الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ذاكرة المناصب وذاكرة التاريخ


منذ ان كنا أصدقاء جامعة واحدة وكلية متميزة مميزة كان هو ...تنطبق عليه صفات كليتنا كلية الإعلام بجامعة القاهرة فقد كان صاحب اسلوب وطريقة مميزة فى كل شىء فهو كان طالبا مجتهدا واضعا نصب عينيه أهدافه وأهمها ان لم يكن كلها ان يستقر بنيانه وسلطانه فى بلاط صاحبة الجلالة كان يعشق مهنة الصحافة ان صح ان نسميها مهنة فقد كان يحلو له ان يصفها بالرسالة لكونها تتوافق مع مايهدى به الرسل قومهم وتوضح لهم الصواب من الخطأ والخير من الشر . كان يعمل فى روز اليوسف وهو لايزال طالبا وكان ينشر له التحقيقات والموضوعات ويعرضها علينا بتواضع غريب وآمال بأن يكون نجما من نجوم الاعلام المقروء حينها .. مضت بنا السنوات وتخرجنا وكل منا استطاع ان يضع لقدمه موطئا فى ركب الاعلام واصبحت لقاءاتنا قليلة ولكنها كانت مفعمة بحب اطمئناننا على بعضنا البعض .. استطاع زميل الدراسة عبد الله كمال ان يسابق الزمن ويصير نجما فى روز اليوسف وسط مباركتنا له ابناء دفعته التى اطلقنا عليها دفعة المميزين . ومع استمرار لمعان نجمه جاءت به اقدام الخير الى ماسبيرو حيث اعمل انا فى قطاع الاخبار والتقينا وتواصلت لقاءاتنا وبها نسترجع سنين الدراسة الجميلة ووسط زحام حياته بالمشاركة فى عمل برنامج خط احمر للرائعة سناء منصور دارت بيننا حوارات وكلمات كنت كلما اسمعه اجده كما هو لم يتغير ولم يتنازل او يتراجع عن اى من مبادئه وطموحاته التى عمل من اجلها ، كان معترفا بأنه يقدر نظام الرئيس السابق حسنى مبارك ويراه الامثل وكان على قناعة بأن قلمه لايخضع لسلطان احد وبأنه يكتب مايمليه عليه ضميره المهنى وقسمه الصحفى ، كان كلما ازداد علوا ازداد تواضعا واعترافا بفضل من له عليه فضل .. فى يوم اثناء استراحته من عمل اسكريبت طويل لبرنامجه ذو الشعبية المنقطعة النظير حينها؛ قلت له وكلى رغبة بأن انقل اليه مايقوله عنه من اعرفهم بأنهم كارهون له حاقدين على نجاحه؛ قلت هو ممكن ياعبد الله نغير مانكتبه بتغير الحاكم او من بيده تقرير مصيرنا؟ نظر لى نظرة تؤكد ذكاءه الفطرى وسرعة بديهته بأنه على دراية بما أرمى اليه فاعتدل فى جلسته وقال لى : المناصب لها بريق وسلطان ولكنها تحمل ذاكرة سمكة ، وضحك بهيستريا زادته تألقا واستكمل وقال انا شفت ناس بتغير مبادئها بتغير فصول السنة اي والله ، وشفت اشخاص بيسموا ولادهم بأسماء الامراء والرؤساء والملوك والحكام طمعا فى عطاياهم وسلطانهم وخيرهم الذى لاينضب ، ورأيت وعرفت ايضا الكثيرين مما يبتسمون ويقبلون ايادى الكبار واذا ماتزحزحوا عن مناصبهم لعنوهم وبحثوا عمن اعتلى الكرسى والمنصب ، صديقتى استطيع ان اؤكد لكى ان ذاكرة التاريخ اقوى واقدر واكثر وضوحا ورسوخا فهى باقية وهى ايضا التى يسهل استرجاع اشخاصها وماقالوه وقت البريق ومانفوه وقت الغياب والافول ؛ وصمت صمت الحزين واستكمل بعدها انا وانتى وكل من يعمل فى الميديا يتصارعون ومنهم من يصرع ذاكرة المنصب ويتذكر دوما ويذكر ذاكرة التاريخ لذا فستجدى مع مرور الزمن ان من استطاع ان يثبت على مبادئه ويستقر على عرش منطقه قليلون وهم الذين سيحفظهم التاريخ اما من كان كل همه ان يحفظ ويحافظ على منصبه ويجمع المزيد والمزيد من الاموال ويحظى بكل الشهوات فهم بالطبع كثر ولكنهم زبد البحر.. والان وبعد سنوات على رحيل صديقى وزميل دفعتى عبد الله كمال اجد انه لو كان معنا هذه اللحظة وفى تلك الظروف والمواقف كان سيقول لى وللكل الم اقل لكم ذلك من قبل ؟ الم اشرح لكم اصناف الاعلاميين ورسوخ التاريخ وبقاء ذاكرته متيقظة كاتبة مؤكدة ان ذاكرة الاسماك فانية وذاكرة الحجارة مسطورة باقية ، الان اتأكد ان مانراه ونعرفه عن تلون وتغير كثيرين ممن كانوا يسبحون بسلطان ولى النعم حينما كان كان منعما وسبهم له الان عندما زال سلطانه وزالت نعمه لم يكن الا تفسير لما ذكره الراحل ابو البنات عن اقسى ذاكرتين ذاكرة المناصب وذاكرة التاريخ...
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط