الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين ربيع شحاتة يكتب : وحدة اللغة والدين لا تبنى وحدة سياسية

صدى البلد

فى طريقنا لبناء وعى حقيقي يحمى مقدرات الدولة المصرية و يساهم فى بناء مستقبلها ، سنجد أنفسنا فى إنسيابية نتأمل واقع الدولة المصرية وطبيعة التحديات التى تحيط بها بداية من مواجهة الفكر المتطرف مرورًا بحماية تاريخها وتراثها وصولًا إلى مستقبل لائق بشعب رسم أجداده حضارته على الصخور ، و لا يمكن للوعى أن يكتمل دون النظر إلى محيطنا العربى والأقليمي ومن ثم النظر إلى المحيط الدولى بتداخلاته السياسية و إنماطه المتغيرة السبل خبيثة الهدف ، وبالعودة إلى الوراء قليلًا نجد أن الفكر الدينى المتطرف و تصدره المشهد السياسي كان هو الخطر الحقيقى الذى هدد ولا يزال يهدد الدولة المصرية ، إستنادًا إلى تدين الشعب المصرى و حبه الفطرى للدين ، وبخاصة الفلاحين منهم كما يقول الزعيم الراحل "سعد زغلول" ( أن الغالبية العظمى من الفلاحين يحركهم الدين أكثر من المصالح الشخصية) ، وبالنظر إلى الدولة الإسلامية القديمة نجد أنهم أقاموا سياستهم على أساس المنفعة والمصالح ونظروا إلى السياسة على أنها شئ و الدين شئ آخر ، ودليل ذلك مكانة اليهود القراؤون داخل الدولة فى عصر الخليفة المنصور.

وجاء عصرنا هذا ليؤكد قول الدكتور"طه حسين" بأن وحدة الدين و اللغة لا تصلحان أساسًا للوحدة السياسية ولا قوامًا لتكوين دولة ، حيث نرى إعتماد الدول العربية فى بناء دولتهم على الغرب أكثر من إعتمادهم على الدول التى لها نفس اللغة والدين ، بالإضافة إلى قوة وثبات الإتحاد الأوربى كإتحاد كونفدرالى بالمقارنة بالجامعة العربية التى تحظى دولها بتطابق الدين واللغة ، وأنا لا أقلل من أهمية محيط مصر العربى و عمقها الإستراتيجى بل أؤكد أن مصر بتاريخها و تاريخ شعبها الذى أنقذ الحضارة الإنسانية مرتان ، بإحتضان فلاسفة اليونان لأكثر من مائة عام مرة ، وعندما أوى الإسلام وحضارته وتراثه ككنز مدخر ، ومن ثم أعادت نشره إلى الشرق والغرب بما فى ذلك البلاد التى نزل فيها الإسلام مرة أخرى ، وقد غير الإسلام فى السلوك كما فعلت المسيحية من قبل دون أن يغير فى طبيعة الشخصية المصرية.

لذلك فالوعى القومى المصرى الذى نحن فى أمس الحاجة إليه الأن يحتاج إلى الرجوع للخلف قليلًا كرجوع الرمح قبل الانطلاق ، لنرى هويتنا المصرية و تاريخنا لنضع مصر ومصالحها صوب أعيننا ، فمصر القوية فقط بعبقرية موقعها وشخصيتها السياسية هى القادرة على حماية هذا المحيط العربى الذى سقط بعضه ويغرد بعضه الأخر جهة الغرب بحثًا عن مصدر قوة بعيدًا عن مصر التى تصدت لكل غازى أطاح بالشام والبلاد العربية ، بل أن مصر دفنت هؤلاء فى صفحات التاريخ الإنسانى ولم تقم لهم قائمة مرة أخرى كما هو حال الهكسوس و التتار ، فالشعب المصرى بحيويته وطاقته الكامنة وقدرته على لفظ الأجسام الغريبة الدخيلة عليه لم يسمح لهؤلاء الغزاة أن يتركوا بصمة وراثية على جنسه ، حتى الفتح الإسلامى لم يخلوا من الإضطرابات والثورات حتى إسترد الشعب المصرى شخصيته فى عهد أبن طولون .

عليه لن أجد أبلغ من كلمات السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي فى أحدى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة التى أكد أن الوعى الحقيقى غير الزائف هو فقط القادر على حماية الإنجازات التى تقوم بها الدولة من أجل المستقبل لتحيا مصر.