الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنور طرباى يكتب: الوجودية عند سارتر

الكاتب/ أنور طرباى
الكاتب/ أنور طرباى

الوجودية هو تيار فلسفي يميل إلى الحرية التامة في التفكير بدون قيود ويؤكد على تفرد الإنسان، وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار ولا يحتاج إلى موجه. وهي جملة من الاتجاهات والأفكار المتباينة، وليست نظرية فلسفية واضحة المعالم، ونظرًا لهذا الاضطراب والتذبذب لم تستطع إلى الآن أن تأخذ مكانها بين العقائد والأفكار. وتكرس الوجودية في التركيز على مفهوم أن الإنسان كفرد يقوم بتكوين جوهر ومعنى لحياته. ولقد ظهرت كحركة أدبية وفلسفية في القرن العشرين، على الرغم من وجود من كتب عنها في حقب سابقة. فالوجودية توضح أن غياب التأثير المباشر لقوة خارجية (الإله) يعني بأن الفرد حر بالكامل ولهذا السبب هو مسؤول عن أفعالهِ الحرة.

والإنسان هو من يختار ويقوم بتكوين معتقداته والمسؤولية الفردية خارجًا عن أي نظام مسبق. وهذه الطريقة الفردية للتعبير عن الوجود هي الطريقة الوحيدة للنهوض فوق الحالة المفتقرة للمعنى المقنع (المعاناة والموت وفناء الفرد).

والوجوديه فلسفة حديثة رائدها كان كيركجارد الذي تأثر بفلسفات نيتشه وهوسرل. انقسمت الوجودية لـ وجودية مؤمنةعند ياسبرز و جابريال مارسيل ومونييه ، و وجوديه ملحدة عند هيدجر و جان بول سارتر. كل فلاسفتها اتفقوا على ان وجود الانسان يسبق ماهيته او يحل محلها ، يعنى ان الانسان هو الصانع لوجوده بغض النظر عن اى عوامل تتحكم فيه.

المعروف منذ بداية الفلسفة اليونانية أن الماهية تسبق الوجود. الماهية هي ما نحصل عليه عندما نقوم بتعريف الشيء. وهي في لغة أفلاطون "المثل" بمعنى الصفة. الصفة أو الصورة أو الوظيفة أو الخصائص...إلخ، كلها أشياء تأتي أولا قبل أن يوجد الشيء.

السكينة مثلا، قد صاغها حرفي طبقا لفكرة لديه عن السكاكين. طبقا لخبرة سابقة في صنع السكاكين. إذن ماهية السكين، أي مجموع صفاتها وشكلها وتركيبها، كلها سبقت وجودها.

يقول سارتر إنه وفقا للفكر الغربي المعتاد، هذا ينطبق على الإنسان أيضا. الإنسان كانت ماهيته أو صورته في عقل الرب أولا، ثم قام الرب بخلقه. ونحن عندما نفكر في الرب كخالق، نفكر فيه كخالق أعظم. إرادة الرب تسير جنبا إلى جنب مع عملية الخلق.

لكن النظريات الإلحادية في القرن الثامن عشر، قضت على فكرة الرب فلسفيا. لكنها أبقت على فكرة، الماهية تسبق الوجود. وظلت هذه الفكرة موجودة عند ديدرو وفولتير وكانط. الإنسان له طبيعة بشرية هي ما يصاغ عليه الإنسان. وهي التي تجعلنا نشترك في نفس الصفات.

لكن الوجودية الملحدة والتي يمثلها سارتر، تعلن في وضوح وجلاء تامين، أن الرب لم يكن موجودا عندما خلق الإنسان. الإنسان وجد قبل أن تتضح معالمه وتتبين صفاته. وهذا ما يقوله شارل دارون بالنسبة للإنسان وبالنسبة لكل المخلوقات. ليست لها صورة مسبقة، وإنما وجدت بالصدفة. لذلك كما يقول هيدجر، الواقع الإنساني هو الذي يحدد ماهيته. أي أن الوجود سابق على الماهية.

ماذا نعني بأن الوجود سابق على الماهية؟ هذا يعني أن الإنسان يوجد أولا، ثم يتعرف إلى نفسه، ويحتك بالعالم الخارجي. فتكون له صفاته، ويختار لنفسه أشياء هي التي تحدده وتحدد قيمه.

إذا لم يكن للإنسان في بداية حياته صفات محددة، فذلك لأنه قد بدأ من الصفر مثل السبورة الفارغة أو برواز الصورة الفارغ. وهو لن يكون شيئا إلا بعد ذلك. لن يكون سوى ما قدره لنفسه. الإنسان مشروع يمتلك حياة ذاتية لها كرامة. وليس جلمود صخر أو شيء مثل الطحالب.

عملية اختيار الإنسان لنفسه، تؤثر في كل الناس من ناحية، وتساهم في خلق الإنسان كما نتصوره وكما نظن أنه يجب أن يكون. كأنما نقول لكل الناس، اختاروا كما اخترنا. وإذا قررت التدين والخضوع إلى قضاء الله وقدره، فعملك هذا هو إلزام لكل البشرية أن تفعل نفس الشيء.

القلق الذي يكابده الوجوديون، هو قلق المسئولية. المسئولية تجاه الآخرين. لا يمثل حاجزا يفصلهم عن العمل، وإنما جزء من العمل وشرط لقيامه. الإلحاد عند الوجوديين الملحدين، لا يترتب عليه هدم للقيم. القيم الخلقية باقية ولازمة للفكر الوجودي الملحد.

الوجودية كما يقول سارتر، ليست فلسفة تأمل وسكون. لأنها تحدد الإنسان طبقا لما يفعل. وليست فلسفة متشائمة، لأنها تضع مصير الإنسان بين يديه. بذلك تكون أكثر الفلسفات تفاؤلا. هي تدفع الإنسان للعمل، وترى أن لا خلاص ولا أمل إلا في العمل. العمل هو سبب استمرار الحياة.

الوجودية عند سارتر، هي فلسفة أخلاق وعمل والتزام، لكن انا اختلف مع سارتر ومع كل الفلاسفة الوجوديين ولا اعترف بالفلسفه الوجودية على الإطلاق .