الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد فارس يكتب: أشرف مروان.. الملاك الذي تحاول إسرائيل شيطنته

محمد فارس
محمد فارس

تصنع أجهزة المخابرات سمعتها بالكذب والادعاء إذا ما أخفقت، لتغسل بذلك سقطاتها حتى لا تصبح في موضع الإستهانة من نظرائهم بالدول الأخرى، وهو ما يجسده فيلم الملاك الذي ألفه الكاتب الإسرائيلى يورى بار چوزيف عام ٢٠١٠ عن حياة المصري أشرف مروان، حيث وصفه المؤلف بالملاك الذى أنقذ إسرائيل، وفي العام ٢٠١٧ تم ترجمته إلى الإنجليزية تمهيدًا تحويله إلى فيلم سينمائي سيتم عرضه في سبتمبر الجاري بالتزامن مع مرور ١٠ سنوات على وفاة بطل الرواية الذي عمل سكرتيرًا للرئيس محمد أنور السادات، فضلًا عن أنه كان متزوجًا من السيدة منى عبد الناصر ابنة الرئيس جمال عبد الناصر.

سوف يعتمد الفيلم في أحداثه طبقًا للقصة المأخوذة عن رواية the angel للكاتب الإسرائيلي أورى بار جوزيف، الذي يعمل أستاذًا للعلوم السياسية والخبير في شؤون الاستخبارات، أن مروان قدم للمخابرات الإسرائيلية معلومات قيمة عن مصر خلال الفترة من ١٩٦٩ وحتى العام ١٩٧٥، كدعاية لصالح إسرائيل وأجهزتها الأمنية التي انهارت أمام قوة واحترافية المخابرات العامة المصرية، وهو ما يوضح أن أحداث الفيلم لن تقترب من الحقيقة مطلقًا وتعد تزيفًا للتاريخ، لكنه النهج الذي تتبناه الدولة العبرية في تحسين صورتها التي تحطمت في حرب إكتوبر المجيدة، فكان الدرس قاسيا، لذا اعتادت منذ فترة الترويج بأن أشرف مروان كان عميلًا مزدوجًا، وهو الأمر الذي ينسف حقيقته حضور كل من الرئيس الأسبق حسني مبارك ورئيس المخابرات العامة الأسبق اللواء عمر سليمان، جنازة مروان، ليشيد خلالها مبارك بأعماله الوطنية وما قدمه لمصر، وهو ما يعد تكريمًا له ورد غير مباشر على زيف وإدعاء الرواية الإسرائيلية.

بنيت فكرة الفيلم الرئيسية على أن أشرف مروان عميل إسرائيلي، وقدرته على مساعدة تل أبيب كثيرًا بما في ذلك إبلاغه الموساد عن موعد ساعة الصفر لحرب أكتوبر ١٩٧٣، لذلك كان ولابد أن تكون الشركة المنتجة إسرائيلية ولو بشكل غير مباشر فالمعلن أن رأس المال فرنسي، وعلى غير عادته فإنه للمرة الأولى في تاريخ الموساد تهتم إسرائيل بنشر وقائع عن جاسوس، أو عميل مزدوج، وهو ما يشير إلى علامات إستفهام عديدة، خاصة وأن تل أبيب لا تنتج أفلامًا أمنية وسياسية تحمل مثل هذه التفاصيل بهذا الشكل التي تضمنتها الرواية المأخوذ عنها الفيلم، حيث حرصت إسرائيل منذ إحتلالها للدولة الفلسطينية عام ١٩٤٨ على الحفاظ على سرية كل العملاء والجواسيس الذين عملوا معها بإستثناء من وقع منهم وتم كشفهم، وهو ما يدعونا للتساؤل، لماذا كل هذا الإهتمام الآن بأشرف مروان وبهذه الصورة؟.


وكان رئيس المخابرات العسكرية إيلى زعيرا، آن ذاك نفى ولاء مروان لإسرائيل، مؤكدًا عدم أخذ معلومات مروان عن شن الحرب فى الساعة السادسة من مساء ٦ أكتوبر محمل الجد لسابق إبلاغ مروان لهم بمواعيد وهمية فى أكتوبر ٧٢ ومايو ٧٣، فكل مرة أخذت الدولة العبرية هذه المعلومات على أهمية ما بها كانت تعبئة الاحتياط تكلف تل أبيب المليارات، لذلك وصف زعيرا مروان بالجاسوس المزدوج الذي زرعته المخابرات المصرية للتلاعب بإسرائيل ضمن خطة مصر للخداع الاستراتيجى، ليؤكد أيضا أن مروان قدم لهم معلومات مهمة، حتى جاء وقت الحرب، فأطاح بهم تمامًا.

أدرك الرئيس السادات أهمية الخدمات التي قدمها مروان لمصر من خلال المهام التى قام بها، فعينه سكرتيرًا خاصًا للمعلومات، كما منحه صلاحيات الممثل الشخصى للرئيس والمنسق العام بين أجهزة الأمن لشؤون أمن الرئاسة، ثم أسند له منصب رئيس الهيئة العربية للتصنيع، ومنحه وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، ليستكمل بعد ذلك الرئيس مبارك مهمة تبرئة مروان من خلال تأكيده على وطنيته الحقيقية في بيان أصدرته رئاسة الجمهورية عقب وفاته في يونيو ٢٠٠٧ جاء به" قدم أشرف مروان خدمات تاريخية لم يحن وقت إعلانها، لكن التأريخ لحرب أكتوبر المجيدة، التى كان مروان جزءًا من خطة خداعها الاستراتيجى، لا يزال حبيس الأدراج، ولم يكن مروان جاسوسًا على الإطلاق لأي جهة"، لتكرمه الدولة حينها بإقامة جنازة عسكرية له.

لذلك وبعد مرور ١١ عاما على رحيل الملاك يأتي هذا الفيلم في إطار الدعاية التي تقوم بها إسرائيل من أجل مجابهة عشرات الأعمال الفنية التي قدمتها المخابرات المصرية على مدار السنوات الماضية، والتي تناولت النجاحات المصرية في اختراق الداخل الإسرائيلي وقت الحرب والسلم.