولنا فى حكم الادارية العليا الخاص بأرض عزبة خير الله بدائرة البساتين ودار السلام خير دليل.

أما إذا استخدمت الحكومة قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 10 لسنة 1990 فى إجلاء وتهجير المواطنين عن أراضيهم، فلتقل لنا ما هى المنفعة العامة التى عادت على البلاد والمواطنين من عملية إجلاء سكان حكر أبو دومة عن أراضيهم وبيوتهم بساحل شبرا قبل نحو 25 سنة ولمن آلت الأرض وفيما جرى استخدامها وما هو المشروع الذى أنشيء عليها لخدمة المنفعة العامة؟

أعتقد أن فكرة المنفعة العامة تقتضي إفصاح الحكومة عن مشروعاتها المستقبلية التى تخطط لإنشائها فى مناطق عديدة، أعلن عن كثير منها أحمد المغربي وزير الإسكان الأسبق ضمن ما سميت برؤية مستقبل القاهرة الكبرى للعام 2050 التى صاغتها وزارة الإسكان ومحافظات الإقليم وقتئذ برعاية لجنة السياسات بالحزب الوطنى وعلى رأسها جمال مبارك.

ولو أن هذه المشروعات لم تخرج إلى النور وجرى الإعلان عنها صراحة وعن الشركاء فيها والمستفيدين بها، لتحولت إجراءات الحكومة على الأرض إلى نوع من العقاب للمواطنين على كونهم أبناء البلاد وأصحاب الأرض والأحياء تحت سماء وطن قاموا فيه بثورتين للخلاص من الظلم وغياب المساواة.

وأعتقد أن غياب المساواة فى التعامل مع ملف الأراضي بالأخص يتجسد فى إجراءات تقنين مخالفات المنتفعين بقرارات تخصيص أراضى لغرض الاستصلاح الزراعى على طريقي الإسكندرية والإسماعيلية الصحراويين، والتى جرت عمليات بناء منتجعات وفيلات عليها بالمخالفة للقانون دون هدمها أو سحب الأرض من أغلبهم، وحققوا أرباحًا بمئات المليارات منها دون إعادة حق الدولة والشعب.

ومن علامات عدم المساواة أن يحتفظ المستولون على أراضى وضع اليد بمئات الآلاف من الأفدنة ويقيم بعضهم عليها مشروعات في غيبة الأجهزة الرقابية والتنفيذية ثم تفتح الحكومة بابًا لتقنين أوضاعهم.

فى المقابل لا يعلم سكان جزر الوراق والقرصايا والذهب ومناطق بولاق وماسبيرو والواجهة النيلية شيئًا عن مستقبل وجودهم على أراضيهم وخطط الحكومة لإجلائهم، وسط إشارات ودلالات هنا وهناك على وجود نية لبيع أراضي هذه المناطق لشركات خليجية ومستثمرين، رغم أن المنفعة هنا "خاصة" تمامًا، ولا شراكة لأصحاب الأرض فيها، ولا اعتراف بحقوقهم، ورغم أن الجزر هذه والمناطق تلك مصرية خالصة بالدستور والقانون والإنسانية والتاريخ ولم تطلبها دولة مدعية أنها تتبعها.

إن مشهد المشاجرات التى جرت صباح أمس الأحد بين الشرطة وأهالي الوراق يمكن أن يتكرر داخلها وفى مناطق أخرى تحتفظ وتتكتم الحكومة على معلومات حول مشروعات يراد تنفيذها داخلها وينتج عنها إجراءات إجلاء وتهجير سكانها أو نزع ملكياتهم بزعم وجود منفعة عامة ناتجة عن إقامتها فيها، وهى مسألة تزيد الفجوة بين النظام والشعب، وبين الشرطة والشعب مجددًا دون أن يكون لشرطة التنفيذ أي ذنب فى هذه القرارات.

الشفافية والإفصاح عن المعلومات بالتأكيد هما الإجراء الطبيعي الآمن لتنفيذ أي مشروعات قومية أو عامة، أو تطبيق أي رؤية حقيقية داعمة للوطن دون المساس بحقوق الشعب وحيازة وملكية المواطنين للأرض والمسكن كما يقر الدستور ويحميها القانون، ولا يمكن أن نقبل بفكرة "التنفيذ ثم تلقى شكاوى المتضررين"، فشهيد اليوم من أبناء الوراق لا يفهم ومن حوله سوى حقه فى الدفاع عن أرضه وبيته، وقوة إنفاذ القرارات وتنفيذ الإزالات لا تفهم سوى ما تقول به جهة الإدارة، والمصابون من الطرفين ضحايا مشهد لا يليق بدولة قانون وعدل.