الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: الضرب في "الوسطي" .. حرام

صدى البلد

خلقها الله -سبحانه وتعالي- ثلاث طبقات عليا ووسطي ودنيا، وبفعل المتغيرات السياسية والاقتصادية وما نشهده اليوم تلاشي وجود الطبقة الوسطي التي من المفترض انها صمام الأمان لأي مجتمع بشري، ومرتكز رئيسي في الحراك المجتمعي لارتفاعها عن حال العوز كما هو حال الطبقة الفقيرة، ما يمنحها الاستقلالية وثبات المواقف، وكلما زاد عدد هذه الطبقة وحجمها، كلما شكلت مصدرًا مهمًا للاعتدال والأمن والأمان المجتمعي لمن يجدون قوت يومهم، بمعني أن دخلهم يكفيهم من الطعام والشراب والصحة والتعليم "مستلزمات الحياة"، ومع ارتفاع كثير من السلع والخدمات فإن نسبة كبيرة من أبناء هذه الطبقة اندرجوا تحت خط الفقر، وحسب احصائيات ودراسة خبراء الاقتصاد ان من تزيد رواتبهم على 5 آلاف جنيه وتقل عن 20 ألف جنيه يصنفون ضمن الطبقة الوسطي وعكس ذلك يعتبر من أبناء الطبقة المعدمة، وقد بدأت الدراسات أخيرًا التي تشير إلى انكماش الطبقة الوسطي في بعض البلدان العربية ككل نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة وتفشي الغلاء وتدني الرواتب.



ومن المعروف ان تحقيق عنصري الأمن والاستقرار المجتمعي، يعتمد علي استقرار الطبقة الوسطي، وتآكل تلك الطبقة ستفرض خطورة علي الأوضاع الأمنية والاجتماعية التي ستكون قابلة للانفجار، والمدنية التي سوف يتخللها الجريمة، في حين انشغال الطبقة البورجوازية بجمع ثرواتها، والطبقة الدنيا أو المتردية اقتصاديًا كل ما يهمها هو تأمين لقمة العيش لتضمن الاستمرارية في الحياة، وفِي الوقت التي تشير فيه جميع التوقعات إلى استمرار وتيرة الغلاء اكثر في السنوات المقبلة وليس العكس، يعني اذا لم نتمكن من فك العقد الاقتصادية سيستمر مسلسل انهيار وتلاشي الطبقة الوسطى التي تدفع الثمن جراء ذلك.



وهي نفسها الطبقة التي دفعت ثمن ثورات الربيع العربي وناهيك عن الحروب والارهاب وابسط مثال سوريا والعراق في هذاالشق، وحظت بالقسم الأكبر من فاتورة الإصلاح الاقتصادي فتحملت قساوته، وفِي مصر تحولت العديد من الأسر التي لم تستطع الصمود إلى فئة محدودى الدخل دون أن تستطيع إثبات ذلك فى بطاقات التموين، ومردود تلك الإصلاحات أدت الي انزلاق "الوسطى" إلى تحت خط الفقر، بعد ارتفاع الأسعار وتحرير سعر صرف العملة المحلية وضريبة القيمة المضافة، وارتفاع أسعار جميع المحروقات، وتذاكر مترو الأنفاق من جنيهين إلى 7 و9 جنيهات، فقد شهدت الطبقة الوسطي موجة غلاء تعدّ الأعنف عما مضي.



في الأساس انا كصحفية تحقيقات وشغلي الشاغل هو حال المواطنين وملامسة القضايا التي تشغلهم، أميل دائما الي الاهتمام بهم كمحور رئيسي في عملي، وسبق ان فتحت ملف الغلاء اكثر من مرة وتأثيره علي المواطن الذي اصبح لا حيلة له فلا يهمه سياسة او تنمية او غيره او من يترأس الكرسي "الفلاني" او المنصب "العلاني" فهم حتي يجهلون اسماء المسؤولين ووجوهم التي باتت تشبه بعضهم البعض، الشغل الشاغل للمواطن هو ان يحصل علي قوت يوم بيوم فالحياة من وجهة نظره مأكل ومشرب ومسكن وتسديد فواتير لا يفكر في إدخار تحسبًا للايام القادمة ولا في حسبته الكماليات الآخري للحياة، وعند زيادات اخري لسان حالهم هنجيب منين !!

ورأيت فيديو تم تداوله علي وسائل التواصل الاجتماعي بمناسبة نهاية العام لسيدة مصرية الملامح بسيطة الهيئة، عند سؤالها عن أمنيتها في نهاية العام ترد ب "القيامة تقوم" رد قاتل محزن يحمل ملخص مايعانيه الكثيرون من صعوبات الحياة علي الرغم من ان البعض أخذوه علي محمل الفكاهة وإن كنت لا أر اي مزاح غير ان بَعضُنَا أصابه من اللامبالاة والتبلد الكثير، وأصبح يري كل المصائب بعين الاستهتار الذي وصل بِنَا الي عدم الشعور بمعاناة الآخرين والسخرية من كل ما يحيط بِنَا من مصائب !



فالغالبية تعمل في القطاع الحكومي والخاص ومع المصانع المغلقة بسبب الوضع الاقتصادي الذي يقوم علي مبدأ الاستهلاك وليس الادخار والاستثمار، وارتفاع الضرائب وإلغاء الدعم، ولا زيادة في الدخل الشهري والمرتبات كما هي منذ عام 2016 وحتى الآن كل ذلك شارك في تلاشي وتآكل الطبقة المتوسطة.



وفِي النهاية.. لست متخصصة ولا خبيرة اقتصادية ولكن كل منا يحاول ان يجتهد، فمن وجهة نظري ان الحفاظ على بقاء الطبقة الوسطي يبدأ بتصحيح المنظومة الاقتصادية والاهتمام بمعالجة الموضوعات التي تحقق التنمية المتوازنة، وقد انتهينا من البنية التحتية وجاء دور البدء في عجلة الإنتاج وزيادة حوافز الاستثمار الذي يعيد هذه الطبقات لمكانها الصحيح مرة أخرى، ولعل الأمل الذي ننتظره في نتائج المشروعات القومية علي ان تحدث تغييرا للافضل وترسخ المعني الحقيقي للصب في مصلحة المواطن ذلك غير الصب الخاص بيوم الخميس!



ولحل هذه المشكلة علينا زيادة موارد الدولة للخروج عن دائرة التضخم والكساد والغلاء وكثرة الإنتاج وعمل قانون جديد لتشجيع المستثمرين وعمل المشروعات اللوجستية وتحقيق استقرار أمني للسياحة حتي تنهض مرة أخرى، وتقديم خطط عملية تتوافق مع المرحلة الراهنة، والعمل علي وقف تآكل الطبقة الوسطى يأتي وفق برامج تعيد بناء المجتمعات، وفق سياسة اقتصادية متوازنة بما يساعد على تكوين قاعدة أساس صلبة للمجتمع كل هذا يشجع الدولة ان تعود لنطاقها الطبيعي، فكل تلك الحلول رائعة اذا اخذت بعين الاعتبار واوقفنا نزيف الطبقة الوسطي التي تتجه الي حافة الانهيار وكفانا صب وضرب، ونقولها لوجه الله : "الضرب في الطبقة الوسطي ...حرام "!!