الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. محمد الشريف يكتب: 1000 طبيب فى مبادرة دعم صحة المرأة المصرية

صدى البلد

باختصار شديد، تعاني مصر من نقص كبير فى عدد الأطباء يصل إلى وجود طبيب واحد لكل 800 مريض، فى مقابل طبيب لكل 350 مريضا كنسبة عالمية، بخلاف أن عدد الأطباء هنا لا يتعدى 100 ألف يعمل الواحد منهم لدى المستشفيات الحكومية مقابل ما يعادل 70 دولارا شهريا، فيما تسهم الجامعات الخاصة بنحو 1000 خريج مقابل 9 آلاف بالجامعات الحكومية سنويا، فيما يتواجد نحو 69 ألف طبيب بالسعودية وحوالي 20 ألف طبيب مهاجر بأمريكا واستراليا وكندا حيث معدلات الدخل أعلى ومناخ العمل أفضل.

الأرقام والإحصائيات تسأل عنها نقابة الأطباء بالتأكيد، لكن إحصائيات أخرى لابد لممارسي المهنة على الأرض ذكرها وتكرارها والاعتراف بها طالما حملوا رسالة للإنسانية وهى حفظ وحماية البشر من المرض، ففى مصر تواجد نحو 12 مليون مريض بفيروس "سي" قبل بدء حملة قومية لمكافحته، ومعدلات أمية تقترب من معدلات الفقر ومثلهما معدلات ونسب إنفاق وإعالة المرأة للأسرة، وعليه توجب قراءة مضمون المجتمع الذي يعيش فيه الطبيب ليحدد دوره، هل هو استقبال القادر وحده على سداد "خدمة" العلاج أم أن الرعاية الصحية "حق" تكفله الدولة للجميع، تدعمها مبادرات العمل الأهلي والأفراد؟

من هنا تأتي مبادرتنا التى نتمنى نشرها فى 27 محافظة لرعاية الفئات غير القادرة، ومفتاح الوصول إليها هو دعم ورعاية صحة المرأة المصرية، والمبادرة تحتمل دخول 1000 طبيب فى خمسة تخصصات رئيسية على الأقل مهمتهم حماية مستقبل الأسر البسيطة من أهالينا، انطلاقا من العناية بصحة المرأة ذاتها، ولم لا ونحن أمام إحصائيات تؤكد رعايتها ثلث الأسر المصرية، وتحملها معها فاتورة الإصلاح الاقتصادي كعائل، إلى جانب استهداف تمكينها اقتصاديا وسياسيا ضمن استراتيجية 2030 والتى لن يكون لها حضور قوي خلالها دون صحة جيدة بالتأكيد.

المبادرة تنطلق من الشعور بالمسئولية المجتمعية للأطباء والمستشفيات والمؤسسات الخاصة وشركات الأدوية، وتسهم فيها لجان المرأة بالأحزاب والنقابات والجمعيات وكذلك الاتحادات العمالية والتجارية والصناعية والمستثمرين، وهدفها الأسمى الوصول إلى المرأة المصرية ببيتها ومكان عملها وتقديم الدعم الصحي والعلاجي لها واكتشاف أمراض مسكوت عنها لضيق ذات اليد والتعامل معها فورا بالتدخل الطبي العلاجي والجراحي أيضا.

معلوم بالضرورة للجميع أن مبادرة كهذه لها تكلفتها ولها أيضا من العائد على الوطن أولا ما يمكن أن يسهم فى تحريك عجلة التنمية بحماية صحة الفرد العامل، أو قل المرأة العاملة أيضا، وعنوان التكلفة الأسمى والأكثر لياقة مع المستقبل هو الاستثمار فى صحة الإنسان المصري وليس على حسابها، فصحة الإنسان وحمايتها هى السبيل والضمانة الأولى لضمان الحديث عن اقتصاد قوى فى المستقبل يتحمل معه الفرد تكلفة إجراءات إصلاحه والتحول به من شكل ونمط إلى جديدين مختلفين يسيران ويتواكبان مع التوجهات العالمية الجديدة.

وفى الحقيقة، لا توجد دولة فى العالم لا تستثمر فى صحة الإنسان، انطلاقا من شعورها بالمسئولية تجاهه، كما تشاركها مبادرات أصحاب الأموال والأعمال والشركات والأفراد انطلاقا من الشعور بالمسئولية المجتمعية التى تحمي استثماراتهم ومستقبلها أيضا، فمن غير المنطقي أو المقبول بقاء استثمار بين بشر غير قادرين على الشراء والاستهلاك، أو مبددين طاقاتهم الشرائية فى الإنفاق على أمراض متوطنة أو خطرة أو علاجات مرتفعة الكلفة.

مبادرة دعم ورعاية صحة المرأة المصرية، خاصة المرأة المعيلة مع التركيز عليها وأسرها، تنطلق قريبا، ومعها حلم جديد لحماية مستقبل الأسر المصرية، سيشارك فيه كثيرون لا محالة، ومهما كانت الكلفة والإمكانات الأولية المتاحة، ستجد المبادرة كل الدعم، وتستمر، وقد انطلقت على الأرض بالفعل دون إعلان.

الكاتب استشارى أمراض النساء والتوليد والعقم وجراحات المناظير زميل كلية الدراسات الملكية لأمراض النساء بإنجلترا.