الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد فوزي يكتب: السعي من أجل نظام تعليمي جديد (2)

صدى البلد

انطلاقا من إيماني الشديد بأن " مشروع التعليم " الركيزة الأساسية لبناء الدولة الحديثة والسبيل للتنمية المستقلة ، وللتحول لفاعل قوي علي المستوي الاقليمي والدولي ، ناقشت في المقال السابق الواقع المؤلم الذي وصلت إليه المنظومة التعليمية المصرية واستعرضت أهم وأبرز الأسباب التي أوصلت المنظومة التعليمية إلي هذا الواقع المزري ، وكما هو معلوم فإن مستوي تقدم ورقي الأمم والدول يقاس بمدي قوة منظومتها التعليمية ومدي قوة الحاضنة المجتمعية التي تعمل هذه المنظومة في ثناياها .

من هذا المنطلق وبعد عرضنا لأهم وأبرز أسباب تدهور المنظومة التعليمية ، سوف نسعي في هذا المقال لعرض أهم وأبرز الأطروحات والرؤي التي قد تؤدي لرفع كفاءة المنظومة التعليمية والخروج بها من الهاوية التي سقطت فيها .

فبعد قراءة واقع المنظومة التعليمية ووفق دراسات أكاديمية يمكن الخلاص إلي أن أهم السبل للصعود بالمنظومة التعليمية تتمثل في الآتي : 

1- وجود اهتمام جاد من قبل وزارة التربية والتعليم بفكرة دراسة مشكلات وأزمات المنظومة التعليمية وفق أسس علمية وموضوعية والسعي لبلورة رؤية وطنية لأهداف التعليم ، ويمكن تلخيص هذه الأهداف في الآتي : 

* ينبغي أن يكون خريج المنظومة التعليمية مثقفا ومؤهلا للتعامل مع الثقافة بمعناها الإنساني الواسع وقضاياها المختلفة ، فيجب أن يؤمن بالديموقراطية وحقوق الانسان وحكم الدستور والقانون وحرية الرأي والمعتقد الديني وأن يحترم التنوع الثقافي والاختلاف .

* ينبغي أن يؤمن خريج المنظومة التعليمية بالمنهج العلمي في جميع ممارساته وجميع شؤون الحياة ( مما سيدعم القضاء علي الخرافات والجهل ) .

* أن يكون خريج المنظومة التعليمية معدا لمهنة من المهن وتخصص من التخصصات علي أعلي مستوي وبشكل يتناسب مع متطلبات ومتغيرات الحياة .

2- يجب أن تسعي المنظومة التعليمية لتخريج شاب يؤمن بالمواطنة ومستعد للبذل والتضحية في سبيل الوطن ، وأن يعتز بتاريخه ورموزه وتراثه ، وفي سبيل تدعيم المواطنة لدي خريجي المنظومة التعليمية يجب مواجهة مشكلة " الإزدواجية التعليمية " والتي يعاني منها النظام التعليمي المصري حيث يوجد 4 أنواع من التعليم : التعليم الحكومي - التعليم الخاص - التعليم الدولي - التعليم الأزهري .

وفي ظل غياب رؤية واضحة ومحددة لدور التعليم في الإعداد للمواطنة يعد هذا أمرا يهدد التماسك الوطني ، وبالتالي يلزم قانون تعليمي يضمن مكون المواطنة في جميع النظم التعليمية .

3- يجب مواجهة " النسق المحافظ " الذي تتسم به العملية التعليمية والذي أدي الي تخلف المنظومة التعليمية برمتها ومجافاتها الشديدة لتطورات العصر .

4- تقوم المنظومة التعليمية المصرية منذ عقود فيما يتعلق بالمناهج الدراسية علي المنهج الموحد الذي سبق وضعه منذ سنوات والذي كان غالبا يحمل وجهة نظر واحدة هي وجهة نظر السلطة الحاكمة ، ذلك فضلا عن تخلف المناهج وهو ما يتعارض مع التطور المعرفي الذي يطول جميع الميادين ، وهذا يستلزم أمرين : 

* أن تكون المنظومة التعليمية غير خاضعة بأي شكل من الأشكال لأي توجه سياسي ومحاربة " القهر الفكري " وإخضاع المؤسسات التعليمية للاتجاهات السياسية .

* تطوير المناهج وإضفاء درجة من الحيوية والتجديد لها ، مع دعم النشاط الطلابي البحثي المصاحب لتلك المناهج كجزء رئيسي منها .

5- إعادة النظر في الجانب التربوي من المنظومة والحرص علي ربطها به .

6- التحول من التجانس الي التنوع فيما يقدمه التعليم للطلاب من خبرات ، مما يجنب المنظومة انتاج نسخ متكررة من المتعلمين وهو الأمر المعوق للتنمية في العصر الحالي .

* التحول من ثقافة الحد الأدني إلي ثقافة الإتقان والجودة ، اذ أن ثقافة الحد الأدني تشير إلي إيماننا بأنصاف المتعلمين وهو الأمر الذي يرفضه الفكر التربوي الحديث .

* التحول من ثقافة التسليم إلي ثقافة التقويم ، بمعني عدم الاكتفاء بما يقدمه الكتاب المقرر او المعلم واعتباره الرأي الأوحد أو المصدر الوحيد للمعرفة ، مع تشجيع وتنمية " العقلية الناقدة الفاحصة " لدي المتعلمين ، وتوفير وسائل المعرفة المختلفة لهم .

* التحول من السلوك الإستجابي إلي السلوك الإيجابي ، بحيث تخرج المنظومة التعليمية شابا نشطا متفاعلا مشاركا في كل مواقف الحياة .

*التحول من ثقافة القهر إلي ثقافة المشاركة ، ومحاربة فكرة الرأي الواحد ، وعدم تقبل الآخر .

7- محاربة فكرة " التعليم البنكي " والتعليم لأجل " الامتحانات " لا لأجل الحياة والرقي .

8- تشجيع التعددية والمبادرة والإبداع والحرية الفردية والديموقراطية وحقوق الانسان ، وكلها أمور يجب أن تأخذ بها المنظومة التعليمية في التدريس والأنشطة والتقويم ، بل في الإدارة والممارسة والتوجه من أجل إنسان جديد .

9- يجب أن يزداد الإنفاق علي المنظومة التعليمية عموما وعلي مرحلة التعليم قبل الجامعي خصوصا ، بما يتناسب ليس فقط مع المعايير الدولية ولكن مع نسب الانفاق في المنطقة العربية ، مع الحفاظ علي التوزيع العادل لهذا الإنفاق ، وأن يتم هذا في إطار إصلاح مالي إداري وإعادة توزيع للكفاءات في المنظومة التعليمية بتحفيز وتقدير وتدريب المعلمين.

10- يجب أن يلعب حملة الماجستير والدكتوراة الذين عانوا في سبيل الحصول علي هذه الدرجة العلمية دورا رئيسيا في العملية التنموية المصرية عموما والنهوض بالعملية التعليمية خصوصا من خلال الاستفادة منهم وخلق فرص لهم .

11- إصلاح المناخ الاجتماعي الذي تعمل في ثناياه المؤسسة التعليمية من خلال مشروع قومي ضخم يستهدف القضاء علي الأمية ونشر حملات التوعية بشكل مكثف .