الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.حنان نجم تكتب: سنة التغيير

صدى البلد

التغيير هو سنة كونية من سنن الحياة، كل شيء حولنا يخضع للتغيير، حتى نحن يجب علينا أن نتعايش ونتقبل أننا قابلين للتغيير حتى نصمد ونقوى على كل متغيرات الحياة من حولنا.

هذا القانون الكوني يخبرنا أن التغيير يبدأ من الداخل إلى الخارج وليس العكس. فعلى سبيل المثال، في البيئة، لو رغب شخص ما أن يحسن من ثمار شجرة معينة ويجعلها أكثر رونقًا وألذ طعمًا، فلن ينفع أبدا أن يمسح هذا الشخص على الثمار ويلمعها أو يلونها أو أن يجمل الشجرة من الخارج، بل يجب أن يغير البذرة التي نبتت منها الشجرة من الأساس حتى يحصل على نتيجة مختلفة.

التغيير يكون من الداخل وليس في القشرة الخارجية، وهذا هو الحال مع كل شيء في الحياة، فكل شيء يتغير من الداخل إلى الخارج، والحقيقة أن السبب الرئيس لطرحي هذا الموضوع أن أغلب الإستشارات التي تأتيني هذه الأيام تكون من أشخاص يسألون عن كيفية تغيير الآخرين. مثلًا، زوجة تشتكي من زوجها أو من أهلها وتريد مني أن أعطيها طريقة لتغييرهم.

لكن الحقيقة أن لا أحد يملك القدرة على تغيير الآخرين مباشرة ولا يحق لأي كان أن يغير الآخر، إذا فكرنا بالتغيير فيجب أن يكون كيف نغير أنفسنا وكيف نصنع حياتنا وواقعنا ولا نضيع الوقت والجهد في محاولة تغيير الآخر.

حتى لو كنا نرى أننا على حق، فلن نحقق هدفنا عن طريق تغيير الآخرين، هذه الأفكار التي تربينا عليها هي التي تحِد من أفكارنا وتطورنا وتجعلنا نعيش في عالم منغلق خاص بنا وحدنا لا نغادره ولا نسمح للآخرين باختراقه، وبالتالي يصعب علينا تحقيق أي هدف.

تذكرت حكمة ملهمة دفعتني أيضًا لكتابة هذا المقال، حكمة النسر، حيث يقول علماء الطيور، أن النسر بإمكانه العيش حياة طويلة قد تمتد إلى سبعين عامًا، ولكن حتى يصل إلى هذا العمر عليه أن يتخذ قرارًا صعبًا ومصيريًا بالنسبة لطائر وصل إلى سن الأربعين، ففي هذا الوقت الذي يكون فين الإنسان في أوج عطائه، فإن النسر إذا بلغ سن الأربعين فقدت أطرافه مرونتها وصار عاجزًا عن الإمساك بالفريسة ويصبح منقاره معقوفًا شديد الإنحناء ويثقل جناحاه بسبب ثقل وزن الريش وبالتالي يكون طيرانه غايةً في الصعوبة، ويصبح عبئًا على نفسه. 

هذه الظروف الصعبة تضع النسر أمام خيارين، إما أن يستسلم للموت عاجزًا متخبطًا، أو أن يقوم بعملية تغيير تمتد الى خمسة شهور، وبمجرد أن يقرر النسر التغيير يجب عليه أن يحلق بعيدا إلى قمة جبل ويضرب منقاره بشدة بالصخر الصلب حتى يكسره ومن ثم ينتظر لينمو من جديد ومن ثم يقوم بتكسير مخالبه لتنمو من جديد وأخيرًا ينتف ريشه لينمو بديلًا عنه. 

وبعد إتمام هذه التغييرات في فترة الخمس شور يعود لحيويته وعنفوانه من جديد وينطلق على حياة جديدة تمتد لثلاثين سنة إضافية، وكل هذا النجاح لأنه أخذ قرارًا بالتغيير في نفسه.

نحن البشر لا نتقن فن التغيير أو أننا نخاف منه، لكن يجب أن تعلم من قصة النسر القاسية.