المفكر الإسلامي الدكتور محمد داود:
- الحرب على الإسلام بدأت منذ لحظة نزول القرآن الكريم وبعثة النبي
- تصنيف العلوم إلى شرعية ودنيوية «أكذوبة» خدعنا بها أعداء الإسلام
- إسرائيل «عدو ذكي» يستغل أزمتنا في تنفيذ نوع جديد من التطبيع
- أمريكا صنعت «الفرقان الحق» ليكون بديلًا عن القرآن الكريم فزاد الإسلام
- إسرائيل قدمت نفسها للشباب كحل للمشكلة الاقتصادية
- داعش صناعة إسرائيلية من صنع مخابرات أمريكا والإسلام بريء من أفعالهم
- الدين قواعد عامة ليست خاضعة للتطور على عكس الحياة
- قوة التمكين تتحقق بالعلوم الطبيعية وليس الشرعية
- التشريع يتغير بحسب الزمان والمكان
- القرآن الكريم خاطب العقل بـ«1260 سؤالا»
- الرئيس لن يصنع كل شيء وحده.. ولن يستطيع
- الصحابة حافظوا على الآثار ولم يهدموها بأمر القرآن
إن الصراع بين الحق والباطل، بين الخير والشر، سُنَّة إلهية قائمة إلى يوم القيامة، وخصوم الإسلام لا يكفون عن إثارة الشبهات والافتراءات ضد القرآن الكريم، والنبي -صلى الله عليه وسلم-، وسُّنَّته الشريفة، وحيث إن الرد على الشبهات ودفع افتراءات المشككين قضية فيها سؤال، كما أن تصحيح الأفكار الخاطئة سواء عن الذات أو الآخر يزكِّي ويعزِّز الحوار بين الأديان والأفكار، بل ويرقى بالحوار إلى آفاق الجدة والإيجابية بعيدًا عن الحوار المتكلف الذي لا يستند إلى حقائق وتسممه الأفكار الخاطئة التي تؤدي إلى التنافر والتباغض.
من هنا قرر «صدى البلد» عقد ندوة مع الدكتور محمد داود، المفكر الإسلامي والأستاذ بجامعة قناة السويس، لإنهاء الخلاف حول مسألة الرد على الشبهات، والاطلاع على تاريخ الحرب على الإسلام: «قرآنًا، ونبيًا وسُنة مشرفة»، وهل اختلفت أسلحة أعداء الإسلام اليوم عن ذي قبل؟ ولماذا يكون للإسلام نصيب الأسد في الحرب على الأديان؟، وهل الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، واستفهامات أخرى كثيرة وجدنا إجاباتها لدى المفكر الإسلامي «الدكتور محمد داود».
أدار الندوة: محمد صبري عبد الرحيم.
- متى بدأت الحرب الفكرية على الإسلام؟
فما من شك أن رحلة الصراع بين الحق والباطل وبين الخير والشر بدأت من لحظة نزول القرآن وبعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم مرت مع الزمان، وتزداد حين تضعف الأمة وتقل عندما تكون الأمة قوية.
- ما الأسلحة التي استخدمها المعادون للإسلام قديمًا؟
فقد زعموا أن القرآن من عند محمد –صلى الله عليه وسلم- اقتسبه من آخرين أعانوه عليه، وهوإعادة إنتاج لما في الكتب السابقة (التوراة والإنجيل)، ووصفهم للنبي –صلى الله عليه وسلم- بأنه شاعر ومجنون، وحين لم يفدهم التشكيك، لجأوا إلى التشويش، كما جاء في قوله تعالى: «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْ افِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ»الآية 26 من سورة فصلت.
وأيضًا لم يفد التشويش، فتوجهوا إلى أسلوب جديد وهو المساومة، بعرض بدائل لدعوته تحفظ لهم مصالحهم المرتبطة بالشرك والكفر،حيث عرضواعلى النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يعبدوا إلهه يومًا ويعبد النبي –صلى الله عليه وسلم- ومَنْ آمن معه أصنامهم يومًا آخر،ولأن الحق والباطل لا يلتقيان ولايجتمعان، قال تعالى: «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَاأَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)» من سورة الكافرون.
وطلبوا من النبي –صلى الله عليه وسلم- تبديل أحكام وتشريعات القرآن حتى توافق هواهم،أو أن يأتي بكتاب آخر غير القرآن، ثم لجأوا بعد ذلك إلى أسلوب التعجيز، فذهبوا إلى أحبار اليهود وقالوا لهم ابحثوا لنا عن أسئلة تُبين لنا حقيقة هذا الرجل، فقالوا: اسألوه عن الروح وعن رجل بلغ مشارق الأرض ومغاربها، وعن فتية في أول الدهر، وعندما سألوه وأبطأ الوحي عليه، ليثبت لهم أن الذي يأتي ليس من عند النبي –صلى الله عليه وسلم-.
وحيث لم يُجدي التعجيز، لجأوا إلى أسلوب الإغراء، فأرسلوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عمه ، لإغرائه بالسلطة والأموال والنساء وما نحوها، فكان رده -صلى الله عليه وسلم- : «يَاعَمّ وَاَللّهِ لَوْ وَضَعُوا الشّمْسَ فِي يَمِينِي، وَالْقَمَرَ فِي يَسَارِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الْأَمْرَ حَتّى يُظْهِرَهُ اللّهُ أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ مَا تَرَكْته»، فلم يبق لهم سوى أسلوب الإيذاء والتصفية ، فنجى الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- من محاولة القتل.
- هل اختلفت الأسلحة التي استخدمها أعداء الإسلام في الوقت الراهن عنها في القدم؟
من الأمور الحديثة على الفيس بوك والتي يتم العمل بها، أنهم بدأوا يصيغوا بعض العبارات والأفكار، مثل الترويج لفكرة أن من يقرآ آية الكرسي مئة مرة، أو يرسلها لعشرة أشخاص، يفرج الله تعالى كربه، أو يسمع خبر يسعده، إلى آخره، وعندما يقوم الشخص بذلك ولا شيء يتحقق فيبدأ في التشكك في هذا القرآن، فضلًا عن بعض التفسيرات والأحاديث الموضوعة التي بدأت تظهر على الإنترنت، وهي تفسيرات جديدة مضادة لما قاله النبي –صلى الله عليه وسلم- في البخاري ومسلم، وهذا إحدى أساليب الحرب الجديدة على الإسلام، فضلًا عن أن بعض أعداء الإسلام أخذوا مساحة إعلامية ، والدليل على ذلك أنه يتم الترويج للشيعة الآن في مصر بمساحة إعلامية ليست قليلة.
في العصر الحديث قامت أمريكا بصناعة «الفرقان الحق» ايكون بديلًا عن القرآن الكريم ، و«الفرقان الحق» هو تحريف للقرآن، حيث غيروا وبدلوا فيه، وطبعوا منه نسخ وزعوها في كثير من الدول العربية والأوروبية، كما نشروها على الإنترنت، وحب الاستطلاع للأفراد جعلهم يقرأوه ويقبلون عليه، حتى جاءت 11 سبتمبر، وأثبت هذا الفرقان معجزة القرآن الكريم، حيث إن المجتمع الغربي هو مجتمع معرفي يقرأ كتابًا في كل مكان، فالمعرفة أساس في ثقافته وتعامله.
فلما بشرت أمريكا بقوتها الإعلامية الجبارة وروجت لكتاب «الفرقان الحق» على أنه تصحيح لكتاب المسلمين -القرآن- بدأت الناس تقبل عليه، لترى الفضائح في قرآن المسلمين التي كشفتها أمريكا، ولترى مجتمع المتخلفين وإرهابهم ، وجعلهم حب الاستطلاع يقبلون على قراءة القرآن الكريم الذي تُحاربه أمريكا وتزعم أن فيه كل السوءات والمخالفات، والفضائح والعيوب، وفرق أن تقرأ رواية لكاتب فتستحسنها، وتمل منها بعد قراءتها عدة مرات، فيما نجد القرآن الكريم محمل بالهداية الربانية، كل حرف وكل حركة محملة بالهداية، فدخلوا إليه متشككين وخرجوا منه مؤمنين، فزاد الإسلام.
نعوم تشومسكي (Avram Noam Chomsky) عالم يهودي لغوي سياسي، قال عن القرآن : «عجبًا لهذا الكتاب، فكل كتاب يأخذ شرفه قدره من قيمة أهله، فإن كان أهله أهل علم وحضارة، يُقبل الناس على كتابهم وتطلبه لتقرأه، وإن كان أهله أهل تراجع وتخلف لا ينظر إليه أحد، والناس تزهد فيه، والعجب أن كتاب المسلمين الذي هو القرآن، أهله في تراجع وهزائم سياسية وعسكرية واقتصادية، لكن كلما ازداد الهجوم على هذا القرآن، ازداد تألقًا، فالقرآن فيه قوة ذاتية، حيث يكون المسلمين في تمام الخيبة، فيما يُعلن القرآن عن نفسه، بما فيه من حقائق، فتضاعف عدد الإيمان، فوة القرآن ذاتية ربانية.
- ما خطورة إعطاء غير المتخصصين وهؤلاء المروجين لتلك الأفكار مساحة إعلامية كبيرة؟
- لماذا التنوع في سكان أمريكا وأوروبا يعادل القوة والتكامل.. فيما يعكس نفس المفهوم عداءً عند العرب والمسلمين؟
ولعل الأمل في النظر للجزائر التي ظلت محتلة من فرنسا ما يقرب من 130 عامًا، وفي الثلاثين سنة الماضية بدأ تيار المقاومة ، وعندما جلست مع أحد المجاهدين للمحتل الفرنسي، قال لي بأنه استشهد 200 مرة، وعندما سألته وكيف ذلك وأنت حي، فقال لي أن المشايخ أخبروه بأن كل مرة كان يخرج فيها لمقاومة المحتل بنية الشهادة كتبت له شهادة، فهي تجربة لم تستسلم للمحتل ولم تمجد الغاصب، ونجحت ، وبمقارنة حال فلسطين ، فيمكننا أن نعلم أبنائنا الدرس، وأن تكون قراراتنا على قدر قدراتنا .
- في رأيك ما أكثر الفترات التي تعرضت خلالها الأمة الإسلامية للهجوم؟
- لماذا يُكون للإسلام نصيب الأسد في الحرب ضد الأديان؟
- ما رأيك في دور إسرائيل في الاختراق الثقافي وتزييف الوعي؟
والأكثر من ذلك في تطبيعه الذكي، بما يجعل الصوت المرتفع والصراخ والسب ليس علاجًا للمشاكل، فإسرائيل ترى أننا نعاني من أزمة اقتصادية وشببابنا يبحثون عن الحياة في الموت عن طريق الهجرة غير الشرعية ، وإسرائيل تستغل هذا فترسل للشباب وتجندهم لا ليكونوا جواسيس ، وإنما ليعملون بوظائف مرموقة ويتقاضون رواتب، يرسلون منها إلى أسرهم في مصر هنا، فقد قدمت إسرائيل نفسها للشباب كحل للمشكلة الاقتصادية، فهذا تطبيع ذكي .
جاءتني رسائل من بعض العناصر الإسرائيلية، قالوا فيها: أنت عالم في القرآن ولك كتابات وفيديوهات حول التيار الصهيوني عند العرب، وأنت مؤمن بالقرآن، الذي ورد قوله تعالى:«يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ»الآية 21 من سورة المائدة، فإن كنت تؤمن بالقرآن فلم لا تؤمن بذلك وتعمل على تحقيق آية من آيات القرآن الكريم، وأنت تؤمن بأن العلو الإسرائيلي مذكور بأول سورة الإسراء، وأنت شرحتها ولم تذكر هذا العلو لنا.
من هنا أدركت أن إسرائيل تتابع وترصد جيدًا، فهم لا يدعون أحدًا، وقد أجبتهم بأن هذا زيف في تاريخ البشرية، فالعرب كانوا موجودين قبل وجود إسرائيل، حيث إن وجودها اقتصر على مئة عام، ثم بعد ذلك تحول بالوحي ونزوله على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، أصبحت القدس حقيقة قرآنية، ولو أخذنا بميزان إسرائيل بمعنى أن كل من استولى على قطعة أرض وعاش بها في حقبة من التاريخ صارت له، إذن فأبو جهل وأبناؤه أحق بمكة والمدينة، ويكون مجوس روما القدامي أحق بها وبأوروبا من المسيحيين، بما يجعلنا نصل إلى مجاهل التاريخ، فلم يقف التاريخ عند إسرائيل ولا يسير إلى من كان قبلهم، ولا إلى ما بعدكم.
ما من شك أن إسرائيل تسعى الآن إلى هذا التيار ، والذي بدأ يتنامى في وسائل الإعلام، وبدأت إسرائيل تقدم نفسها على أن لها حدود، فمثلا داعش وهي صنيعة إسرائيلية من صنع المخابرات الأمريكية، وبها جنود مرتزقة ليسوا بمسلمين ولا عرب، ويأتي الجانب العربي فيهم حينما يُصاب تأخذه الطائرات الهليكوبتر، ويعالج في مستشفياتهم، فهي تريد ترويج «أنها ليست عدوًا»، فهي تريد أن تربي مشاعر إيجابية نحو إسرائيل في سيناء.
إذن عدونا ذكي فيما يصنع ونحن في أزمة وهو يستغلها ، ونحن نضيع شبابنا حين لا نقوم بصناعة الوعي وبيان الحقائق ومقاومة هذا الفكر الذي يتم تزييفه، فهناك مواقع إسرائيلية منها : «قرآن نت، وأفغاي نت» ، تزيف الوعي وتستخدم لغة خطيرة لإقناع الشباب، ويعلق على كل تفاصيل حياتهم ويُشاركهم فيها.
- كيف يمكن مواجهة تلك الأفكار والمحاولات لتزييف الوعي؟
وبالاحتكام للقرآن وجمع الشبهات التي أثيرت ضده وقت نزوله، لنرى كيف تولى القرآن التعامل معها، وكانت المفاجأة أن القرآن الكريم له منهج عظيم في التعامل مع الآخر في مقاومة الزيف، والشبهات والافتراءات، أولها أنه يعتمد الدليل العقلي، وهذه عظمة القرآن ، لأن المخالف لا يؤمن بقرآن ولا سُنة، فلا يصلح أن يُقال له قال الله وقال الرسول، حيث اشتمل القرآن الكريم على «1260 سؤال» للعقل البشري، بما يعني أن القرآن خطاب للعقل ، ولغة للعقل، وهو نفسه معجزة عقلية، لذا يستمر معجزة إلى أبد الدهر، فعصا موسى وناقة صالح ماتت بزمنها وزمن الذين رأوها، من هنا يمكن القول أن القرآن يوصينا بأن يكون لنا حوار عقلي مع الآخر حتى نستطيع المواجهة وننجح فيها.
والقرآن الكريم بعدما اعتمد الدليل العقلي استخدم الدليل العلمي ، حيث إن العلم في بيان الحقائق مهم جدًا لدفع الشبهات ، فنحن لا نحتاج إلي الصوت المرتفع، لذا تقع على الإعلام أمانة انتقاء من يظهرون على الفضائيات من العلماء والمتخصصين لتقديم الخطاب الديني للعامة.
- هل التمكين في الأرض يتحقق بالعلوم الشرعية أم الطبيعية؟
علوم التمكين هي العلوم الطبيعية وليست الشرعية، فهي ما تصنع القوة، فالعلوم الطبيعية هي القوة التي تمنحنا التمكين فلا يطمع العدو في ثرواتنا، فالقوة هي التمكين وبها يتم إسكات الشر، والقوة اليوم صارت متنوعة " معلوماتية، واقتصادية وفكرية وعلمية وإعلامية"، رجال الأعمال الوطنيين لابد وأن يبدأوا في الاستثمار في التعليم، لأن كل ما تراه أعيننا من مشاكل هو من مخرجات العملية التعليمية، وحين يكون التعليم في مشكلة يكون الوطن كله في مشكلة .
فلما اطلع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق على التخطيط التعليمي في اليابان فوجده متقدمًا عن نظيره في أمريكا، فخرج وقال أمريكا في خطر، والاستثمار في التعليم لا يعني المدارس الخاصة وجني الأموال من المصروفات الدراسية المرتفعة، وإنما نعني الجودة ، ولدينا أمثلة في ذلك مثل ماليزيا وأندونيسيا، فالإمام أبو حامد الغزالي تنبأ في القرن السابع الهجري ، أنه ضمن الاختراق الثقافي أنهم عملوا ثنائية فيها أكذوبة، حيث صنفوا من خلالها العلوم إلى شرعية ودنيوية، وهذا خطأ فكل العلوم شرعية لدينا ، لأن القرآن به الكثير من الحقائق العلمية والطبية والفلكية ، وبأسماء نباتات وما نحوها .
واليوم قال الغزالي قبل وفاته، إننا لدينا استبحار في علوم الفقه حيث أحكام الوضوء، فيما أن الأمور في الأحاديث والقرآن بسيطة ، لكن الهمة العلمية بعلوم التمكين هي المهمة، الحضارة لها جناحان، أولهما العلوم النظرية وجناح العلوم التطبيقية الدنيوية ، والتي سقطنا بسقوطها ، لذا نجد أن أول آية في القرآن "اقرأ" ولم يحددها الله تعالى بعلم بعينه، وترك المفعول به غير معروف ليفيد العموم والشمول، أي أنه لم يقتصر ذلك على العلوم الشرعية، فكل قراءة نافعة.
فالقرآن يرشدك إلى العلم، لأنه كتاب هداية وليس كتاب علم، والقرآن قال أن الرفعة والتمكين يكون بسبب العلم، فقال تعالى : «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ» الآية 11 من سورة المجادلة.
- هل الدين خاضع للتطور؟
والعلوم الطبيعية هي المتطورة، ودائمًا فيها جديد، القرآن يتحدث عن قيم مطلقة ولا يتحدث عن وسائل وآليات ولا يحددها، لأن كل زمن له آلياته، فهو يتحدث الرحمة ولا يتحدث عن سيارة أو طائرة أو فرس، وهو ما يتضح به عظمة الإسلام، بما يمكن القول أن الخلل فينا وفي عقولنا وفي فكرنا المخترق على مدى واسع حتى على مستوى الجامعات والبحث العلمي، حتى وصل الأمر إلى معاناة الجامعات المصريةوالبحث العلمي من عسر هضم ، فلم يعد للرسائل قيمة، الإسلام يبحث في كل علم عن القيمة المضافة، وما يستجد من علم، فالتطوير والتحديث مبدأ قرآني أصيل، كما ورد بقوله تعالى: «إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا» الآية 9 من سورة الإسراء، فالأفضل والأحدث إنما هو مطلب مستمر متجدد في حياة الأمم .
- هل ثوابت الدين "الشريعة" صالحة لكل زمان ومكان؟
خطأ الكفار والملحدين والماديين أنهم يقيسون قدرة الخالق على قدرة المخلوق، وهذا خطأ كبير قياس قدرة الجاهل بالعالم أو المريض بالطبيب، أو الأستاذ بالتلميذ، فهذا غير مقبول بالعقل عندنا، فكيف بالمخلوق والخالق، فالخالق عظيم القدرة، فإذا أراد شيء أن يقول له كن فيكون، لا يرتبط بالأسباب، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فهذه القياسات الخاطئة لابد من التوقف عنها، فالقرآن الكريم اعتمد الدليل العقلي في مئات الآيات القرآنية في الحوار مع الآخر.
- ما تعليقكم على من يريدون هدم الآثار بدعوى أنها أصنام؟
ما أشبه الليلة بالبارحة، فدائمًا عندما تهتز الناس وتتعرض لموقف هزيمة وتراجع تبدأ في اختبار ثوابتها، فالصحابة ذهبوا إلى النبي –صلى الله عاليه وسلم- بعد أُحد وسألوه "كيف نهزم ونحن مسلمون ؟، كيف نهزم وفينا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ؟ كيف ونحن على حق وهم على باطل ؟، فأنزل الله تعالى قوله في سورة آل عمران ليُبين لهم سبب الهزيمة ، وبين أن له سُنن وقوانين كونية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ، لا تجامل المؤمن ولا الكافر، فالنصر له سُنن وأسباب من يأخذ بها ينتصر، فقال تعالى: «قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ» الآية 137 من سورة آل عمران.
والنظر في القرآن الكريم هو مرادف في اللغة الحديثة للبحث والتفكير العلمي، والآية احتوت علم التاريخ وعلم الآثار والاعتبار بها، والمحافظة على الآثار لتكون شواهد على فكر هذه الأمة، لذا حافظ عليها الصحابة، فلا شك أننا أمام تحديات، يجب أن نواجهها بالعقل والعلم ، لأن القرآن الكريم اعتمد الدليل العقلي والعلمي ، وأن ننتهي عن سياسة الصراع والصدام والنزاع، وأن نتجه إلى التعاون والتآلف وأن نعيد اكتشاف أدوارنا الحقيقية.
- في رأيك ماذا تحتاج الأمة لتخرج من أزمتها الآن؟