الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نسرين حجاج‎ تكتب : الفيسبوك

صدى البلد

أخذ الفيسبوك بعد ثورات ٢٠١١ شكلا مختلفا وأصبح هو النافذة السياسية التى يتلقى المواطنون أخبارهم منها .

ولكن سأرجع بالزمن قليلا سنة ٢٠٠٧ و٢٠٠٨ حيث كان الفيسبوك أكثر هدوءا وكان هو المستقبل الأساسى بعد موقع " Hi 5" الذى كان يدخله الشباب بغرض التعرف على البنات الأجنبيات وعرض سيرته العاطفية على الجميع من خلال صوره المشارك بها ثم أصبحت قبلة الهجرة متجهة إلى فيسبوك الذى جذبنا بهدوئه ورقيه وبالخدمات التى كانت متوفرة وأهمها كانت الملاحظات وهى المساحة التى كتبنا فيها عما يجول بخواطرنا فهناك من كتب فيها أبياته الشعرية وهناك من كتب فيها فضفضته السياسية وهناك من كتب قصته وذكر شخصيات معه على الفيسبوك وذكرهم ب"تاج" كى يقرؤون ما كتب .

كان الفيسبوك ساحة راقية لمعرفة أناس أخلاقهم راقية فأذكر على سبيل المثال لا الحصر علاقات أسرية تمت عن طريق الفيسبوك مع أصدقاء هم بمنزلة الأهل الان حقا ،لا يربطنا ببعضنا البعض غير المحبة الخالصة لوجه الله وأنشأنا علاقات قوية تميزت بقوتها على أرض الواقع ،أجمل ما فى هذه العلاقات هى التعدد الثقافى المثمر الذى حدث لى والإثراء الذى دخل على شخصيتى فى جميع المجالات .

فى الفيسبوك تعرفت على صحفيين وإعلاميين مثلى من دول اخرى وتعرفت على مهن بعيدة كل البعد عنى كالطيار وأساتذة الجامعة من دول اخرى ايضا .

تعرفت على سيدات فضليات أخذت منهن ثقافات بلادهم بألوانها المتعددة بالخليج ، تعرفت على السياسيين المشهورين بالخليج والفنانين والشعراء وما كنت أدرى بأن هناك كل هذا الكم والانفتاح بالخليج لم أكن أدرى أن المرأة بالكويت لها شأن متميز فى السياسة خصوصا بالبرلمان .

هناك بلد عشقتها وأصبح لى أصدقاء متعددين بها وأصبحت من الدول المتميزة عندى أتابع اخبارها يوميا أتابع الرياضات المختلفه أتابع مسابقات الصقور أتابع دخول المدارس ومرور شيوخها على المدارس لتفقد الحالة التعليمية أتابع مسابقات الخيول المذهله وأتابع أيضا مهرجاناتهم الدولية المبهرة للعين وللحالة الثقافية العامة وأتابع غناء الشلات لدرجة أننى عرفت نبات أو ثمرة الفقع التى تخرج من الطبيعة الصحراوية دون تدخل بشرى وتعرفت أيضا على حشرة "بنت القمر" وتعرفت وتابعت من هذه الدولة .

إنها دولة الإمارات نعم هذه الدولة التى عشقتها من قبل أن أزورها وتابعت اخبارها وكأننى أعيش فيها وأعرف السبع إمارات وأتابعهم عن قرب .

وأتابع السعودية والكويت والبحرين وعمان والعراق ولكن هدأت أخبار العراق بعد ٢٠١٢ فما عدت أتابعها مثل قبل
والأردن وكندا وأمريكا ولايتين فقط وأسبانيا سياحه فقط وإيطاليا كحياة يومية ولندن .

لأن أصدقائى يعيشون ويستوطنون أراضيها فأرى الحياة من منظورهم وبالتأكيد ليست هذه الحقيقة المطلقة ولكنى أتابعها أيضا من عيون "بلوجر" "السوشال ميديا" وأيضا لى سيرشاتى التى أبحث بها عن كل بلد تستهوينى أخبارها.

ولا أنكر أن شخصيتى تأثرت ونمت بشكل سريع وتبلورت ليخرج منى كوكتيل ثقافات عربية أوروبية ولكن بإطار مصرى.

"السوشال ميديا" قربت الدول وجعلتها أقرب مما نتصور فأصبحنا وكأننا نعيش فيها بشكل يومى "الإنستجرام" و"سناب شات" أكمل مسيرة الفيسبوك فإنطلقنا منهم للعالمية لنتابعهم عن قرب بل داخل بيوتهم وفى صباحهم ومسائهم أصبحت أعرف حالة الطقس فى بلاد أوروبية قبل أن أتابع الأخبار ودرجات الطقس فى المواقع.

كان للفيسبوك الفضل الأول بشكل شخصى فى تعدد مصادر ثقافاتى لتخرج للعالمية بعد أن ظلت حبيسة المحلية لسنوات وسنوات برغم علاقاتى الخليجية التى تمتد على مستوى أسرتنا من قبل ظهور الفيسبوك ولكنى هنا أتكلم عن التشعب والتعمق ، اكتشفت حقائق كثيرة جدا مغلوطة نعرفها عن الخليجيين وإكتشفت منابر ثقافية وفكر راقى لم أكن أعلم بوجودها تابعت المنتديات الثقافية بإهتمام تعرفت على شخصيات أعطتنى معلومات خاصة ومعلومات عامة مهمة جدا.


تعرفت على أطباء تخصصاتهم نادرة منهم من يتدخل بجراحة الأجنة فى رحم الأمهات ومنهم من يتخصص فى نوع نادر من جراحات أورام المخ الخبيثة ومنهم من يتخصص فى جراحات تشوه فى العمود الفقرى فإنه عالم كبير إتسعت عينى لرؤيته.


علمت أيضا عن أناس "الأهواز" "والشيعة" بشكل عام وما كنت أدرى عنهم غير المسمى ، وأيضا تعرفت على العراق بشكل قريب سنة ٢٠٠٨ وما كنت أعلم عنهم غير صدام والغزو والحرب بشكل عام ، أيضا علمت أن الأردنيين نوعين الأصوليين أصحاب البلد والمجنسين وأصولهم فلسطين أيضا تعمقت فى السعودية وتعرفت على القبائل والعائلات "العتيبى، الدواسر،المطيرى،الشيخ...الخ
وهذه القبائل أيضا تمتد أنسابها إلى الدول الخليجية الأخرى .

ومن المعلومات المغلوطة أن تاريخ السعودية ١٠٠ سنة فقط كما نردد وهذه معلومات خاطئة ولكنه تاريخ كبير وهجرة وحرب وكانت تسمى فيما قبل بالدرعية وبعد هجوم العثمانيين عليها بقيادة إبراهيم باشا وتم مساعدة الكويت للإمام عبدالرحمن الفيصل وإبنه الصغير عبدالعزيز الذى ولى نفسه فيما بعد ملك المملكة العربية السعودية بعد أن وحد الجزيرة العربية وهذه كانت السعودية الحديثة ولكن يوجد قبلها الاولى والثانية تاريخ كبير فى شبه الجزيرة العربية، أحب أصدقائى المثقفين الذين يذكرون لى تاريخ بلادهم وذكريات أجدادهم الدول العربية مليئة بالكنوز التاريخية.

تعرفت على رجال أعمال مهمين بسطاء وعلى طبيعتهم بعكس ما يعرف عنهم وعن غناهم الفاحش ،تعرفت على أسر منهم بمجرد زيارتهم لمصر يتصلون بى ونتقابل ونشأت علاقات أسرية قوية بينى وبينهم .

أيضا لم أكن أعلم أن فى الخليج أسر محدودة الدخل وهناك فقراء أيضا ، كنت أظنهم جميعا أثرياء وكانت الصورة الذهنية عن أى خليجى هى الصورة التى تلقيناها جميعا من الأفلام المصرية الذين صوروهم لنا على انهم "كروش وفلوس"متنقلة تأتى لتبحث عن شهوتها فى "كباريهات" شارع الهرم فقط .

لا أنكر أن هناك مثل هذه الفئة الضالة والتى تتعالى على سواق التاكسى وعلى بائع الكشك وعلى رجل الريسبشن فى الأوتيل ...الخ
ولكن هؤلاء قلة فى المجتمعات الراقية فى الخليج .

لقد حدث فى الخليج طفرة بعد أن أرسلت الأجيال إلى الخارج لتدرس وتعود بعلم ينتفع به وعادوا وكانوا منابر للتغيير والإنفتاح والتطور المجتمعى والفكرى والمهنى لدرجة ان دولة كالإمارات جهزت مؤتمر علمى كبير وكان يتكلم عن ما بعد البترول يفكرون لغدا ، وهذا ليس محور المقال وسأفرد له مقال خاص بعد ذلك .

نعود للفيسبوك الذى كان شئ قبل ثورات ٢٠١١ وأصبح شئ اخر بعد هذه الثورات ومن تابع منذ البداية سيعرف ويعلم مقدار التغيير سواء على مستوى الخدمات المقدمة أو على مستوى الأشخاص أو حتى على مستوى الإعلانات وحالات النصب التى أصبح بيتها الفيسبوك .

أصبحت أشعر بالملل على الفيسبوك وما عاد يستهوينى ما كان يستهوينى من قبل لأن سلبياته تعددت وأصبحت أكثر من إيجابياته ، كم من الشائعات التى أراها يوميا وأرى الجماهير يأخذونها بمحمل الجد إلى هذا الحد وصلنا من التدنى الفكرى والثقافى.
أصبح مصدر المعلومة السياسية أو أى شئ يخص البلد نتلقاه من صفحات خاصة مجهولة ومع هذا نصدقها وتنتشر كالنار فى الهشيم .

درسنا فى كلية الإعلام شئ مهم جدا أعتقد أنه من المنجيات فى حياتنا وأذكرها كثيرا لأصدقائى المقربين وهو علم الإشاعة وسألخص سريعا الفكرة .
الإشاعة :هى جزء من الحقيقة مغلف ببعض الأكاذيب
وتوجد ثلاث أنواع من الإشاعة :
⭕ البيضاء
⭕ والرمادى
⭕ والسوداء
فإذا سألتكم أى نوع من هذه الألوان أخطر فى نظركم دون أن تقرؤوا السطور القادمة ؟

أخطر أنواع الإشاعات هى الإشاعة البيضاء لأنها من كثر بياضها ونقائها أمامك تصدقها على الفور ولا تدع مجال للشك نهائى بداخلك .

أما الرمادى فتحتمل التصديق والتكذيب بها شك طول الوقت لو قرأتها تصدقها ولو قرأتها مره اخرى تكذبها .
وأما الإشاعة السوداء فهى لا خوف منها لأنها بمجرد سماعها أنت تنكرها ولا تصدقها .

فمن درس الإعلام سيتفهم خريطة التدليس التى أصبحت على الفيسبوك ويقرأ حقائق الأمور أولا بأول ويحلل كل شئ يقرأه .
أما الجماهير الغفيرة فسينشرون ويرددون ووو... الخ
الفيسبوك أصبح "شرك" للشعوب يقعون فى فخه بمجرد تصديقهم لكل ما ينشر عليه وأصبحت الصفحات الرسمية للوزارات والهيئات الحكومية بها تشكيك عند المواطنين الحرب معلنة ومع ذلك لا نراها.

تذكرت الأن وأنا أكتب منشور يتناوله العامة على "الواتساب" هو منشور من وزارة الداخلية تعلن فيه أن هناك ملثمين يقتحمون كذا وكذا .... الخ
لا يهمنى المحتوى لأن أول سطر كافى بالنسبة لى أن أكشفه هل "يا متعلمين يا بتوع المدارس" وزارة كوزارة الداخلية وزارة بهذا الحجم وبهذه الإمكانيات وبهذه الإدارات العديدة تنتظر العامة ينشرون منشور لها لإغاثة المواطنين على "الواتساب" !!

هل إنعدمت الصفحات الرسمية للدولة أو الجرائد الرسمية أو التليفزيون الرسمى للدولة كى يتم نشر هذا المنشور بهذا الوضع المشين .
وهناك منشور اخر يقول فى بداياته
أعلنت وزارة الداخلية فى التليفزيون الرسمى اليوم كذا وكذا ... "طيب يا نفس المتعلمين يا بتوع المدارس" من نشر هذا المنشور ليحذر الناس وجزاه الله الف خير أليس من الأسهل والأدعى للتصديق أن ينشر الفيديو للقناة المذاع عليها الخبر بدلا من كتابته ونشره !!

المقصود هنا أن ليس كل ما ينشر قابل للتصديق فلقد تحولت وسائل "السوشال ميديا" مصدرا هاما للمعلومة وأصبحت الدول موضع تشكيك ؟
ووسائل التواصل الإجتماعى من أى غرف مخابراتية تدار !!
لمصلحة من تدار حرب الإشاعات والتشكيك ؟
"يا متعلمين يا بتوع المدارس"