الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: التكافؤ الاجتماعي‎

صدى البلد

انتفضت شبكات التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، لما تسببه المسلسل العربي "نصيبي وقسمتك " من هلع لدى المستخدمين ولاسيما الفتيات، تأثرت البنات بشدة بأحداث المسلسل، ورفعت منشورات تضم مقتطفات من أحداث المسلسل ،وكانت فحواها لشاب "بطل المسلسل" يضرب الفتاة ضرب مبرح ، فالصور تنضح عداوة وتشع غضبًا بين الطرفين.ظننت في أول الأمر أن أحداث المسلسل تدور حول تلك الكراهية، وقد استطاعت السوشيال ميديا -كالعادة -أن تجعلنى استجب لضغوتاتها ،وقمت بمتابعة المسلسل أثناء إعادته في عطلة نهاية الأسبوع، كنت أود أن أبقي علي ظنونى ولكن سرعان ما انفجعت عندما شاهدت مطلع الحلقات الأولي ، وانكشف لي الأمر أنها كانت في البداية علاقة حب ثم آلت إلي تلك النهاية المأساوية.

جذبني الفضول إلي معرفة التفاصيل بعدما دق برأسي سؤالا : كيف يمكن أن يتحول المحب إلي شخص عدواني؟ !،وكيف يتحول من شخص يصب علي القلب قبل الأذن كلمات الحب والهيام إلي شخص يترك آلاما وندوبا في روحها قبل جسدها ؟!

رويت فضولي بالمتابعة ، وعند ازداد المسلسل تعقيدا واشتد الصراع ،زادت صدمتى التى يشوبها الخيبة، عندما اكتشفت المصيبة الاجتماعية التى ترتكبها الفتيات تحت مسمى " الزواج عن حب".

ارتضت الفتاة بالزواج من شاب ينتمي إلي طبقة مخالفة لطبقتها ،وثقافة مغايرة لثقافتها ،فضلا عن التفاوت الواضح في درجة الوعي والمستوى التعليمى الواضح بينهما وضوح الشمس. تزوجته لسبب واحد فقط ،ألا وهو أنه استطاع أن يعزف علي اوتار قلبها فتراقصت روحها علي لحن كلماته المعسولة.

وبمرور شهر علي الزواج ،قفز الحب هاربا من النافذة تاركًا خلفه الفروق الاجتماعية التى تخللت أركان بيتهما ،وتربعت علي عرش المشكلات الحياتية التى تعرضا لها خلال طيلة فترة الزواج .

تمر الأيام والأيام ،وتتجلي الفجوة الاجتماعية بينهما في قوالب عديدة و إطارات مختلفة منها؛ ترك العمل، قطع صلة الرحم واتهام أهلها بالانحلال،ارتداء الحجاب بالإجبار، علاوة علي الضرب الذي كان ينهي به كل خلاف زوجي غير قادر علي حله، والكامن بداخله عجزه الواضح عن خلق لغة للحواربينهما،فترك ليده المجال كبديل لعقله العاطل دائمًا.
دقة ساعة الخلاص التى حثتها دقاته على الفرار من قصفها الزوجي ،عندما اكتشفت خيانته لها، وكانت بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير ،وأدت إلي النهاية المنطقية والمتوقعة :الطلاق
لا أنكر أن الفتاة كان لها دور كبير في صنع هذه الفجوة الاجتماعية ،وأنها تغاضت عن الكثير حتى تجاري زواجها ،حتى محت من دستورها مادة اسمها: الكرامة، وأنها ضلع أساسي في صنع دكتاتور ذكوري ؛يضرب ،يهين ،يشتم ،يسب ،مطالبا إياها بالاعتذار دائما، ووضعها في خانت المخطئة التى تستحق العقاب بالضرب،مما جعلها ذليلة منكسرة،أسيرة لسجان حبسها في منفي بعيد عن أعين الناس ليبث بها نواقصه بالإضافة إلي صورة أمه المهانة التى كانت المرآة التى انعكست علي الفتاة بكل تفاصيلها ،كل هذا يحدث يوميا داخل بيوتنا المصرية لاسيما الزيجات الحديثة تحت مظلة الحب الوهمية.
فعندما تدلف إلي قاعة مناسبات لحضور فرح ،فإنك تجد نفسك بين أمرين لا ثالث لهما : إما أن تشعر بالانسجام بين العائلتين، وتشعر بأريحية من شأنها أن تكون إحدي معيار نجاح الزواج. وأما أن تجد حالة من التنافر مهما بذلت من جهد لايتجاذبان ، مما يشير إلى أن شبح الانفصال يطارد الزوجين مثلما يطارد العائلتين.
التكافؤ الاجتماعي :لا يعنى الطبقية ولا الغرض منه التباهي بالمال والتفاخر بالمظاهر ،إنما ميثاق يتوافر به نفس الحقوق والواجبات وتقارب في الفكر، وتلاحم بالنضج ،وتلاصق بين العادات والتقاليد. فعقد الزواج لا يوقع عليه زوجان إنما جيشان ،فلابد من توافر حالة من التناغم حتى تنعكس على العش الحديث ، في النهاية ينصهر الحب داخل العلاقات الاجتماعية ،ويبقي التقارب الفكري والاجتماعي الذي ينتج عن الاندماج بين العائلتين. وتقع مسؤولية تحقيق تلك المعادلة علي كاهل الفتاة وعائلتها، فيجب أن يقدموا لها خبرة الحياة في صورة نصائح ،وإظهار الجوانب الاجتماعية التى تغفل عنها ، وبالنسبة للفتاة يتوجب عليها أن تدرك أن الحب وحده غير قادر علي إنجاح الزواج ،فالحب مجرد عامل ضمن منظومة اجتماعية يجب أن يكون العقل القائد الأول فيها ،إلي جانب عوامل أخري مثل الحكمة، والتحلي بالبصيرة ،و إخضاع الطرفين لاختبارات من شأنها أن تحدد مسؤولية كل منهما نحو الآخر وأخيرًا الوقوف علي أسباب نجاح أو الفشل في حالة حدوث زواج ودراسة عواقب الأمور جيدًا
الزواج ليس لعبة لكي يقرر طرفان تحت تأثير مخدر العشق أن يتزوجا، إنما حياة جديدة قوامها تحمل المسؤولية والاعتماد علي الذات ، وتلبية احتياجات ،ومهام يجب القيام بها وواجبات يجب الالتزام بها.
ويبقي السؤال : هل يعي الجيل الجديد كل تلك المتطلبات أم سيكتفي بمهاتفة الآخر بعد منتصف الليل،وإرسال وابل من الرسائل عبر الواتس اب وغيرها من الوسائل التكنولوجية الحديثة حتى نتفاجيء بوقوع الطلاق قبل مرور عام واحد علي الزواج؟ !