الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هورين حسن تكتب: حواء والحرب السورية

صدى البلد

الحرب التي اندلعت في سوريا ألقت بظلالها على مناحي الحياة برمتها ،وكل كائن بشري يقطن هذه الأرض دفع ضريبة هذه الحرب الشنيعة بشكل من الأشكال ،ولاسيما أن هذه الضريبة سرعان ما ارتفعت وازدادت بشكل ملحوظ وأكثر صرامة في مناطق النزاع والتصعيد والتوتر ناهيك عن المناطق التي قام تنظيم (داعش) بالسيطرة عليها وفيما بعد تم تحريرها من قبضة التنظيم على أيادي قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًا من قبل قوات التحالف الدولي.

المرأة السورية تضررت ودفعت مبلغًا باهظًا جراء سنوات الحرب اللعينة التي بات الجميع في انتظار الحلقة الأخيرة لها !

بإمكاننا تقييم الحال ورؤية المشهد الذي آلت إليه المرأة السورية في ظل الحرب من منظورين أساسيين، منظور سوداوي بحت أضعف من عزيمتها وكيانها وأنهك قواها، ومنظور تفاؤلي يري أن المرأة أثبتت شخصيتها وجبروتها واستقلاليتها وحريتها.

إذا ما بدأنا بالمنظور الأول فالكثير من النساء فقدن فلذات أكبادهن،والبعض منهن أصبحن ثكالى ،وباتت المرأة معيلة الأسرة لتلعب دورًا مزدوجًا لترميم الهوة الكبيرة التي خلفها غياب الأب عن الأسرة ،تاركة إياها وحيدة لاحول لها ولاقوة جراء المعارك التي اندلعت في مناطق النزاع بين الفصائل المسلحة.

البعض الأخر اختطف أزواجهن بطرق غامضة ولايزال مصيرهم مجهولًا ولا يعلمن هل هم على قيد الحياة أم لا ؟ولازال بصيص الأمل يرافقهن وينتظرن ويترقبن عودتهم.

والعديد من النساء باعتقادهن أنهن رسين على بر الأمان بعد عبورهن الحدود السورية لكن القدر اللعين وقف لهن بالمرصاد ،مثلاُ البحر التهم عائلات بأكملها دون أدنى شعور بالذنب ودون أن يستطيع أحدا أن يحاسبه أو يحاكمه !

والكثيرمن النساء مازلن يزرن بشكل شبه دوري السفارات ودوائر الهجرة والجوازات اللبنانية والتركية والعراقية لإجراءات تتعلق بلم الشمل للأسرة.

في حين أرغمت بعض النسوة وتأقلمن على العيش في مخيمات النزوح ،حيث التجربة الأكثر مرارة والأكثر غرابة عن المرأة السورية للفرار من تنظيم داعش،وبشكل يومي ينتظرن دورهن في طوابير لاستلام معونات من المنظمات التي تدعي الإنسانية ولكنهن لم يستسلمن ولعبن دورًا ايجابيًا في هذه المخيمات أيضًا من خلال فتح ورشات الخياطة وماشابه ذلك للتغلب على تجربة النزوح القاسية والموجعة.

ولانغفل أن نسبة كبيرة من الفتيات تحملن من وطأة الحرب الناشبة كونهن أكثر عرضة للعنف الجنسي والتشرد، ودفعن مهرًا غاليًا للحرب ولسوء الحظ أن ربيع أعمارهن أتى متزامنًا مع خريف الوطن وبقين عوانس الثورة نتيجة هجرة الشباب إلى البلدان المجاورة والدول الأوربية فرارًا من الخدمة الإلزامية وبحجة تدني المستوى الاقتصادي والوضع المزري الذي يعاني منه البلاد الذي لن يسمح لهم بالزواج المثالي.

بعض العائلات ذوي التفكير المحدود قاموا بتزويج فتياتهن بأعمار صغيرة (زواج القاصرات) زواج غير متكافئ بحجة أن هذا الزواج سيوفر لهم الأمن ،وسيكون هذا الزواج خير سند لهن وحمايتهن من الضياع والاغتصاب في بلد لايعرفون متى تضع الحرب أوزارها أو حمايتهم من الخطف كون الوضع المتأزم لسوريا وبما تحتويه من الفصائل والميليشيات المسلحة المتعددة.

المنظور الثاني: تجسد بشكل عام في مناطق شمال وشرق سوريا حيث الإدارة الذاتية الديمقراطية التي تضم جميع مكونات الشعب السوري.

المرأة لعبت دورًا رائدًا ومميزًا وتبوء مراكز قيادية وعسكرية وأصبحت مستشارة في وضع الخطط والتكنيكات الحربية لدحر تنظيم (داعش)إضافة إلى مناصب الرئاسة المشتركة مناصفة مع الرجل في مؤسسات وهيئات الإدارة الذاتية الديمقراطية، وكما أتيحت لها الفرصة السانحة بتوفر المزيد من الوظائف في القطاعات التعليمية والتربوية والخدمية.

ولعبت دوراُ بارزًا بانضمامهن إلى وحدات حماية المرأة تحت مسمى ypj دفاعًا عن الوطن كما استطاعت الكثيرات منهن إتمام تحصيلهن العلمي في جامعات وأكاديميات ومعاهد شمال وشرق سوريا التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية.والقيام ببعض المشاريع الصغيرة التي تشرف عليها النساء فقط.
 
ولايخف عن أحد أن المنظور الأول تصدر المرتبة الأولى من حيث المعاناة والألم والفقدان وأثر بشكل سلبي على كيان المرأة السورية مقارنة بالمنظور الأول في كلتا الحالتين لانستطيع ان نقول أن الصورة التي تعكس زمن الحرب وردية فالمرأة تحملت أعباء نفسية وضغوطات اجتماعية كبيرة.

على الرغم أن الحرب مازالت قائمة ورحاها تدار في سوريا ،أثبتت المرأة أنها قوية بكل ما أوتيت من عزيمة وإيمان لمواجهة الحرب والظروف المختلفة ومواكبة كافة التغييرات والتغلب عليها،وخوضها معارك الحياة بكافة أسلحتها وعتادها.