الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خالد زلط يكتب: صناعة الخبر المزيف

صدى البلد


منذ بزوغ نجم فيسبوك عام 2007 على يد المبرمج الأمريكى الشهير مارك زوكربيرج، وبدأ العالم يتجه نحو نوع جديد من التعارف "إسمه التواصل الاجتماعي"، النوايا كانت صادقة في البداية وحملت في مضونها الخير للانسانية جمعاء، فهذا الأب لم يرى إبنته منذ سنوات، وهذه الأم كانت تريد أن تطمئن على إبنها الوحيد، وتلك الفتاة أرادت أن تبعث برسالة إلى حبيبها القديم، اجتمع فرقاء كان من الصعب أن يلتقوا مرة أخرى، تغيرت الدنيا للأفضل وبدا اللون الأزرق هو رمز "العودة" العودة إلى الحب، العودة إلى السلام، والأهم من كل ذلك، العودة من بعد فراق.

استمرت النوايا الحسنة لفترات ليست بالطويلة واقتصر الأمر في مستهله على علامات الإعجاب والمشاركات إضافة إلى التعليقات، بيد أن الأمر تغير تمامًا عندما اقتحمت السياسة "السوشيال ميديا" وقلبت الحاضر الجميل إلى مستقبل غامض، فتم تجنيد الألاف من المستخدمين لتغير مزاج الشعوب من الفرح إلى الحزن من الخير إلى الشر من الهدوء إلى العنف، لتبدأ العواصف المدمرة بالزحف على الوطن العربي مرتكزة على عنصرين أساسيين، الأول "نشر شائعة من جنس الحدث"، ثانيًا "كيفية صناعة الخبر المزيف المرتبط بالشائعة"، حتى نصل في النهاية إلى مرحلة "التباعد" بدلا من "التواصل" وهو الهدف الرئيسي الذي يُفترض أنه تم بناء الموقع عليه.

فلو فرضنا مثلًا وجود مظاهرة في ميدان التحرير للمطالبة بزيادة الأجور، فسيتم صناعة شائعة من جنس الحدث، عن طريق بوست مفاده "قوات الأمن تعتدي على المتظاهرين"، ويتم نشره بطريقة منظمة بين المستخدمين المأجورين، ويتناولها الغير مأجورين دون قصد طبعًا، تأتي بعد ذلك المرحلة الأهم، وهى صناعة الخبر المزيف، ويتم بنائه عن طريق محترفين بالصحافة وسنعرضها الآن.


"الخبر المزيف"

أكدت صحيفة شلوم أبلاحيم الإسرائيلية، أن قوات الأمن المصرية اعتدت اليوم على متظاهرين في ميدان التحرير، والتي كانت تطالب بزيادة الأجور.

وأوضحت مصادر صحفية في القاهرة، أن قوات الداخلية استخدمت غاز "السارومين" الذي يؤدي إلى قتل الفرد في أقل من خمس دقائق، وربما أقل من ذلك.

من جهتها، أكد رابطة الحقوق العالمية، والتي يقع مقرها في مقاطعة "سان ايفوا" الفرنسية، أنها ستقوم بالتحقيق في تلك الأفعال القمعية التي تنتهجها بها قوات الأمن المصرية.

وأشارت المنظمة العالمية، إلى أن غاز السارومين هو مادة غازية قاتلة عديمة اللون، تستخدم في القنابل الذرية، وفي حال استنشاقها، تؤدي الى الوفاة الفورية، وإن عاش صاحبها سوف يصاب بفيرسات عنقودية سرطانية مزدوجة.

المفاجأة العجيبة في الخبر تتمحور في النقاط التالية : -

1 – لا يوجد صحيفية إسرائيلية إسمها شلوم ابلاحيم (الخدعة تكمن في شلوم)

2 – لا يوجد غاز يسمى السارومين، وما هو إسم المصدر الصحفي في القاهرة الذي أعلن عن وجود ذلك الغاز (فبركة صحفية للتأثير على الجهلاء)

3 – لا يوجد ما يسمى على الإطلاق بـ "رابطة الحقوق العالمية" (أداء احترافي في اختيار الألفاظ وترتيبها)

4 – لا يوجد مقاطعة في فرنسا إسمها "سان ايفوا" ( تم بناء الكلمة على إيقاع اللهجة الفرنسية)

5 - لا يوجد في عالم الطب ما يسمى بـ فيروسات عنقودية سرطانية (تم استخدام لفظ سرطان للفت الانتباه).

خبر مزيف ضمن آلاف من الأخبار التي تم استخدامها في الربيع العربي، وبسببها، ضاعت ليبيا، وتاهت سوريا، وترنحت تونس، واشتعلت اليمن، ولم يسلم من هذا الطوفان الأزرق سوى مصر، لكنها لم تسلم من المعاناة (حمى الله الجيش حمى الله الوطن).