الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب البراهمي تكتب: كيف نعزز الانتماء

صدى البلد

أمس وعقب انتهاء برنامج شارع الجنوب لحقت بالقطار الإسباني وهو آخر قطار مكيف يقوم من أسوان، وفي محطة الأقصر صعد شابان يبدو عمرهما في أوائل الثلاثيات، وكانا مثلي غير حاجزين جلس أحدهما على المقعد بجواري والآخر جلس علي مسند المقعد المقابل، ودار بينهما حديثا سمعته كله بحسب المسافة القريبة، تحدثا عن شخص قريب لهما أنه عندما تعرض لجلطة لم تقبله مستشفي قنا العام لعدم وجود متخصص وقالوا لهم اذهبوا إلى مستشفي الأقصر الدولي وذهبا، فأشاروا عليهم بنقله إلي أسيوط، وتوفي الرجل في الطريق، وجعلا يتحدثان عن عدم جهازية المستشفي وعدم وجود الدواء ولا حتي وجود الأشياء البسيطة اللازمة للإنقاذ.

ثم قال أحدهما للآخر (يا أخي دا الأجهزة مازالت كما هي بالكرتون بتاعها وما أتفتحت) فرد عليه الآخر: علشان يشغلوا المعامل اللي في الخارج وأجهزة mRI ويأخدوا نسبة لهم منهم، ثم قاله هي جات علي دي عارف الوجبة اللي بيحسبوها علي المستشفي بمبلغ 85 جنيها لا تساوي 25 جنيها، هي ربع فرخة وشوية أرز وخضار مسلوق.
فرد الآخر أكيد بياخدوا الفرق في جيوبهم وحد في الوزارة بيساعدهم (طبعا ذلك محسوب على الدولة أي علي المواطن).

وقال له انت عارف انا بكتب الدواء للمريض وعارف إنه مش موجود بالمستشفي، ومش بقول له اشتري من بره لكن بأخلي مسئوليتي وأكتب هذا الدواء غير متوفر فيبقي قرار المريض شراؤه من الخارج من تلقاء نفسه.

ثم قال ما هو الأخطر والأهم من وجهة نظري أنا إن الأدوية المزمنة والخاصة بالسكر والضغط نستوردها وقد لا نتمكن من الاستيراد بسبب الدولار، وهنا تدخلت في النقاش، قلت لهم معذرة للتدخل ولكني اسمع الحديث، وسألتهم أنتم أطباء قال أحدهم أنا طبيب والآخر قريب له، وقلت له أنا ليا صديقة كانت تعمل في مصنع سيديكو ومصنع آخر بالسادس من أكتوبر لتصنيع الدواء، فقال لي: الدواء مستورد . فقلت له هي قالت لي جسمها أخذ مناعة من المضاد الحيوي لانها دوما تتذوق تركيبة دواء الأطفال لمعرفة تقبل الطعم من الطفل.

فكان رده أن المصانع هنا تعبئة فقط ولكن المواد الخام تأتي من الخارج.

الخلاصة يا سيادة الوزيرة.. المنظومة كلها تحتاج إصلاح وذلك بدءا من الآتي:
- لا توجد بالمستشفيات ولا المراكز الصحية أمصال لدغات العقارب والثعابين وذلك على مستوى قرى الصعيد ومستشفيات المدن التي تتبعها تلك القرى.

- ولا يوجد بالوحدات الصحية أطباء مقيمين وأقترح أن يكون طبيب الوحدة من محافظة بعيدة جدا عن عمله لكي يبيت رغما عنه ويخدم المرضى.

- لا يوجد سرنجات ولا أبسط الأشياء الضرورية اللازمة للعلاج أو الإسعاف الأولي.

-المستشفيات لا يوجد بها طبيب دائم، وفي الاستقبال يطلبون من المرضي شراء العلاج وتقريبا الطبيب الموجود ليس لديه القدرة على التشخيص السليم، وأغلب الذين يدخلون المستشفى يموتون او يتعرضون لمتاعب أكثر بسبب عدم الإنقاذ السريع.

- أغلب الأطباء الذين تعلموا على حساب الدولة ومن ميزانيتها أخذوا إجازات بدون مرتب وتفرغوا للعيادات الخاصة صباحا ومساء، وبعضهم يتهرب أساسا من الذهاب للمستشفى رغم أن ذلك حق الدولة عليه لأنه تعلم من ميزانيتها.

- يوجد مستشفيات تم الانتهاء من بنائها ولكنها لا تعمل ويوجد لدينا مثال بالصعيد (شرق النيل بنجع حمادي)، مستشفي على مساحة 5 أفدنة بها حجرات عناية مركزة جاهزة للتشغبل وحجرات أخري للكشف والعمليات ولا تعمل ولا يوجد بها أطباء .

- يوجد أيضا في المستشفيات علي مستوي الجمهورية نقص في الزيت الذي يستعمل قبل الآشعة بالصبغة .

- لا يوجد رقابة أساسا حتى على الأدوية والمستلزمات التي يتم تسليمها للمستشفى ولا ندري من يأخذها ولا يبيعها.

- المستشفيات الخاصة لدينا لا يوجد بها طبيب مقيم إطلاقا ويوما ما ذهبت إلي أثنين من المستشفيات الخاصة في بلدي وما وجدت غير ممرضة وحيدة بعد الظهيرة وبالليل، فلماذا التصريح بالمستشفيات الخاصة إذا كانت لا تقدم خدمات وكل ما تفعله هو القيام بالتوليد القيصري، ولا يوجد طبيب للإنقاذ السريع.

كما أريد طرح سؤالا مهما ماذا نصنع في مصر إذا كانت السرنجات مستوردة، وأدوية الضغط والسكر مستوردة، وكل الأدوية يتم تصنيع تركيبتها بالخارج ونحن نعبئ فقط.

على فكرة سألت الطبيب قبل أن أنزل نجع حمادي. هل تسمعون السلام الجمهوري؟ فأجاب أه والله كل يوم وسمعته النهاردة الصبح وقلنا النشيد.

الانتماء يا سيادة الوزيرة يحققه توافر ما ذكرته لحضرتك على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، ولا أملك المستندات الدالة على ما كتبت فأنا لا أتقدم بشكوى رسمية، ولكن أنقل لك حقيقة الوضع في 90% من المستشفيات العامة أملا في تصحيح الوضع والمراقبة والذهاب إلي الأماكن النائية ومتابعة العمل بها، ليتحقق الانتماء.