الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

احلق دقنك


يحكون عن قصة حدثت فى عهد سيدنا سليمان عليه السلام يقولون فيها ان عصفورا استبد به العطش فاقترب من احدى البحيرات ليرتوى من مائها فوجد اطفالا يلهون حول البحيرة فانتظر حتى ينتهوا حتى لا يصطادونه وعندما مشوا جاء رجل ملتحٍ فاطمأن العصفور وقال انه رجل متدين ويطلق لحيته وهذا يعنى انه يعرف اصول الدين ولن يؤذينى وسيتركنى اشرب وامضى فى سلام وامان ..

وبالفعل طار العصفور ونزل بجناحيه بالقرب من الرجل الملتحى وعندما هم بأن يرتشف قطرات المياه حاول الرجل ان يصطاده وضربه بحجر فاقتلع احدى عينيه ، وذهب العصفور لسيدنا سليمان يشكو اليه ما فعله به الرجل الملتحى وقضى نبى الله بأن تقلع عين الرجل جزاء ما فعل بالعصفور الا ان الاخير رفض ذلك الحكم وطالب بأن يستبدل بحلق الرجل ذقنه لانها خدعت العصفور وظن انه لن يؤذيه ..
 
هذه القصة واظب الدكتور حاتم ان يقصها على طلابه طيلة عمره التدريسى الذى اقترب من نصف القرن ففى كل محاضرة لطلابه الجدد من كل عام دراسى جديد يقص عليهم هذه القصة ويختتمها بجملة لا تغرنكم المظاهر فليس كل من يرتدى لبسا فخما هو من علية القوم وليس من يطلق لحيته متدينا ومن يحلقها غير ذلك .. 

ودكتور حاتم له قصة تقترب معانيها من القصة التى يقصها على طلابه مؤكدا فى بدايتها انه لا يستطيع الجزم بأنها حقيقية من عدمه ولكن مغزاها هو الحقيقى . حاتم كان من اسرة ارستقراطية ذات حسب ونسب ابوه كان حكمدارا ووالدته كانت "هانم" من هوانم الاسر الفخيمة وكانت تمارس الطب النسائى وتعد اول طبيبة فى المحروسة كلها ،عرف عن اسرة حاتم التواضع رغم ما هم عليه من رقى وعلو شأن ومكان ومكانة جعلت الكل يفخر بأن له صلة من قريب او بعيد بهذه الاسرة الطيبة الاصول.
 
حاتم له اخ واخت تزوجا وسافرا واستقرا فى اوروبا ولم يعودا الى مصر وعبثا حاولا ان يأخذا معهما حاتم الذى رفض البقاء بالقرب من والديه حتى وافتهما المنية واحد وراء الاخر خلال عام، واطلق عليه حاتم عام اقتلاع الجذور. عندما مات ابواي جددا اخواه طلبهما بأن يذهب اليهما ويعمل هناك وخاصة انه حاصل على اعلى الدرجات العلمية فى فرع الانثربيولوجى ذلك العلم الذى عشقه حاتم وتفوق فيه ، وللمرة الالف يرفض حاتم ويوزع الميراث بعدل الله على اخيه واخته مع استسماحهما بان يتركا له بيت العائلة ووعدهما بأن يكون مستقرا لهما ولاولادهما فى اجازاتهما ويوافق اخواه بطيب خاطر ..

وتمضى السنون ويتزوج حاتم ويُرزق بخمسة ابناء اربعة ذكور وفتاة ملكت قلب ابيها وعين امها وصارت دلوعة البيت والدنيا كلها . تعاملات حاتم كلها كانت راقية ودائم العطاء والمسامحة حتى مع من تسببوا بألمه وايلامه ، الا ان الايام كانت تحمل له جرحا كليرا جاءه من شاب تعرفت اليه ابنتهما الوحيدة واهما اياها بأنه من عائلة عريقة النسب والاصول ولان ابنة حاتم كانت حسنة النية فقد صدقته واجبرت اباها وامها واخوتها على قبوله ورفضها التام للسؤال عنه لانه مهما قالوا وعرفوا عنه لن تتركه ..

وزفت اليه فى حفل بهيج تحمل ابوها كل نفقاته لاسعاد وحيدته وبعد شهر عسل دفع تكاليفه إخوتها الذكور كهدية منهم لاختهم الوحيدة .. عادت اميرة ولذلك كان اسمها حزينة منكسرة شاحبة رافضة الحديث مفضلة الصمت والانزواء فى احد اركان غرفتها فى بيت ابيها العريق. 

عبثا حاول الكل ان يعرف ماذا ألم بها ليقابل هذه المحاولات اصرار الزوج على عودتها الى بيت الزوجية الذى كلما سمعتهم اميرة يتحدثون عنه تصرخ وتبكى ، وفى يوم جاءها زوجها فى غياب افراد عائلتها ليعيدها قسرا وترفض ويجبرها على ان تعود معه ويجرجرها من شعرها امام جليستها ومربيتها، الني تحاول ان تخلصها من يديه الا انه يمد يده عليها ويصفعها ويركلها ويتركها تنزف ويعيد معه اميرة الى بيتها قسرا. 

وبعودة الاب والام والاخوة تقص عليهم المربية ما حدث فيهرعون الى مكان اقامة اختهم، الا انهم لا يجدونها بل ان حارس العقار يخبرهم ان الشقه لم تعد ملكا لزوج اختهم وانه باعها وهو فى شهر العسل .. ذهبوا الى اهله الذين جاءوا معه فى الخطبة والزواج فأقروا بأنه ليس ابنهم فأبواه يعملان عندهما خادمين منذ اكثر من نصف قرن وطلبا منهما ان يمثلا دور الابوين الحقيقيين من اجل العشرة وسنين الخدمة الطيبة ولان ابنهما متعلق بهذه الفتاة ويهددهما بأن يقتل نفسه اذا لم يتزوجها وعليه فقد وافقنا ومن يوم زواجهما واختفت اسرة الفتى ولا ندرى اين ولا لماذا.

تنقل حاتم وابناؤه للبحث عن اميرة الى كل الاماكن من الاقسام الى المستشفيات حتى الدجالين والسحرة ذهبوا اليهم ولم يعرفوا مكان اميرة وحتى الان يبحث حاتم عن ابنته مفترضا كل اسباب الاختفاء الا ان تكون ابنته قد اغتالها صاحب اللحية ..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط