الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب البراهمي تكتب: من أجل حبة بطاطس

صدى البلد

قبل الحديث بموضوعية عن الأزمة, أود أن أسجل أننا أصبحنا شعب هايف, لا يغضب البعض من هذا الإتهام. ولكننا أعطينا الموضوع أكبر من حجمه لم نتصد لهذا الأمر بقليل من الحكمة بالمقاطعة.
 
لو توقفنا عن أكل البطاطس لن نموت. ولكن للأسف كان الشغل الشاغل للحديث عبر الميديا وعبر الفون وفي المكاتب, أسعار البطاطس, لم أكن أعتقد أنه سيأتي يوم تكون الأهمية الأولي للبطاطس في حياتنا, سيقول البعض لسنا نحن ولكن الأطفال, فأود أن أقول لكم تلك من العادات السيئة في التربية, وهي تلبية رغبة الطفل مهما كانت.

فلن يحدث للطفل مرض إن لم يأكل بطاطس لمدة شهر, لن يدخل المستشفي, لن ينقص جسمه عنصر مهم, بالعكس يوجد كثير جدا من الخضراوات الطازجة بالسوق ربما أكثر فائدة, يوجد البازلاء والسبانخ والكوسة والقلقاس والفاصوليا الخضراء والبامية والملوخية والفاصوليا البيضاء. ويوجد بدل البطاطس المقلية الجبن والبيض والفول, خيرات الله تملأ الأرض ولكن لأننا لا نستطيع أن نقول للطفل لا. خوفا من أن يرفض الطعام, فليرفض بالنهار سيأكل بالليل وإن رفض بالليل سيجوع ويأكل أي شيء إذا جاع. 

أذكر أنه في عصر الصحابة في عهد سيدنا عمر حدثت مجاعة وقرأنا عن أطفال جياع كانت أمهاتهم لا تجد لهم قوتا إطلاقا وكانت تضع الماء في القدر حتي ينامون لأنه لا يوجد أي طعام.

وأذكر بالصعيد عندنا عندما كنا بالمرحلة الإبتدائية كانت تأتينا الخضراوات كالبازلاء والكوسة والجزر الأصفر والفاصوليا واللوبيا شهرين فقط في السنة . وكذلك كثير من الفواكه, لأن وسائل النقل كانت قليلة ومكلفة والجو حار والطرق غير مرصوفة.

فكان الطعام السائد في الشتاء بطاطس وفاصوليا بيضاء والصيف بامية وملوخية ولم نمت لأننا لم نأكل خضراوات طوال السنة.

ولكن الآن تعودنا وعودنا أولادنا علي التدليل والأنانية لدرجة أن بعض الأمهات يقف بالساعات بالمطبخ لأن الأولاد لا يأكلون مثل بعضهم البعض.
 
ثم نشكو أن الأولاد غير مطيعين وغير متحملين المسئولية . حتي في زواجهم يضغطون علي الأهل من أجل شراء أشياء كثيرة لا لزوم لها والأهل يلبون , بل البعض منهم يتداين ويقترض من أجل إرضاء الأبناء.

لابد أن تغير نحن ونحمل أولادنا المسئولية ونعودهم أنه يمكن الإستغناء عن أشياء كثيرة جدا, وأن هناك فارقا بين المهم والضروري , وبين ما يوجد له بديل فذلك من أجل جيل أقوي وأفضل. 

حتي بالمدارس يذهب التلميذ ولا يهتم بالشرح وقد يلهو بالموبايل أثناء الحصة, لأنه واثق أن والده أو والدته سيوفر له درسا خصوصيا, بغض النظر عن ماذا تكبد الأب أو الأم من مشقة من أجل توفير هذا المال للدرس.
 
أغلب متوسطي الدخل في كل الجمهورية يشترون ديب فريزر لكي يأكلون ثمار وخضار الصيف بالشتاء وثمار الشتاء بالصيف, ولا أدري لماذا؟ لماذا لا نشبع من الشيء في حينه. يوجد مثل سوري أنا أطبقه يقول كل شيء بأوانه حلو. 

تعودت أن أكل كل شيء في أوانه ولا أريد شراء ديب فريزر, لا أريد أشياء في غير أوانها, لا أريد تكديس المأكولات وكأن مجاعة قادمة, كل شيء يتم الأحتفاظ به فترة طويلة يفقد قيمته الغذائية بل ويفقد حلاوته.
 
أما الحديث عن البطاطس فلو قاطعناها لعلمنا التجار الجشعين معني الأدب واحترام المشترين وعدم الإستغلال.
 
ولابد لنا من الإعتراف بأنه يوجد بعض من الناس يحبون أن يظهروا عجز الدولة عن توفير بعض السلع للمواطنين , ويريدون إحداث بلبلة في المجتمع ولكن الحمد لله تم القبض علي هؤلاء التجار ولابد من عقابهم عقوبة رادعة.
 
ليس لأنهم أخفوا البطاطس ولكن لأنهم أنانيون ويريدون فتنة, ولكن هذا السلوك المشين لن يحدث فتنة بين الدولة ومواطنيها, لأنه ولله الحمد يوجد لدينا بدائل, وخيرات مصر لن تنضب وتدوم النعم بالشكر, وأعتقد أننا كشعب مصري أكبر من أزمة حبة بطاطس.