الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين شحاتة يكتب: لأنهم تعاقدوا مع الموت

صدى البلد


فى ذكرى نصر أكتوبر المجيد ، تلك الذكرى التى سطر فيها الجيش و الشعب ملحمة بطولية كانت خير نهاية لزمن الحروب التى أزهقت الأرواح وكبدت الإنسانية خسائر فادحة ، وكانت إنتصارات أكتوبر سبب فى بناء حصن فولازى داخل نفوس من عاصروا الإنتصار وورثتها الإجيال التالية ضد أمراض الحرب النفسية التى تصوب إلى الشعوب منذ أن كتب قادة العالم نهاية الحروب التقليدية التى يتبادل فيها العنف ، و إستبدالها بنوع أخر من الحروب منزوعة السلاح والتى تستهدف قصف العقول عن طريق عملية إعلامية منظمة لإقناع الناس أن يفكروا بطريقة معينة ويسلكوا طريق بعينه بما يخدم مصالح مصدر الإعلام الذى خطط وأعد العدة فى محاولة متعمدة ومدبرة لإقناع الناس بما يتعارض مع مصالح وأهداف أمنهم القومى .

ولعل الإحتفال بذكرى إنتصارات أكتوبر المجيد مناسبة سانحة أود أن أقتنصها لقذف عقول هؤلاء المغيبين فريسة (الهيئة الإستراتيجية النفسية) التى أنشأها الرئيس الإمريكى عام 1951 م ، لمعاونة مجلس الأمن القومى والتى كانت سبب فى دخول أول مستشار للحرب النفسية إلى البيت الأبيض من عام 1953 لمعاونة الرئيس "آيزنهاور" ، والتى تتبنى إعلام يرفع معنويات طرف على حساب طرف آخر ، والتى تعتمد على حزمة من المعلومات والسياسات المنظمة التى تستهدف الشعوب لا الجنود ، لأن الجنود يتم تأهيلهم وتدريبهم على إطاعة الأوامر فور صدورها ، ولا يمكن للجنود أن يصمدوا فى ميدان القتال بدعون دعم إعلامى يشرح لهم لماذا يقاتلوا ؟ ، و يشرح للشعب لماذا يساندهم ؟ ، ويحضرنى فى ذلك قول اللورد "ويفل" عام 1939 ( لا يفر الرجل من ميدان القتال لأنه يحارب فى سبيل قضية باطلة ... ولا يهاجم لأن قضيته عادلة ) ويرى أن ما يحقق المعنويات المرتفعة هو إحساس الجندى بإنه عضو فى وحدة جيدة تتمثل فى الهوية بينه وبين المجتمع الذى يقاتل من أجله فكلما شعر الجندى بدعم أسرته وأصدقائه ومجتمعه وتقديره للتضحية التى يقدمها من أجله سينعكس ذلك على معنوياته القتالية ، لذلك نحتاج دائمًا إلى تمجيد إنجازات الجيش وعرضها على الشعب بصورة مكثفة حتى تزداد وحدة الهوية بين الشعب وجيشه ، لذلك يرى "فيليب تايلور" أن الجنود قد تنال منهم الحروب النفسية بالرغم من الإعداد والتدريب الجيد لذلك يجب على المجتمع دعمهم بحوافز ماليه و وضع إجتماعى و مجد شخصى وعائلى وقومى بالأضافة إلى حافز الدين الممثل فى الخلود أى الشهادة .

لذلك على كل من يحشد النظر إلى وجود فجوة طبقية بين الشعب و أفراد مؤسساته الأمنية ، وأنا لا أنكر وجودها ، بل هى فجوة طبيعية أمنتها لهم طبيعة عملهم فالمواطن العادى يتعاقد مع هيئة أو وزارة مدنية للحصول على أجر مقابل عمل ، فى حين أن هؤلاء تعاقدهم مع الموت لأنه أجلًا أم عاجلًا سيحمل السلاح للدفاع عن الوطن ومقدراته و قدراته القتالية كما رأينا لا تتوقف على مهارته التدريبة أو تسليحه فقط بل تعتمد فى المقام الأول على دعم المجتمع الذى سيحارب من أجله فدائمًا الحروب والمواجهات القتالية مؤكدة المخاطر محتملة المكاسب ، لذلك فأنها تحتاج إلى زخيرة عقلية تفوق فى قوتها زخيرة البارود ، وصانع هذه الطاقة العقلية هو المجتمع بجميع طوائفه ومؤسساته فالسلام الذى ننعم به سنفقده إذا تجاهلنا الإستعداد للحرب لتحيا مصر بجيشها .