الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أم أحمد كنايس.. إبداع وسط الرخام ببركة السيدة العذراء.. فيديو وصور

صدى البلد

وسط ألواح الرخام الأبيض، تقف أم أحمد في ورشتها الكائنة بالسيدة عائشة، تنظر ورائها إلى أيقونة للسيدة العذراء، اختلطت ألوانها بالرماد تزفر وهي تمسح عرقها ثم تعود لعملها مرة أخرى حاملة في يدها أدواتها، لتستمر في نحت الرسم على قطعة من الرخام بحرفية ودقة متناهية، فيما تطرق أذنيها رائعة النقشبندي وبليغ حمدي "مولاي إني ببابك".

هكذا تعيش السيدة الستينية، أيامها بعدما احترفت النحت على الرخام والنقش عليه منذ 36 عاما، قضتها في اكتساب الخبرة والتعلم من زوجها الراحل فن نحت شواهد القبور، لتبدع بعدها في صنع التحف الفنية وتتفرد عن أبناء حرفتها بنقش ونحت الصلبان والمذابح للكنائس لتكتسب شهرة واسعة في الوسط وتلقب بـ"أم أحمد كنايس".

تمسح وجهها من الرماد الأبيض الذي ملأ الهواء، وغطى جلبابها الأسود، ثم تمسك قطعة قطن تغمسها في طبق به مياه تمسح عينها وتضع نقط القطرة كعلاج للكيس الدهني، لتستكمل عملها الذي تشغف به وتحرص على تعليمه لأبنائها فلديها 3 أبناء وبنت.

"صلبان ومذابح وتماثيل للسيدة العذراء" تصنعهم أم أحمد من الرخام الذي تشتريه من منطقة شق الثعبان، فيما يساعدها أبناؤها الذكور بالرسم عليه "ولادي بيرسموا الرسمة على الرخام وأنا اشتغل نحت"، معتمدة في ذلك على أدوات بسيطة هي الصاروخ والهاندبيز والأزميل.

تروي أم أحمد قصتها مع لقب "كنايس" قائلة: "أخدته من كتر شغلي في نحت الصلبان والمذابح للكنايس، عملت شغل كتير جدا في كل المحافظات خاصة المنيا لما كان ابني بيدرس هندسة هناك".

ولأن الخبرة والإتقان كانا سرين لذيع صيت النحاتة الماهرة، إلا أن سماحتها أيضا جعلت الآباء الكهنة يفضلون التعامل معها، فلا تعترف بفرق الأديان، فالكل واحد وابن للوطن، واصفة علاقتها بهم بـ"القوية جدا.. محبتهم وسلامهم أحلى ما فيهم"، مسترجعة بذكرياتها للوراء عندما جلب لها أحد الكهنة من السودان خروفا هدية لها.

وعلى الرغم من الوعكة الصحية التي ألمت بالسيدة منذ فترة، حيث تعاني من تجمع المياه على الرئة، لكنها تصر على النزول لورشتها والعمل كل يوم من التاسعة صباحًا "أكل عيشي اللى لازم أحافظ عليه"، فتقف في قوة تُعلم هذا العامل سرا من أسرار الصنعة، وتوجه آخر ـ بحب ـ بعدم التباطؤ والإتقان "أصلهم زي ولادي ربتهم من صغرهم" تقولها وهي تشير إلى أحد العمال الذي يعمل معها.

تتباهى بنفسها والابتسامة على وجهها "أنا الست الوحيدة اللى باشتغل في المجال ده.. صحيح الشغل مش زي الأول لكن أهي ماشية.. وكفاية علمت ولادي وكبرتهم وبقوا دكاترة ومهندسين.. وواقفين أهم معايا بيساعدوني".

تؤكد أم أحمد أنها واجهت صعوبات كثيرة على مدار عملها كان أبرزها منافسة أصحاب الورش لها لكونها سيدة، لكنها لم تعبأ بذلك وأصبح لها زبائنها من مختلف المحافظات والأماكن، إلا أن ثمة أمنية تريد تحقيقها بعد أن أكملت رسالتها مع أبنائها وهي أداء الحج "نفسي ألبي نداء ربنا".