الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أمك شجرة


فى اندونيسيا موروث ثقافى شعبى يتداوله الابناء عن ابائهم وأجدادهم وفيه يحكون عن طفل صغير كان يذهب كل يوم للعب حول الشجرة التى من حبها فيه منحها الخالق القدرة على الكلام مع هذا الطفل والضحك معه والفرح له والحزن عليه، اى انها كانت تسعد لسعادته وتحزن لحزنه وتفعل اى شىء وكل شىء يجعله سعيد ا ويمسح عنه دموعه.

مرت سنوات وصار الطفل صبيا وجاء للشجرة فقالت له العب معى فرد عليها انا لم اعد صغيرا لكى ادور حولك واختبئ بين اغصانك ويصبح هذا اسلوب لعبى انا كبرت واريد ان يكون لدى لعب خاصة بى العب بها ككل اصدقائى انا حزين لاننى لا املك لعبا ، فقالت له الشجرة على الفور لا تحزن اجمع ثمارى وبعها واشترِ بها لعبا ، فرح الولد وجمع الثمار وذهب ولم يعد ؛ وظلت الشجرة تنتظره وتتطلع لرؤيته، وبعد سنوات عاد اليها ففرحت، وقالت له ؛ هيا نلعب معا ونستعيد ايامنا الجميلة.

فنظر اليها شزرا وانبها على ما قالته واضاف عليه بتكبر وعلياء بأنه صار رجلا وبحاجة لبيت يعيش فيه هو وعائلته ولكنه لا يملك المال لبناء هذا البيت وهو حزين لانه لا يستطيع فعل ذلك ، وساعتها تقول له الشجرة لا تحزن اجمع اغصانى كلها واصنع منها البيت ويفرح الشاب بعرضها ويجمع اغصانها فتصبح بلا ثمر ولا اغصان ولكنها سعيدة لإسعاده ويذهب ويتركها تنتظر عودته ويعود بعد سنين اليها وتستقبله بنفس الفرحة المعتادة منها حينما تراه ولكنه يقابلها بتجهم وحزن فتسأله لماذا انت حزين وهل عودتك لتلعب معى ونستعيد ايامنا الجميلة فينهرها ويقول لها انا اشعر بملل وضيق واريد ان ابحر حتى اجدد حياتى وارفع من معنوياتى ولكنى لا املك ثمن الابحار وليس لدى مركب آخذه وابحر به لأستعيد نشاطى وسعادتى .

وساعتها تقول له الشجرة لا تحزن خذ جذعا من جذوعى واصنع منه مركبا وابحر به واسعد نفسك فيهلل وبالفعل يقتلع منها جذعا ويصنع مركبه ويغيب عنها وهى كعادتها تنتظره وتمضى السنون ويعود اليها ولكنه اصبح متقدما فى السن وعندما تراه بقدر سعادتها بقدر حزنها بأنها لم يعد لديها ما تعطيه له فتقول له وكلها حزن لم يعد لدى ثمر لتأكله او تجمعه لتبيعه فيرد عليها بأنه لم يعد لديه اسنان ليقضم بها الثمر ولم يعد راغبا فى شراء لعب لانه كبر ، فتقول له وانا اغصانى كلها ذهبت ولم يصبح لدى غصنا مفعما بالحياة اعطيه لك او اتركك تتسلقه لتمرح ، فيخبرها بأنه لم يعد قادرا على تسلق الاغصان ولا راغبا فى هذا النوع من المرح فتسابقه بقولها وايضا جذوعى كلها خارت واندثرت فيربت عليها ويقول لها كل ما احتاجه هو الراحة فقط اريد ان اتمدد بجوارك لأشعر بالامن والامان فتحضنه الشجرة وتنسى جفاءه وغيابه وتموت فرحا بقربه منها .

وعندما تختتم القصة يعرج من يقولها على مستمعيه ويسألهم ما الشجرة فيجيبون كلهم بصوت واحد هى امنا الصغرى وامنا الكبرى كلتاهما تعطى بلا انتظار ونحن نأخذ بلا شكر من كلتيهما من أمنا الوراثية وامنا النهائية وهى مصر .. الوطن.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط