الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ومات صلاح


بداية اليوم كانت كسابقيها لم يتغير عليها سوى تيقظى من نومى على صوت ابنى وهو يحاول أن يكظم حزنا أو يمنع نحيبا قمت من مرقدى منزعجة جدا وجريت إليه وسألته ماذا حدث هل بك شيء ولم أنتظر إجابته وضعت يدى على رأسه اتحسسها فربما كان مريضا ويتحمل ألمه حتى لايؤلمنى اطمأننت عليه فأسرعت بخطايا الى غرفة اخته فوجدتها تغط فى نوم عميق وكذلك جدتها ؛ فعدت اليه ولم الحظ انه مرتديا زى الخروج والوقت مبكر على موعد ذهابه الى عمله وقلت له ماذا تخفى عنى حبيبى؟ فقال بحزن لم أر فى عينيه منذ وفاة أخيه وتغير حياة أسرتنا منذ فترة ليست بالقليلة فقال عمى صلاح مات .. 

ولأول وهلة حسبته يقصد الساكن فى بيت ابى الذى عشنا فيه عمرا ؛ فقلت الله يرحمه وانت ايه اللى خلاك افتكرته الان ده ميت من سنة او اتنين على مااتذكر ؛ فقال لى ياماما عمى مات ، ولم اصدق ما قاله فكيف يموت صلاح ؟ وهو الرياضى الملتزم دينيا ولا يقترب من المعصيات التى تهلك الصحة وتسارع فى تسابق الامراض الى الجسد !! فسألته حادثة أليس كذلك ؟ فنفى وقال ابدا ده صلى الفجر وتعب شوية ونقلوه الى المستشفى القريبة من منزله ولكن كلمة الله سبقت علاج الأطباء ..
صمت واتصلت بأخو صلاح وابو ابنى وسألته نفس الاسئلة وجاءت نفس الاجابات مع اضافة الانهيار وقطع المكالمة. اتصلت بأهلى ابلغهم بالخبر واتفقنا على الذهاب الى المشفى ومن هناك الى المدافن، وفى الطريق الى حيث جسده المسجى تراكمت الذكريات والمواقف التى على الرغم من قلتها إلا أنها تركت فى مخيلتى تركيبة لشخص عرف السبب من خلقه وهو عبادة الرحمن وتعمير الأرض ، تذكرت قديما عندما كان يحرص على أن يحضر فى المناسبات محملا بما لذ وطاب وعندما كان يأتى محملا بخضروات وفواكه وضيق ذات اليد منعه من ان يحضر اللحوم وماشابهها وكنت امازحه واقول فيه اختراع اسمه اللحمه وكمان فيه حاجه اسمها الفراخ والبط والحمام وغيرهم فيخجل ويقول بصوته الهادىء والله ما منعني غير الشديد معلش الجايات اكتر ..

الطريق من منزلى الى مكان اللقاء الاخير على الرغم من قصر مسافته الا انه بات طويلا ينتهى بفراق ابدى تقطعه ذكريات جميلة معه منها حكايته لى انه فى مقتبل شبابه وقمة رجولته استطاعت الدنيا بغرورها ان تفتنه ولو بالقليل ليجد نفسه تحت رحمة العباد وحينها يأخذه الله فى رحمته وينير طريقه ويجعله فى معيته ؛ ويقول ايقنت ان الله سخرنى للخير وباعد بينى وبين كل مايغضبه .. يقول لى ايضا عشت منذ ذلك اليوم لابنائى اصنع لهم ماحرمت منه واسعى سعيا دؤوبا لان اطعمهم كل مافى الدنيا من حلو حلال طيب ..كانت حياتى كلها من اجل ان اجنبهم شظف الحياة الذى عشته واطعمهم من حلوها الذى حرمت منه وابتعد بهم عن كل مايغضب الله وكل مايعلو بهم ويضعهم فى مكانة حرمت انا منها ببساطة كل كان همى ان اعطيهم كل مالم احصل عليه فقد حرصت على تعليمهم لينالوا اعلى الدرجات العلمية حتى لايكونوا مثلى محروم من التعليم ..سخرت عمرى لان يكونوا عباد الرحمن وحفظ معظمهم القران ..دائما ابدا اكون حريصا على ان اكون قدوة حسنة لهم وان كلفنى ذلك الكثير والكثير ..
امسح دموع سقطت من فرط الحزن لتزاحمنى ذكريات اخرى مع امه وحديثها عنه كلما جاءت الي لتزورنى وكم كانت سعيدة عندما تذكر اسمه وتحكى كثيرا عن حنيته وانه اطعمها مالم تطعمه عمرا وبأنه كان كريما مع كل ابناء قريته معطاء بسخاء وينفقببذخ ولايريد ان يعلم احدا بما يفعله ..وتضحك وهى تقول انه كان يخاف منها على الرغم من انه متزوجا وكبيرا وثانى ابن لها ترتيبا، وتقول صارحنى يوما بانه يريد ان ينزوج على زوجته فقلت له لو عملت كده مش هتشوف مراتك ولاولادك ؛ هااخدهم عندى وتحرم عليا ليوم الدين ؛ فضحك وقال : هتحرمينى من جنة الاخرة بغضبك عليا عشان دنيا فانية ؛ على ايه لاجواز تانى ولايحزنون..
اقترب من المستشفى وادخل وارى وجوها غير مصدقة ان نبع الخير جف واتذكره مرة اخرى فى موقفين فارقين فى حباتى اولهما عندما شكوت له من عثرات تعرقل حياتى وشعور بان شيء جلل يفصل بينى وبين العشير فيقول لى بهدوء غريب اللى بيحب بيسامح واللى يقدر يتحمل واللى يعرفنا لازم ياخدنا لوكشه على بعضها بحلوها ومرها وانا عارف ان انتى اتحملتى مر كتير .. وفى المرة الفاصلة قال لى ؛ رغم ان من تشكيه لى اقرب منكى بحكم الدم وصلة الرحم الا اننى اؤكد انكى تنتمين لخير متاع الدنيا فانتى الزوجة الصالحة ومن يخسرك فقد خسر طعم الاستقرار ؛ واضاف بانه من اجل مايكنه لى من قدر امتنع عن التحدث فى هذه الاشكالية لانه على قناعة من انه سيغضب اقرب الناس اليه بسببى وصمت لوهلة وقال : الدنيا بتغر بس لازم بتعيد الطيبين للصح. .اجبر نفسى جبرا على التوقف عن الذكرى والتذكر لاقرا عليه الفاتحة واودعه الوداع الاخير طالبة له الرحمة ولاهله الصبر...

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط