الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإفتاء تكشف حكم جمع الصلاة لعدم توفر إمكانيات الصلاة

صدى البلد

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول صاحبه "أحد الإخوة يعمل على الجرافة في توندرا (المنطقة التي تلي القطب الشمالي)، حيث لا توجد أية إمكانيات للصلاة، حيث الوحل والرطوبة في كل الأوقات.. ويسأل هل يجوز له أن يصلي جالسًا على الجرافة؟ وهل يجوز له الجمع؟

وقالت الإفتاء، إن الصلاة ركن من أركان الإسلام، ومنـزلتها من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، وقد عُنِي الإسلام في كتابه وسنته بأمرها، وشدَّد كل التشديد في طلبها وتقييد إيقاعها بأوقات مخصوصة؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، وقد حذَّر أعظم التحذير من تركها؛ ففي "الصحيحين" -واللفظ لمسلم- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».

وتابعت: بلغ من عناية الإسلام بها أن أمر المسلمين بالمحافظة عليها في الحضر والسفر، والأمن والخوف، والسلم والحرب، حتى في أحرج المواقف عند اشتداد الخوف حين يكون المسلمون في المعركة أمام العدو؛ قال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ. فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 238-239]، أي: فَصلُّوا حال الخوف والحرب، مشاة أو راكبين كيف استطعتم بغير ركوع ولا سجود بل بالإشارة والإيماء، وبدون اشتراط استقبال القبلة؛ قال تعالى: ﴿وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 115].

وأضافت، أن الله شرع جمع الصلوات للعذر؛ فتؤدي الظهر مع العصر تقديمًا أو تأخيرًا، وتؤدي المغرب مع العشاء، بشرط أن ينوي ذلك قبل دخول وقت العصر أو العشاء، ومن هذه الأعذار الوحلُ؛ قياسًا على السفر بجامع المشقة في كل؛ فلقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا"، وما أخرجه الإمام مسلم عن معاذ رضي الله عنه قال: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا".

وأشارت إلى أنه فى واقعة السؤال: إذا لم يستطع المسئول عنه الصلاة على الأرض حيث كان الوحل والرطوبة في كل محلٍّ بما يتعذر معه الوقوف أو السجود، اتخذ شيئًا معه ذا سطحٍ صلبٍ جافٍّ مستقرٍّ لينصبه حين يصلي إن أمكنه ذلك، وإلَّا صلَّى على سطح الجرافة، فإن تعذر هذا كله جَمَعَ بين الصلوات التي يمكن الجمع بينها تقديمًا أو تأخيرًا في وقت أحدهما الذي يستطيع فيه أن يصلي على الأرض أو أي سطح مستقر، فإن لم يمكن شيءٌ مما سبق جاز له الصلاة جالسًا على الجرافة؛ لأجل الوحل، فإنه لا خلاف بين الفقهاء في أن الجلوس بدلٌ عن القيام في صلاة الفريضة عند العجز عن القيام، فمن يشق عليه القيام جاز له أن يصلي جالسًا؛ لما رواه الإمام البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»، قال الشيخ صالح الآبي في "جواهر الإكليل شرح مختصر خليل المالكي" (1/ 55، ط. دار الفكر): [يجب القيام في الصلاة المفروضة، إلا لمشقة فادحة، أو لخوف المكلف بالقيام في الصلاة، أو قبل الصلاة ضررًا. قال أشهب: له الجلوس في الصلاة، ودين الله يسر] اهـ.