الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إسراء أبو الفتوح تكتب: مشرد بلا مأوى

صدى البلد

أتلفت حولي باحثة عن الرحمة في أعين البشر باحثة عن رفق بملجأ اّمن كي أنام فيه بدون خوف ؛ دون انتظار بأي طريقة سأموت و هل سأعذب أم سأموت سريعًا دون أن أشعر هل إذا استيقظت من نومي الغير اّمن سأجد قطرة ماء ترويني سأجد ما سيسغب في معدتي الخاوية ؟ . 

أفتح عيني أستقبالًا ليوم مليء بالمخاوف و الصراعات القذرة بين هذا وذاك ، أركض في أرجاء الشوارع أختباءً من أعاصير الشر التي تطيحبي في الهواء من هزلي .

فكلهم أشرار كلهم لا يحبونني .. لماذا خلقتني في غير موضعي ياألهي .. لم أكن أعرف أنني الى هذا الحد أنا مكروهة .. لماذا لم تخلق لي ولمن يشبهني مكانًا خاص لنا كي يحمي الضعفاء مثلنا و يئوينا من ذلك الشر الذي كاد أن تنعدم الرؤية نتيجة لانتشاره في كل مكان . 

فهل لهذه الدرجة أشكل مساحة كبيرة على هذه الأرض كي لا يتحملني أحد.. وضعتني في هذا المكان الذي لا يئوي فيه غير الأقوياء وأنا لا أملك القوة الكافية للمواجهة والدفاع عن نفسي ، جائعة وسط زحام اليوم الشاق و تعبت كثيرًا من كثرة الركوض في صباح الشمس الحارقة وكادت تدعسني السيارات فهي تسير بسرعة كبيرة وكأنها بلا أعين ، حتى الأطفال السيئون لم أسلم من حجاراتهم التي تشبهه الرصاص في صعقاتها في جسدي .

حل الليل وحلت ظلمته و هدأ الشر وذهب ليغمض عينية ليصبح بكامل طاقته كي يكمل باقي مهمته الدنيئة .. أنهل المطر فوق رأسي وأنا بلا مأوي التجأ أليه حتى ينتهي المطر فلا مفر لي أيضًا من الليل و برد الليل .

لقد عشت طوال حياتي مشردة لقيطة الشوارع ولم أعترض ورضيت بأمري الواقع لكن ألا يكفي هذا البلاء كي أعيش عيشة غير مستقرة وغير أمنة الى هذا الحد ترون أن كل هذا الألم لا يكفيني فتزيدون الألم على جسدي و نفسي و عقلي ، وبعد ذلك اليوم الطويل بمختلف أنواع العذاب أستسلم وأنا قليلة الحيلة مؤمنة بقضاء الله و قدره ، فقط لأنني ضعيفة بل أضعف من أن أهمس بما يعبر عما في داخلي لينتهز البعض ضعفي كي يمارسون عقدهم النفسية برهانًا على قلة اخلاقهم و انعدام أنسانيتهم .

أود لو لم ينسوا أننا جميعًا مخلوقات الله لكل منا منفعة شئنا أم أبينا احببنا بعضنا أم كرهنا بعض ، نحن نعيش على نفس الأرض .

إلى متي سينتهي جنون العظمة وأيمان البشر أن الكون لم يخلق لهم وحدهم . لا يهم إن كنت تحب الشئ أم لا .. فعدم حبك للشئ غير مبررًا لنعدام وجوده ، وأننا سنستمر معكم في رحلتكم رغم أنوفكم فالحرية والرحمة التي طالما ناديتم بها لا تتجزأ .

مستندين بقول رسول الله صل الله عليه وسلم ((ارحموا مَن في الأرضِ يَرحَمْكُم مَن في السَّماءِ)) ، ((مَن لا يَرحَمْ لا يُرحَمْ)) .

فكيف لكم أن تنهون حياة جزءً مما يحدث توازنًا في ذلك الكون ، حثكم الله على الرفق بالحيوان في كتابه العزيز وفي أياته الكريمة ، فالأسلام دستور الأنسانية . 

أصبحتم تتحكمون في أرواحًا ليس لكم فيها شيئًا بل خلقتمنفعة و أنس لكم كبشر فقد أوصاكم الله و رسولة على الرفق بالحيوانومراعاة لشعورهم و رأفة ورفقًا بضعفهم فهم مثلكم يشعرون يحزنون و يفرحون ويحبون ولهم أسر مثلكم ايضًا حيث قال الله تعالى : ((وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (38 من سورة الأنعام .

فالمقصود بالدابة من يمشى على أربعة أرجل على الأرض ،والطير الذي يطير بجناحيه في السماء هي الطيور بكل أنواعها ، وخص الله في أيته الكريم ذكر الأرض بالتحديدلأنها أقرب لقبضة يديكم وهنا يصعب الأختبار .
إلا أمم امثالكم تعني أنهم جماعات لهم قواعد تحكمهم من عدل و الخلق و الحساب و الرزق والموت و البعث و القصاص ولهم مشاعر يحزنون ويفرحون و يتألمون دون أن يتفوهوا بكلمة فالله رقيب لما نفعل وإنه لم يترك أمر في الدين إلا ذكره في " ما فرطنا في الكتاب من شئ " .

إلى ربهم يحشرون و المقصود هنا بيوم الحشر دلالة على أن كل الدواب سيتم حشرهم و محاسبتهم على أفعالهم حتى تحقق العدالة الألهية على العالمين .

هناك دليل اّخر على حشر الحيوانات في سورة التكوير الأية (5) حيث قال تعالى ((وإذا الوحوش حشرت )) .
وقد طمأنكم رسول الله صل الله عليه وسلم في حديثة قائلًا : عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهرة: ((إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوَّافين عليكم))؛ أخرجه الأربعة، وصحَّحه الترمذي وابن خزيمة .

وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي – صلى الله عليه وسلم – رأى تلك المرأة في صلاة الكسوف حيث قال : (.. ودنت مني النار ، فإذا امرأة تخدشها هرّة ، قلت : ما شأن هذه ؟ ، قالوا : حبستها حتى ماتت جوعا ، لا أطعمتها ، ولا أرسلتها تأكل ) .

وجاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة ((عن رسول اللهقال: ((بينما رجل يمشى فاشتد عليه العطش فنزل بئرًا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثرى من شدة العطش قال: لقد بلغ هذا الكلب مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب ! فشكر الله له، فغفر له)) قالوا يا رسول الله! وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: ((في كل كبد رطبة أجر ) .

روى أحمد وأبو داود عن عبد الله بن جعفر أن رسول اللهدخل حائطًا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلما رأى النبيحن وذرفت عيناه، فأتاه رسول اللهفمسح ذفراه فسكت فقال: ((من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟)) فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال: ((أفلا تتقى الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنه شكا إلى أنك تجيعه وتدئبه)). ومعنى ذفراه: مؤخرة رأسه، ومعنى تدئبه: تتعبه.

وكما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها ( إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ) ، فأكثر من يميز الأنسان عن الحيوان هو الأختيار و الأختبار و التعمق أكثر في الأدراك و الأستنتاج واللغة غير أن خلقتنا تساعدنا على التحكم أكثر في الأشياء ، فقد أعطانا الله كل هذه المنح كي تكونوا عونًا لأنفسكم ولمن هم أضعف منكم ، والاّن تستخدمون نعم الله عليكم ترسيخًا و خدمة للشر واختراق قوانين الطبيعة الفطرية التي خلقها الله في هذا الكون .

كي تجعلون الأنسانية خادمة لشروركميجب أن تقضوا على الخير فقط كل ما عليكم فعله هو أن تعاملون ما سوف تأكلونه معاملة حسنة حتى يأتي موعد أكله من هنا تنتهي حياته و تبدأ مهمتكم. 

فما أطهر هذه المخلوقات وما أقبحكم بشر ، أصبحتم تشكلون خطرًا كبيرًا على المنطقة أكثر من بني صهيون .