الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الانتخابات الألمانية.. و«اللهو الخفي»


مصصصصص

غدا تبدأ الانتخابات الألمانية.. العالم كله يترقب النتائج.. لكننا في مصر والعالم الإسلامي نخشى من "اللهو الخفي"، وهو المصطلح الذي يطلقه الكثير من المقيمين والألمان المعتدلين على حزب "البديل من أجل ألمانيا" أو النازيين الجدد، فهو يطالب باستبعاد المهاجرين لتظل الجينات الألمانية نقية والعرق الألماني واحد، وإغلاق الحدود الألمانية، واعتقال المهاجرين الذين يحاولون جمع الشمل مع أسرهم.. وهي سياسة مناهضة لسياسة ميركل.

ونحن لدينا علاقات تاريخية قوية مع ألمانيا.. ولدينا جالية مصرية كبيرة هناك.. هذه العلاقات تحولت من صداقة إلى شراكة استراتيجية في الفترة الأخيرة.. وخاصة بعد الزيارات الناجحة المتبادلة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والمستشارة الألمانية ميركل وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي اختلقها الإخوان لتعكير علاقات مصر الدولية خاصة مع أكبر دولية أوروبية وأكثرها تأثيرا.

وتأتي أهمية الانتخابات الألمانية بالنسبة لنا وللعالم ولمنطقتنا لأن ألمانيا كانت واحدة من أكبر الدول التي استقبلت اللاجئين ورحبت بهم رغم أصوات اليمين المتطرف.. ويشارك في هذه الانتخابات خمسة أحزاب هي الاتحاد الديموقراطي المسيحي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، واليسار، والخضر، والحزب الديمقراطي الحر، بالإضافة للهو الخفي الذين حصلوا في استطلاعات الرأي على 12% من الأصوات، ويواصلون تقدمهم للفوز بالمركز الثالث تمهيدا لدخولهم البوندستاج الألماني «البرلمان الاتحادي» لأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

هذا الفوز المحتمل للنازيين الجدد يعني أنهم قد يصبحون أكبر قوة معارضة داخل البوندستاج في حالة إعادة تشكل الائتلاف الحاكم الحالي بقيادة المستشارة إنجيلا ميركل الذي يضم الاتحاد الديمقراطي المسيحي لألمانيا والاتحاد الاجتماعي المسيحي، ويهددون حال دخولهم البوندستاج بتشكيل لجنة للتحقيق معها بسبب سياستها المتعلقة بالهجرة التي تسببت في دخول مليون مهاجر معظمهم من المسلمين إلى ألمانيا.

وأزمة المهاجرين أولوية قصوى عند اللهو الخفي، فهم يعتقدون أن الألمان أصبحوا أجانب في بلادهم، ولا يريدون أن يكون للإسلام مكان في ألمانيا، وهم يتوقعون وصول المسلمين في أوروبا إلى 240 مليونا عام 2050.

وحزب "البديل من أجل ألمانيا" لا يتجاوز عمره 4 أعوام، تأسس عام 2013 على يد مجموعة من الأكاديميين المناهضين للهجرة؛ لاستقطاب أصوات الناخبين اليمينيين المتشددين.

وبعد فوزه بسبعة مقاعد في البرلمان الأوروبي في عام 2014 .. أصبح من أكبر أعداء منطقة اليورو لتبنيه الاشتراكية القومية والأيديولوجية النازية التي تعادي الأجانب، وتحالف مع حركة (بيجيدا) العنصرية التي تأسست في درسدن بألمانيا في عام 2014 للمطالبة بطرد المسلمين من أوروبا، مستغلا الإسلاموفوبيا وهي ليست المرة الأولى التي يحاول فيها النازيون الجدد العودة إلى المشهد السياسي في ألمانيا.

كانت المحاولة الأولى لإحياء النازية عام 1956 عبر تأسيس الاتحاد الاجتماعي الألماني، ولكنه تعرض للحل في عام 1962 مما دفع النازيين السابقين للالتفاف حول الحزب الوطني الديمقراطي الذي تأسس في عام 1964، وفي التسعينيات من القرن العشرين أعادوا محاولاتهم لإحياء النازية داخل وخارج ألمانيا، وارتبطوا بتحالفات عميقة مع اليمين الشعبوي في أوروبا وحول العالم.

ورغم أن القانون الألماني يجرم الرموز النازية وإنكار المحرقة والتحريض على الكراهية ومعاداة السامية، ويعتبرها جرائم جنائية تصل عقوبتها للسجن 5 سنوات، إلا أنه لا يحظر الأحزاب النازية الجديدة تاركا هذه المهمة لتقدير المحكمة العليا وبهذا تم تشكيل حزب اللهو الخفي.

الحكومة المقبلة في برلين سيكون لها دورا مصيريا في تشكيل القرارات السياسية والاقتصادية والمؤسساتية في المجموعة الأوروبية.. بعد أن تم تأجيل الكثير من القرارات مثل تخفيف الديون عن اليونان وإصلاح منطقة اليورو وغير ذلك من الملفات المفتوحة، في انتظار الحكومة الجديدة في ألمانيا.

أعتقد أن نتيجة الانتخابات الألمانية ستكون بنفس أهمية نتائج الانتخابات الفرنسية، التي كادت تفوز بها مارين لوبان، اليمينية المتطرفة.. ووصلت للمراحل النهائية، لكن حُسم الأمر لصالح إيمانويل ماكرون .. والحمد لله أنها لم تنجح وفاز الجناح المعتدل.. إن شاء الله تنتهي الانتخابات الألمانية ويسقط " اللهو الخفي".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط