الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إسرائيل تسعى للسيطرة الأبدية على مرتفعات الجولان بالميليشيات

صدى البلد

دفع تقدم القوات السورية إلى الخطوط الأمامية لحافة هضبة الجولان بملف مستقبل هذا الجزء المحتل من الأراضي السورية إلى واجهة الاهتمام في إسرائيل وواشنطن.

ونقلت مصادر إخبارية إسرائيلية عن السفير الأمريكي لدى إسرائيل دافيد فريدمان، توقعه لاستمرار بقاء الجولان السوري وإلى الأبد تحت السيطرة الإسرائيلية، مشيرا إلى إمكانية موافقة الإدارة الأمريكية على الاعتراف بأن الجولان باتت أرضا إسرائيلية.

ونقلت وسائل إعلام عبرية عن فريدمان قوله إنه لا يتصور خروج الجولان التي ضمتها إسرائيل في الثمانينيات بعد احتلالها عام 1967 من سيطرة إسرائيل.

وبرغم تفادي إسرائيل التورط المباشر عسكريا في الصراعات الدائرة في سوريا حاليا، إلا أنها هددت بضرب التواجد الإيراني المسلح على الأراضي السورية باعتباره تهديدا "لأمن إسرائيل" في المقام الأول، وعلى إثر ذلك وجهت إسرائيل عددا من الضربات الجوية الإجهاضية لميليشيات حزب الله الموالية لإيران وتمركزاته العسكرية في سوريا، وهي الضربات التي نالت بحسب تقدير المراقبين مما لا يقل عن 200 هدف عسكري للإيرانيين وحلفائهم في داخل سوريا خلال العام الماضي فقط.

وكان الكونجرس الأمريكي شهد، في يوليو الماضي، جدلا واسعا حول مسألة اعتبار الجولان أرضا إسرائيلية" وتأرجحت مواقف أعضائه ما بين مؤيد ومعارض لاعتراف الإدارة الأمريكية بقرار إسرائيل بضم الجولان، وهو الاعتراف الذي طرح فكرته للمرة الأولى النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا رون ديسانتيس.

واعتبرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية انه حتى برغم عدم صدور تشريع مقنن من جانب نواب الكونجرس بشأن "اعتراف أمريكي بضم الجولان لإسرائيل" فقد عكس طرح هذا الملف الشائك على هذا النحو رغبة من جانب جماعات الضغط الموالية لإسرائيل في الحزب الجمهوري الأمريكي للحصول على هذا المكسب من إدارة ترامب وتعزيز مكاسب حكومة نيتانياهو منها.

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية التي تعتبر مقربة من رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو، إلى أن قرار إسرائيل بضم الجولان في الثمانيات قوبل باستهجان دولي بالغ الحدة آنذاك، وبرغم ذلك لم تعدل إسرائيل عن قرارها الذي مضى عليه أكثر من خمسة وثلاثين عاما، ونقلت عن دافيد فريدمان قوله إن الأهمية الاستراتيجية لمرتفعات الجولان تجعل من بقائها خارج السيطرة الإسرائيلية عامل تهديد بالغ الخطورة على الأمن الإسرائيلي.

وكانت إسرائيل حثت الإدارة الأمريكية على مدار الأشهر الأخيرة على الاعتراف بقرار "ضم أراضي الجولان إلى إسرائيل" بذريعة أن الصراع الدامي الدائر في سوريا الآن يستوجب إبقاء السيطرة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان ذات الأهمية الاستراتيجية لأمن إسرائيل.

كما أثار بنيامين نيتانياهو مسألة اعتراف الولايات المتحدة بقرار إسرائيل بضم هضبة الجولان خلال مباحثاته، في التاسع عشر من أغسطس الماضي، مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، خلال زيارته لإسرائيل، والذي نفى بدوره إدراج هذا الأمر رسميا ضمن أجندة محادثاته مع نيتانياهو، مكتفيا بالقول إن واشنطن تتفهم وجهة نظر إسرائيل بشأن هضبة الجولان لكن الموقف الأمريكي" غير المعترف بقرار الضم الإسرائيلي لم يتغير إلى الآن".

وعلى صعيد التحرك العسكري الإسرائيلي لتأبيد السيطرة على الجولان، كشف تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن قيام إسرائيل بدعم وتسليح ما لا يقل عن 12 فصيلا من الميليشيات الموجودة على الأراضي السورية، بهدف انهاك أي وجود لإيران ومقاتلي حزب الله على مشارف هضبة الجولان من جانب، ولمواجهة تمدد داعش في المناطق القريبة من الجولان على الجانب الآخر والذي قد يكون هو المبرر الظاهري لتقديم إسرائيل الدعم لميليشيات مقاتلة في سوريا.

واستطلعت فورين بوليسي آراء وشهادات 20 من القيادات العسكرية المتصلة بملف الصراع السوري، وأكدوا جميعا دعم إسرائيل لاثني عشر فصيلا على الأقل منذ عام 2016 وإمدادهم بالسلاح والذخائر بكثافة، في إطار عملية أطلقت عليها الاستخبارات الإسرائيلية "الجار الطيب"، وهي العملية التي تم إنهاؤها في يوليو 2018.

وبحسب شهادات مراسلين صحفيين وعسكريين من الداخل السوري التقتهم "فورين بوليسي"، قالوا إن إسرائيل كانت تعطي رواتب بما متوسطه 75 دولار في الشهر الواحد لكل مقاتل في تلك الميليشيات المسلحة المتحالفة معها، بهدف إبعاد مقاتلي إيران وحلفائها بأقصى ما يمكن عن خطوط التماس السورية مع الجولان.

وفي إطار عملية "الجار الطيب" قدم الجيش الإسرائيلي نحو 1524 طنا من إمدادات الإعاشة الغذائية للميليشيات العميلة لإسرائيل على تخوم الجولان، وكذلك أمدتهم إسرائيل بنحو 250 طنا من الملابس والأردية القتالية، وبأكثر من 947 ألف لتر وقود و21 مولدا كهربائيا ميدانيا ونحو 25 ألف عبوة دوائية وطبية لإسعاف المصابين ميدانيا وما يستلزمه ذلك من معدات طبية.

وتعد جماعة "فرسان الجولان المسلحة" من أهم الميليشات المدعومة إسرائيليا كخط دفاع أول عن مشارف الجولان في سوريا، وتقدم إسرائيل دعما لهذه الميليشيا البالغ عدد مرتزقتها 400 فرد، نحو خمسة آلاف دولار في صورة نقد سائل شهريا، وهو ما أكده قائدها معتصم الجولاني في مقابلة أجرتها معه ونشرتها صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية واسعة الانتشار، في يناير من العام الماضي، أكد فيها أنه لولا دعم إسرائيل له ولرجاله لما كانوا على قيد الحياة.

وعلى مدار الأعوام الماضية، كانت المقاتلات الإسرائيلية تقوم بطلعات هجومية واستطلاعية غير معلنة في الأجواء السورية عمدت خلالها المقاتلات الإسرائيلية على إخفاء إشارات التمييز لها منعا لانكشاف هويتها، إلا أن إسقاط الدفاعات الجوية السورية لطائرة (إف – 16) إسرائيلية في فبراير الماضي، والإعلان عن ذلك أدى إلى افتضاح أمر التدخلات الإسرائيلية العسكرية في العمق السوري وكذب المزاعم الإسرائيلية النافية لأي تورط إسرائيلي في الشأن السوري.

كما كشف القائد السابق لسلاح الجو الإسرائيلي الجنرال عامير ايشيل، العام الماضي، قيام المقاتلات الإسرائيلية بشن مائة غارة جوية ضد أهداف معادية مرتبطة بإيران و حزب الله في العمق السوري خلال الأعوام الخمسة الماضية.

وأشارت المصادر الإسرائيلية العسكرية كذلك إلى أنه في الوقت الذي بدأت فيه قوات الجيش السوري النظامية في نشر تشكيلاتها على الحدود مع إسرائيل منعا للتصعيد، فإن وحدات من الشرطة العسكرية الروسية منتشرة حاليا جنبا إلى جنب مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على امتداد خط الحدود بين سوريا والجولان.