الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تطور أدب الطفل العربي.. من الحكايات إلى الرسومات والمجسمات ثلاثية الأبعاد.. ميثاء الخياط : الصور عنصر جذب أساسي للصغار.. ونورا خوري: يجب أن يواكب تطور العصر

كتب الاطفال ثلاثية
كتب الاطفال ثلاثية الأبعاد

يعكس مهرجان الشارقة القرائي الاهتمام المتنامي بأدب الطفل في دولة الإمارات بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام، بهدف زيادة إقبال الصغار على القراءة، وجعل الكتاب صديقهم الدائم في حلهم وترحالهم، وموردهم الرئيس الذي يستمدون منه معارفهم، ويعززون به تجاربهم وخبراتهم في الحياة.

وتقدم مجموعة "كلمات" للنشر خلال مشاركتها في مهرجان الشارقة القرائي للطفل، بدورته العاشرة التي تتواصل حتى مساء السبت 28 أبريل الجاري، عددًا كبيرًا من الإصدارات المخصصة للأطفال، والمتميزة شكلًا ومضمونًا، والتي تعكس هذا الاهتمام بأدب الطفل.

وتتنوع الإصدارات في مضامينها والفئات العمرية التي تتوجه لها، إذ تصدر الدار كتاب "حين يشتهي الجمل اللقيمات" للمؤلفة ميثاء الخياط، وقصة الكاتبة نورا خوري "فنتير الفلامنغو المنفوش"، كما تصدر حكاية "صوت البحر" للكاتبة رانيا زبيب ضاهر، إضافة إلى كتاب "مشهور بالصدفة" لسمر محفوظ براج إلى جانب عدد من الكتب الأخرى لهن.

حول أبرز الصعوبات والتحديات التي يواجهها أدب الطفل العربي، ترى الكاتبة ميثاء الخياط أن أكبر هذه التحديات يتمثل في تراجع إيمان مجتمع ما بقيمة الأدب وتقول: "المهدد الرئيس لأدب الطفل يكون عندما ينشأ ويترعرع الطفل في بيئة لا يعتبر فيها الأدب عاملًا أساسيًا في رفع مستوى فكره أخلاقيًا وأدبيًا وفنيًا، وكم يحزنني عدم اهتمام بعض أولياء الأمور بالقراءة لأطفالهم، وعدم اهتمام الأمهات بإعداد قائمة من الكتب لمولودهن المنتظر".

وترى الكاتبة نورا خوري أن أبرز هذه التحديات يتضح في تفضيل الأطفال القراءة بلغات أخرى لا سيما الإنجليزية، وشكواهم المستمرة من أن اللغة العربية بعيدة عن لهجتهم المحكية، حيث أنهم ينظرون إلى الفصحى كلغة ثانية يصعب عليهم إتقانها، بجانب نظرة كثير من الآباء والأمهات والمعلمين للقصص على أنها "تعليمية" بحتة ورفضهم لبعض الأفكار الخيالية، فضلًا عن ضعف الإقبال على القراءة بشكل عام في الوطن العربي، وغياب الشغف بالكتب والكلمة مقارنةً بالمجتمعات الغربية.

فيما ترى رانيا زبيب ضاهر أن أبرز الصعوبات والتحديات التي يواجهها أدب الطفل العربي، تتمثل في إحجام الأطفال عن القراءة واللجوء إلى الألعاب والأجهزة الإلكترونية، أما سمر براج فتقول: "أبرز الصّعوبات والتّحدّيات تكمن في ابتعاد الأطفال عن اللّغة العربيّة وتوجههم إلى القراءة باللغات الأجنبية، وأيضًا ابتعادهم عن القراءة بصورة عامة وانشغالهم بالألعاب الالكترونية".

وحول الأسس والقواعد التي تعتمد عليها لطرح مواضيع متخصصة في أدب الطفل العربي، تؤكد الكاتبة ميثاء الخياط أن منهجها هو البساطة والفكاهة، وتضيف: "حين تكتب قصة وتستمتع بكتابتها وتضحك مع نفسك حين تقرأها بصوتٍ عالٍ فأنت على الطريق الصحيح، لكن لا تكتفي بذلك، فيجب أن تختبر هذه الحبكة مع مجموعة من الأطفال، ويجب أن تتأكد من أنك استحوذت على انتباههم في الدقائق الأولى من قراءة القصة".

وتشير الكاتبة نورا خوري إلى أن أسلوبها يرتكز في الأساس على الابتعاد عن الوعظ والإرشاد والنصح في النص، واجترار الحديث غير المفيد والسرد الوصفي الطويل، لافتةً إلى أنها تجد نفسها دائمًا في حالة بحث عن أساليب أكثر تشويقًا وجذبًا للقراء الصغار، هذا إلى جانب احترامها لذكاء الطفل ووعيه في كثير من القضايا. من جانبها تؤكد رانيا زبيب ضاهر أنها تعتمد في معظم أعمالها على البحوث والقراءات، وتشدد على أنه لابد من تقديم معلومات صحيحة تحاكي ذكاء الطفل، بجانب الاعتماد على أسلوب سهل وبسيط في الكتابة.

أما الكاتبة سمر براج فتقول في هذا الشأن: "إذا أردت أن أطرح موضوعًا متخصصًا للطّفل، أجري بحثًا عن هذا الموضوع وأقرأ كثيرًا عنه، ومن ثم أطرحه في إطار ممتع ولغة مناسبة وأسلوب سلس، كما أحرص على أن لا يتضمن الموضوع أي فكرة أو جملة أو حتى كلمة يمكن أن تؤثّر سلبًا على الطفل، وفي بعض الأحيان أعرض النص على مجموعة من التربويين للتأكد من عدم وجود ملاحظات حوله، وهذا ما فعلته عندما كتبت كتاب "جدّتي ستتذكرني دائمًا"، وكتاب "خطّ أحمر"، كما أحب أيضًا أن آخذ بآراء الأطفال أنفسهم".

حول مدى قدرة الكتب المصورة على جذب الأطفال للقراءة مقارنة بالكتب التقليدية، تقول الكاتبة ميثاء الخياط: "بلا شك تلعب الكتب المصورة دورًا محوريًا في زيادة إقبال الصغار على القراءة، وذلك لكون حياتنا في المقام الأول مليئة بالصور والأفلام، ولكن هنا يجب التركيز على النوع أكثر من الكمية، فأحيانًا نجد قصصًا مليئة بالصور لكن فيها تكرار واجترار، ما يسبب بعض الملل وعدم الرغبة في تكملة القصة لأن الأحداث والصور تكون متوقعة، وهنا أود أن أؤكد على أن طفل اليوم يتمتع بذوق فنيٍ عالٍ، لذا يجب أن تكون الصور جاذبة وتليق بمستوى تفكيره واهتمامه".

وترى الكاتبة نورا خوري أن الكتاب المصور يسهم في زيادة شغف الأطفال بالقراءة، وتؤكد أن الصور تجذب حتى الأطفال الأكبر عمرًا كونهم يفضلون الألوان والصور التعبيرية. أما الكاتبة رانيا زبيب ضاهر فتقول: "بالطبع الكتب المصورة تجعل الطفل أكثر حبًا للقراءة، لأن العامل الجاذب الأول له هو الصورة، لا سيما وأن أطفال هذا الجيل يشاهدون أفلامًا كرتونية متطورة جدًا من ناحية الصور والألوان والأبعاد، ولكي نتمكن من جذب الطفل إلى عالم القراءة يجب أن يكون الكتاب غنيًا بالصور الملونة والمميزة والعصرية".

أما الكاتبة سمر براج فتقول: "بصورة عامة، الجميع بما فيهم الكبار، تجذبهم الصور والرسوم الجميلة، وفيما يتعلّق بكتب الأطفال يتوقّف ذلك على الفئة العمرية للطفل، فكلّما زاد عمره قلت الحاجة لاستخدام عدد كبير من الرسوم، ويصبح التركيز على النص أكبر وخصوصًا في الكتب الموجهة لليافعين، لكن لا شك أن الأطفال حتى سن عشرة أعوام يتأثرون بشكل الكتاب وغلافه ورسومه".

وحول كيفية مواكبتها لتحديات العصر، تقول الكاتبة ميثاء الخياط: "أتغلب على هذه التحديات من خلال المشاركة في المعارض والمهرجانات المحلية والعالمية، والتواصل مع الموهوبين في مجال أدب الطفل". ومن جانبها تقول نورا خوري: "الوسائل التي استخدمها لمجابهة التحديات التي تواجهني ومواكبة روح العصر تتمثل في حرصي الدائم على الانضمام إلى مجموعات تضم كتاب قصص الأطفال على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، بجانب حرصي على حضور المؤتمرات الرقمية التي تقام على الشبكة العنكبوتية، لأكون على اطّلاع مستمر بما يحدث في كل دول العالم على صعيد أدب الطفل، كما أحرص على زيارة معارض الكتب والاطلاع على ما يوجد في الأقسام العربية وغير العربية والمقارنة بينها".

أما الكاتبة سمر براج فتقول: "أحاول أن أطلع على كل ما هو جديد وما يصدر في العالم العربي والغربي، وذلك من خلال زيارة المعارض المحلية والإقليمية والدولية، وحضور المؤتمرات وقراءة أبحاث المختصين حول أدب الطّفل". وبدورها أكدت رانيا زبيب ضاهر على أنها تواكب تحديات العصر في مجال الكتابة للطفل من خلال الإطلاع الدائم على الإصدارات الغربية والعربية، والتواجد الدائم في معارض الكتاب.

حول النمو الذي يشهده أدب الطفل العربي، وحجم الإقبال عليه، تقول الكاتبة ميثاء الخياط: "هناك إقبال ملحوظ حتى وإن كان بطيئًا على كتب الأطفال، نظرًا للعدد الكبير من المبادرات على امتداد الوطن العربي والتي تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية القراءة بالنسبة للأطفال، وأرى أن دار كلمات تعتبر من أهم المؤسسات التي أسهمت في رفع المستوى الأدبي للأطفال بما تقدمه من كتب عالية الجودة".

من ناحيتها تقول الكاتبة نورا خوري:"هناك اهتمام واضح بأدب الطفل العربي، سواء من خلال القصص أو التطبيقات الإلكترونية أو ما يقدمه الإعلام العربي للطفل، ونجد أن هذا الاهتمام فتح آفاقًا أوسع للكاتب العربي، ولكن وبالرغم من ذلك فلا زالت المكتبة العربية تفتقر إلى التنويع في الكتب المطروحة للطفل، ولكن ما هو واضح للعين أن دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في تطوير ومواكبة أدب الطفل على الصعيد العربي، وتقديمها لكل ما هو جديد ومفيد في خطى سريعة ومدروسة".

أما الكاتبة سمر براج فقالت: "شهد أدب الطّفل قفزة نوعية في عالمنا العربي خلال العقدين الماضيين، وذلك من خلال المواضيع المطروحة، والاهتمام المتزايد بالرسوم والإنتاج، وهناك ازدياد وتنامي في عدد كتّاب الأطفال والرسامين ودور النشر التي تهتم بكتب الأطفال، بجانب الإقبال على تنظيم معارض الكتب الخاصة بالطفل، وتخصيص جوائز لأدب الأطفال، وشخصيًا ألاحظ مدى الإقبال على هذا النوع من الأدب من خلال اهتمام المدارس في العالم العربي باستخدام أدب الأطفال لتعليم اللّغة العربية وتحبيب الصغار بها، فهناك اهتمام كبير باستضافة الكتّاب ليلتقوا بالأطفال ويقرأوا لهم قصصهم".