الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد صالح يكتب: لا يفِل الأمريكان إلا الصينيون ‎

صدى البلد

وسط عالم تسوده مشكلات وصراعات سياسية واقتصادية خطيرة وشهد تغيرات استراتيجية ملحوظة في الآونة الأخيرة نجم عنها تحول النظام العالمي إلى نظام أحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات من القرن العشرين ، واستمر على ذلك إلى الوقت الراهن، إلى أن ظهر النمر الآسيوي -الصين-واستطاع إحداث تحولات جذرية في أوضاع الاقتصاد العالمي وسيطرته علي نسبة كبيرة من المعاملات التجارية بين مختلف دول العالم ، وقدرته على تعديل موازين القوى مرة أخري ، اصطدم بصراع مع الولايات المتحدة أثار اهتمام العديد من دول العالم .

ففي منتصف مارس/آذار 2018 فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية إضافية علي واردات الصين من الألومنيوم بلغت 25%والصلب 10% زعمًا من الرئيس الأمريكي ترامب بمحافظته علي الأمن القومي الأمريكي وأن واشنطن تعاني من عجز هائل في المعاملات التجارية مع بكين بلغ في 2017  نحو 375.2 مليار دولار، إلا أن بكين قامت بالرد علي ما فرضته واشنطن من غرامات علي وارداتها- وأنها خالفت قوانين منظمة التجارة العالمية - بأن فرضت تعريفة جمركية إضافية في الثاني من أبريل/نيسان 2018 علي 128 سلعة من واردات واشنطن بنسبة بلغت 25% علي سلع مثل لحوم الخنزير والنبيذ وبعض المسكرات وغيرها ،في حين أن الواردات الصينية من هذه المنتجات الأمريكية بلغت قيمتها 3 مليارات دولار العام الماضي 2017 أي ما يشكل بالكاد 2% من إجمالي الصادرات الأمريكية إلي الصين (بلغت قيمتها 154 مليار دولار في 2017) ، بحسب الجمارك الصينية، كما أن المصدرين الصينيين قد بدأوا علي الفور في فتح أسواق جديدة لمنتجاتهم من الألومنيوم والصلب في مختلف الأسواق مثل دول الاتحاد الأوروبي .

تتأهب بكين للحرب التجارية مع واشنطن والتي تتعلق بحقوق الملكية الفكرية والسلع التكنولوجية المتقدمة،أيضا الصين تشمر عن ساعديها وتعد الإجراءات اللازمة لجعل اليوان -بعد أن قامت بتعويمه-العملة الرئيسية في العالم لتسوية المدفوعات التجارية بين الدول بدلًا من الدولار وهي بذلك تضرب الولايات المتحدة في عقر دارها ؛لأن ذلك سوف يُغير موازين الاحتياطات النقدية لدي مختلف دول العالم بعد أن أصبح الفيدرالي الأمريكي أكبر ممول للاحتياطات النقدية ، وهو يربح من ذلك كثيرًا ،كما أنها تسعي إلي تسوية معاملاتها النفطية باليوان -باعتبارها من أكبر الدول المستوردة للنفط في العالم -في بورصة العقود الآجلة وهو ما يُلحق ضررًا كبيرًا بالولايات المتحدة علي اعتبار أن الدولار الأمريكي هو العملة الرئيسية المستخدمة في التداول.

في ظل سعي الصين إلي جعل اليوان عملة رئيسية لتسوية المعاملات التجارية سوف يدفع مختلف الدول إلي إعادة النظر في هيكلة احتياطاتها النقدية والتخلي عن جزء كبير من احتياطاتها بالدولار وجعله باليوان تسهيلًا لإتمام عملية المقايضة التجارية مع الصين،الأمر الذي بدوره سوف يقلل من قيمة الدولار الامريكي في المعاملات التجارية وبالتالي سوف تتعقد الأمور وتدفع الولايات المتحدة إلي وضع استراتيجيات أكثر فعالية للحفاظ على قيمة الدولار.

بادئ ذي بدء ، فإن قدرة الصين علي تخفيض مشترواتها من سندات وأذون الخزانة الأمريكية سوف يلحق ضررًا كبيرًا بالاقتصاد الأمريكي خاصة أن الصين دائنة للولايات المتحدة بما يقرب من 1.3 تريليون دولار ،وبالتالي فإن قيامها بعمل مثل ذلك سوف يضع الخزانة الأمريكية في مأزق تمويل عجز الموازنة خاصة بعد مطالبة ترامب بزيادة التمويل العسكري من 670 إلي 720 مليار دولار-علي سبيل المثال- في موازنة 2018-2019 وبالتالي فإن عدم وجود ممول لسندات وأذون الخزانة الأمريكية في ظل وجود خلافات بين الولايات المتحدة وبعض دول العالم مثل روسيا سوف يتبعه مشكلات اقتصادية خطيرة تحتاج إلي استراتيجيات جديدة من قبل إدارة الرئيس ترامب للتعامل مع الأوضاع القادمة.

بعد أن بدأت المشكلة تتفاقم تدريجيًا فإن الصين تسعي إلي إحداث تحولات درامية علي الساحة العالمية وتغيير بعض أوضاع التبادلات التجارية بطريقة تتلاءم مع قدرتها التوسعية للأسواق، ردًا علي ما فعلته إدارة الرئيس ترامب من إضافة في التعريفات الجمركية علي واردات الصين والتصدي لها خاصة بعد بدئها في زيادة نفقاتها العسكرية إلي أكثر من 276 مليار دولار ضمن خطة الموازنة الجديدة 2018-2019 والاعتماد علي أحدث الاسلحة التكنولوجية لمواجهة منافسها الرئيسي ولكن يبقي السؤال الذي يدور في كثير من الأذهان وهو هل يستطيع النمر الآسيوي الصمود أم أنه سيقع في مكيدة سياسات رد فعلها ؟