الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علاء عبد الحسيب يكتب: الفساد ونظرية البعوض

صدى البلد


لو أن شخصًا تربى وعاش وسط بيئة مُحاطة بالأوبئة.. هل يمكن أن ينجو من الأمراض؟.. هكذا «المسئول» الذي قرر أن يرتشي ويسرق قوت المواطن، فقد عاش على مدار سنوات عديدة في كنف أنظمة بائدة، لم تفكر في القضاء على غول الفساد، ولم تضع منظومة رقابية صارمة لمحاسبة المُرتشين قبل أن يرتكبوا هذه الجريمة المخلة بالشرف.. حتى عاث البعض منهم فسادًا في الأرض، وتناسوا إجراءات الدولة الأخيرة والصارمة في مواجهة هذا الخطر الداهم.

والحقيقة إن يقظة جهاز الرقابة الإدارية التي نراها كل يوم في صورة ضربات متلاحقة على رؤوس الفاسدين، بمثابة حدث كبير يُحسب ضمن إنجازات القيادة السياسية، ولا يقل أهمية عن المشروعات القومية التي تبنتها الدولة منذ أن تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد.. لكن في نفس الوقت دعونا نعترف أن تركة الفساد ثقيلة علي هذا الجهاز، وتحتاج بجوارها إلى حزمة إجراءات سريعة لمحاصرة المفسدين الذين يتربّعون على عرش المؤسسات، ويتولون شئون الملايين من المواطنين.

وحتى لا نتعامل مع ملف الفساد في مصر بـ«نظرية البعوض»، نطارد الذباب ونترك المستنقع، فقد بات ضروريًا إعادة النظر في الجهاز الإداري بالدولة الذي مازال يعاني من البيروقراطية والمحسوبية كحال جميع دول العالم المتقدمة التي طهرت مؤسساتها من الفساد، مع ضرورة ربط العمل بالإنتاج كأحد أهم إجراءات الإصلاح التي تتبناها الدولة مؤخرًا، إضافة إلى التدقيق في التقارير التي تكتبها الجهات الأمنية والرقابية اللازمة قبل ترشح المسئول لمنصبه، خاصة في المناصب الرفيعة التي يصدق الرئيس على قرارات اختيار المسئول.

غياب الردع منذ سنوات طويلة والاكتفاء بالعقوبات التقليدية صّور للمرتشين أن الفرصة أمامهم ما زالت سانحة للتمادي في وقائع الابتزاز وتقاضى الرشوة بمؤسسات الدولة دون مسائلة، ودون أن يعلموا أننا في عهد جديد يرفض أن يتعايش مع غول الفساد، ولا يسمح بوجود المُرتشين والفاسدين بين دهاليز هذه المؤسسات، ويحاسب الجميع «الوزير» و«الغفير» دون مجاملة أو مفارقة، كما أنه يحاول جاهدًا أن يقضى علي ثقافة الفساد التي استشرت في المجتمع.

تداخل الاختصاصات بين المؤسسات والوزارات والهيئات خاصة في ملفات تقنين أراضي أملاك الدولة وملفات تراخيص المشروعات والاستثمارات وإجراءات تخصيص الأراضي، وكذلك غياب منظومة «الشباك الواحد» في بعض مؤسسات الدولة الخدمية أسباب رئيسية في انتشار ظاهرة الرشوة بين الموظفين.. لذا بات من الضروري تخصيص «جهات مستقلة» تشرف عليها أيادِ أمينة لإدارة شئون هذه الملفات.

وأخيرًا .. كل التحية والتقدير لجهاز الرقابة الإدارية بقيادة اللواء محمد عرفان الذي يبهرنا كل يوم بالجهود التي يبذلها أبناء هذا الجهاز للقضاء على فساد المؤسسات والإيقاع بالمرتشين والفاسدين في فخ المحاسبة.. إيمانًا من الجميع بأن هذه القضية لا تقل خطورة عن تحديات كبيرة تواجه الدولة على رأسها ملفات الإرهاب والبطالة والجهل والفقر.