الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: مجلس «نائب مشافش حاجة»!!

صدى البلد

منح دستور 2014، مجلس النواب سلطات واسعة جعلت منه شريكا أساسيا لرئيس الدولة فى إدارة جميع شئون البلاد، وخوَّل الدستور جميع الصلاحيات الواسعة للبرلمان استنادا إلى مبدأ التوازن بين سلطات الرئيس وصلاحيات مجلس النواب، بحيث يمتلك كلاهما أدوات دستورية تحميه من تغول الطرف الآخر.

إلا أنه بعد ثورتين عظيمتين قام بهما الشعب المصري من أجل التمرد على الفساد سواء وقت ولاية مبارك لحكم البلاد أو وقت الإخوان، كان من ضمن النتائج التي يأملها المصريون مجلس شعب ممثلا عن الشعب يعبر عن رغبات ومتطلبات المصريين، إلا أنه اصطدم بواقع مرير وخابت الظنون واختلفت الأحلام عن الواقع.

فقد خذل الكثير من نواب البرلمان آمال المصريين التي كانت معظمها معلقة عليهم، ولم نجد منهم ما ينصف المواطن ويدافع عن حقوقه أمام الحكومة التي قد تستمع إلى احتياجات الشعب من خلال نوابهم، وحاشا لله أن يتفوه نوابهم بما يتطلبه المواطن ابتداءً من موجة أسعار لا تنتهي فلا نسمع صوت نائب في البرلمان، ولا طلب إحاطة لأي مسئول "تلك الأداة المهملة"، حتي في ظل وجود قضايا هزت الرأى العام.

ناهيك عن الصلاحيات الواسعة التى من المفترض أن يمتلكها البرلمان فى مراقبة الحكومة والمسئولين والتي تؤكد عدم وجود "كوابح" تحد من تلك الصلاحيات إلا أنه لم يلجأ إليها، بل اعتاد المجلس إلزام "الصمت"، وأقر بتعديل تشريعي يقضي بإصدار الأجهزة المحلية في المحافظات تراخيص مؤقتة لعربات المأكولات في الشوارع مقابل رسوم تصل إلى 10 آلاف جنيه سنويًا وعلى رأسها عربات الفول والبطاطا، وأخيرا وليس آخرا قرار زيادة رواتب كبار المسئولين والنواب الذي وافق عليه النواب!!! نفس هؤلاء النواب الذين أداروا ظهورهم لمن ينوبوا عنهم وتعاملوا معهم على أساس "ودن من طين وودن من عجين"، ذلك القرار الذي أثار استفزاز الشعب خاصة في ظل ارتفاع الأسعار والدخول المحدودة والضعيفة للموظفين والعامة، وكأنه "القشة التي قصمت ظهر البعير"، فلم يعد لدى المصريين ما يتشفع لمجلسهم الموقر بعد توالي ضربات الخذلان أكثر وأكثر.

فقد أعلنها المصريون علنيا بمعظم طوائفهم واختلافاتهم وانتماءاتهم مؤيدين كانوا أو معارضين، سياسيين أو مفكرين أو رجال شارع، فشل البرلمان فى تحقيق مصالح المواطنين، وحتى أكون منصفة لم تُذكر إنجازات مجلس عبد العال إلا فى واقعة قضية فساد القمح عندما أجبر وزير التموين على تقديم استقالته، ولم يعترض النواب إلا على قانون واحد فقط هو "الخدمة المدنية"، في حين افتقد القدرة على التعامل مع القضايا العامة التى تشغل بال المواطنين واكتفي بالتصفيق والتهليل، وصمت تجاه ما يهم المواطنين، فلم يمارسوا دورهم المنوط بهم فى ظل وجود قضايا هزت الرأى العام وأخرى تتعلق بمستقبل البلاد، أو يتخذ أي خطوة لتحسين مستوى الصحة في المستشفيات أو الارتقاء بالتعليم، حتى على مستوى مشاكل دوائرهم لم تعد لديهم دراية بما يجرى بالشارع، فقد مرر المجلس كل القوانين ما بعد دستور 2014 التى تجاوز عددها حوالي 340 قانونا ما عدا قانون الخدمة المدنية كما ذكرنا، وعلى الرغم من صلاحيات المجلس إقالة المسئول الفاسد وغيره، وبكونه رقيبًا على الحكومة بأكملها إلا أنه فضل عدم استخدام هذا الحق!!

والعديد من نواب البرلمان الحالي لم يقم بتتفيذ أي وعود للمصريين ولا نجد قرارات لصالح الشعب، واكتفوا بتمرير بعض السياسات والانشغال بقضايا هامشية أحدثت فرقعات إعلامية أثرث سلبا على صورة المجلس، ولن يمارس اختصاصاته التشريعية والرقابية كما نص عليه الدستور، حتى الأصوات المختلفة والمعارضة منهم لا عزاء لها!!! فلم يعد لهذا البرلمان دور حقيقي في الحياة السياسية المصرية، ومن ثم خرج المنتج النهائي له ضعيفا ومتهالكا وتراجعت شعبيته إلى درجة كبيرة، ما جعل كثيرين من أبناء الشعب المصري نادمين على انتخابهم لهؤلاء الأعضاء.

وفي النهاية، باتت معظم قرارات مجلس النواب تعمل على استفزاز الشعب، وهناك من استغل وضعه كنائب لتخليص بعض المصالح الشخصية، وفي النهاية الجميع غير راض عن أداء هؤلاء النواب لما ارتكبوه من أخطاء كبيرة في حقهم، والقارئ الجيد المتتبع لحزمة القرارات والمشروعات التي اعتمدها مجلس النواب يجدها تصب جميعها أو معظمها في عكس صالح المواطن، وهو ما يفرغه من مضمونه الحقيقي ويدفع إلى إعادة النظر في توصيفه كمجلس نائب عن الشعب.

وكل تلك السقطات التي وقع فيها المجلس والتي لا يحسد عليها جعلته مجلسا بعيدا كل البعد عن حال الشارع المصري لم ير معاناته أو يتطرق إلى متطلباته، وكأنه مجلس "نائب مشافش حاجة"!!!، ولعل ما نقصده من وراء تلك المقالة إعادة نظر بعض هؤلاء النواب إلى من ينوبوا عنهم، إلى المواطنين الذين أعطوهم أصواتهم إيمانا منهم أن يكونوا الأداة في حل مشاكلهم ويوصلوا أصواتهم المكبوتة إلى المسئولين وصانعي القرار، أن يعملوا جاهدين لأن يكونوا على قدر المسئولية التي وكلها إليهم المواطنون ليصبحوا اسما على مسمى نوابا عن الشعب وليس ضد مصالحه، لذا نقول لهم: "استفيقوا.. يرحمكم الله"!!