الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: شيزوفرينيا المصريين !

صدى البلد

بحثت كثيرًا عن معني يوصف ما نعانيه وما نتعرض له هذه الأيام لم أجد خير واوضح من تعبير شيزوفرينيا، بالفعل الشعب المصرى اليوم أصابه هذا المرض وتفشي بقوة خلال السنوات الماضية فأصبح يعانى من مرض فصام الشخصية أو الشيزوفرينيا، يظهرون انهم اسوياء ومن داخلهم معقدون نفسيا يهاجمون الطرف الآخر في محاولة تشويههم، او يظهرون عكس ما يخفون.

  1. ففي الوقت الذي يدعي منا الفضيلة والأخلاق لم تجده يفعل ما يقول ويهاجم فلان ويسب في علان وفي الأخير، يتظاهر بارتداء عباءة الفضيلة وهو لا يملكها، والذي يعيش دور رجل الدين او الواعظ لا تمت افعاله للدين بصلة بل يستخدمه طريقة يسلك بها الي اتجاهاته ويتكسب منه، حتي الشعب الذي ثار وانتفض من أجل الحريات العامة والشخصية، افراده اول من لا يعترف بحرية الآخر ويحجر علي آراء الغير لمجرد اختلافه معه في بعض وجهات النظر، حتي مسئلة الزواج نحس علي أهمية تيسير الزواج، في نفس الوقت التي تعتبر مصر من أعلى الدول العربية في ارتفاع نسبة العنوسة نتيجة المغالاة في قيمة المهور بين الرجال والنساء، ناهيك عن نسب الطلاق التي تزداد يوميًا ! فمعظمنا يتحسس المرض سواء مرضي حلت عليه لعنته او من هلال تعاملنا معرافراد اصابهم الداء.
.
غير ان العوامل النفسية هي السبب الرئيسي التي جعلت الإنسان يصل لظاهرة الشيزوفرينيا لتحوله الي شخصية غير سوية نتيجة تعرضه لضغوطات الحياة ليتحول الي حالة من اللامبالاة، تلك الظاهرة التي تزداد في المجتمع المصري بشكل كبير.

والمسؤول الذي يأمرنا بالتقشف ويصف الدولة بالفقيرة اقتصاديًا وهو اول من يتجول في بلاد الغرب سواء في نزهة او من اجل ان يتلقي العلاج علي نفقة الدولة ومن اموال الشعب، وفِي الوقت نفسه الذي نجد فيه الصحافة الفنية تنشر لنا أجور الفنانين وأبطال مسلسلات رمضان، فقد حصل الفنان الفلاني علي 45 مليون جنيه مثلا، والممثلة الفلانية علي 40 مليون وآخرين وآخريات، وحتي لاعبي الكرة وعقود البيع والشراء والراتبات والمكافآت التي قد تعادل راتب حوالي 400 أستاذ جامعي، تلك التناقضات التي حالة من الشيزوفرينيا الواضحة في بين فقر مدقع وإسراف يصل إلى حد السَّفَه!

والاعلامي الذي يدعي المهنية والولاء للوطن وهو اول من يستخدم قلمه او نافذة شاشته التي يطل علينا من خلالها ليهدم مصالحه الشخصية الآخري تاركًا كل شفافية وموضوعية وشرف المهنة الذي اصبح "موضة قديمة" لا تليق بالواقع المرير المستحدث، وغيرهم واخرين في كل جهة ومجال مما يرسخ قاعدة تفرض نفسها علي المجتمع وهي وجود ظاهرة فصام الشخصية لدي المصريين ممن يجرم ويهاجم وينتقد غيره بكلمات من رصاص واخري متناقضة في غير محلها وهو اولي ان ينطر الي نفسه اولا ويصلح من افعاله ويحسن نواياه، فمعظم الجهاز الاعلامي ادخل مرحلة الشيزوفرينيا المعقدة!

وحتي القوانين اصابها ما اصاب المصريين لتدخل في دائرة الشيزوفرينيا، قوانين الشيزوفرينيا ذات فصام الشخصية اول من تجير علي المواطن بدلا من ان تحافظ علي حقوقه و تأخذ بثأره من خلال قوانين يمررها مجلس النواب مرارا وتكرارا، قوانين صنعت خصيصًا من اجل مصالح اخري .

والغالبية من الشعب المصري يمتلك ظاهرة الشيزوفرنيا افراد ومؤسسات، نتيجة غياب الثقافة بين عدد كبير من الاشخاص حتي لو كانوا في اكبر المناصب، بل أكثرهم ما يمرض بعقدة فصام الشخصية يعتقدون انهم شخصيات متميزة يسعون لتخليص مصالحهم الشخصية، انحدار الثقافة الذي نتج عن دخول الثقافة الوهابية علي الحضارة المصرية وخلقت المسخ الثقافي والانهيار القيمي الديني الذي أدي الي ازدواجية دينية والشكل الديني الخارجي والانفلات الاخلاقي الداخلي، فقد تعرضنا لحملة ممنهجة لتدمير الهوية والثقافة المصرية وبدأت النتائج والقادم اسوء لو لم نعيد الثقافة المفقودة.

وبالطبع ان كنّا نحتاج إلى خطة ممنهجة في كافة المجالات لمواجهة تلك الظاهرة، الا ان مرض الشيزوفرينيا تفشي في جسد المجتمع وليس عضو وحيد، مما يؤكد ان الحل يأتي من داخل كل منا اولًا بداية من إصلاح النفس ثم المجتمعات يليها المؤسسات والمنظومات وصولًا الي مفهوم الدولة المجرد من مرض الشيزوفرينيا المزمن.