الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ميس رضا تكتب: فى العودة إليك يا وطن.. نازح أنا أم لاجئ

صدى البلد

أبكي على شام الهوى بعيون مظلوم مناضل وأجوب فى ساحاتها بين المنازل والمساجد.. رباه سلم أهلها واحمي المداخل والمخارج واحفظ شعوبنا عن الشمائل واليمائن،،،،،، وتستمر رحلة المعاناة داخل وخارج الوطن السورى بعد سنوات من تمزق الشعب السورى خارج الوطن الذى أصبح ملاذ لمزايدات سياسية خارجية.

مأساة الشعب السوري لا يمكن أن يصفها إلا من عاش وسط ويلات الحروب صوت القذائف ورائحة الموتى ومشهد البنايات وهى خاوية على عروشها.. معاناة بشر فقدوا كل شىء فى ظل أزمة استمرت أكثر من سبع سنوات.
أن تستعيد سوريا مواطنيها النازحين، فذلك مشروع إنساني عظيم أتمنى أن لا يدخل ذلك الأمر في المزايدات السياسية والتى تزيد من قتامة المشهد، ولكن الظروف الخطيرة فى سوريا الآن هل تسمح باستقبال 5 ملايين لاجئ موجودين حاليًا في الدول المجاورة لسوريا، وماهى الضمانات لانتقال هؤلاء الأشخاص فى ظل صراعات قائمة على الأرض؟.

النازحون وإن عادوا إلى وطنهم سوريا في غياب مشروع الإعمار لن يكونوا سوى كائنات مظلمة لا ظهور لها وخاصة مع دعوات روسيا بقوة إلى طي ملف النازحين واللاجئين السوريين لأسباب سياسية واضحة تخدم مصالحها. 

ويبقى السؤال الذي يشغل بال كل سورى أخرجته الحروب قسرا من وطنه ويرغب فى العودة لبلاده بعد انتهاء العمليات العسكرية في الكثير من المناطق وعودة الاستقرار إليها.. كيف سيتم التعامل معهم أمنيًا ؟

أولئك النازحون ليسوا سياسيين ولا علاقة لهم بالأنظمة السياسية، وإن أحكمت السياسة طوقها على رقابهم ودفعتهم للهروب خارج البلاد ولا يمثلون جزءا من المعارضة هؤلاء بشر اضطرتهم الظروف القاسية وغير الإنسانية إلى مغادرة بيوتهم إلى جهات مجهولة.

الآن وقد زالت تلك الظروف كما تقول روسيا، صار لزاما على الدولة السورية أن تسمح وترحب بعودتهم إلى بيوتهم التي لن يجدوها.

في تلك الحالة لن تكتمل الدورة، فالنازح لن يعود إلى بيته الذي لم يعد موجودا من غير البيت لن يكون هناك معنى للوطن فماذا تفكر سوريا الآن كى تستقبل هؤلاء النازحين؟

النازحون إن عادوا إلى سوريا في غياب مشروع الإعمار لن يكونوا سوى كائنات تسير خلف النور، ولكن روسيا صارت تدعو بقوة إلى طي ملف النازحين واللاجئين السوريين لأسباب سياسية واضحة، فهي تسعى إلى تطبيع الأوضاع داخل سوريا، إضافة إلى سد الطريق على محاولات استعمال ورقة النازحين واللاجئين ضد الدولة السورية في المستقبل كما حدث مع العراق.

طبعا في إمكان روسيا أن تضغط في اتجاه إعادة النازحين واللاجئين السوريين إلى بلدهم، غير أن ما سيترتب على تلك الخطوة سيكون أكثر تعقيدا من أن تضطلع روسيا وحدها بابتكار الحلول المناسبة له.

فالخراب اللامرئي الذي ضرب سوريا هو أكبر من الخراب المرئي.. لقد غيرت الحرب مفاهيم كثيرة كما فتحت أعين السوريين على حقائق كانوا غافلين عنها في زمن القناعة بحكم الحزب القائد.

صحيح أنهم اليوم يحلمون بأن يعيد إليهم السلام ما أخذته الحرب، غير أنهم عبر سنوات معاناتهم القاسية تعلموا دروسا في المواطنة لن تتسع لها سوريا في صيغتها الحالية. 

يفضل السوري اليوم أن يبقى لاجئا على أن يعود إلى سابق سيرته مواطنا مؤجلا.

وهناك فرق بين أن يكون المرء نازحا خارج وطنه وأن يكون نازحا داخل وطنه. الحالة الأولى طبيعية في ظروف غير طبيعية أما الحالة الثانية فإنها شاذة في الظروف الطبيعية.

فالنازح يرضى بخيمة أما في وطنه فإنه يبحث مجددًا عن ملامح حياته التى تحولت لأطلال ليعيد الحياة لجدران منزله الذى فقده وأحلامه التى رسمها مع كل صباح جديد ارتسمه فى عيون وطنه المفقود.