الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماكرون يدفع ضريبة سياساته البيئية.. إصرار الرئيس الفرنسي يضع مستقبله السياسي على المحك.. مطالبات بالتنحي وإجراء انتخابات مبكرة.. والحكومة تصارع الزمن قبل موجة جديدة من الاحتجاجات

الرئيس الفرنسي إيمانويل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

  • الحكومة الفرنسية في صراع مع الزمن لاحتواء غضب السترات الصفراء 

  • ماكرون يواجه أقوى موجة احتجاجات شعبية منذ وصوله للسلطة 

  • سياسيون يطالبون بإجراء انتخابات مبكرة للخروج من الأزمة 

السبت 17 نوفمبر .. تاريخ لن ينساه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته، إذ شهدت البلاد أول موجة من احتجاجات حركة "السترات الصفراء". بلغ عدد المتظاهرين في ذلك اليوم نحو 300 ألف شخص، من بعدها شهدت البلاد احتجاجات واسعة تخللتها أعمال شغب وعنف وسرعان ما تحولت الحركة العفوية إلى موجة شعبية ضخمة تنتفض ضد سياسات الرئيس وحكومته ووصلت المطالبات إلى حد التنحي.

تقول صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية، إن سياسات الرئيس الشاب -التي يراها البعض متهورة- للحد من استخدام الوقود الأحفوري ودعم الطاقة النظيفة في إطار خططته لحماية البيئة والتغير المناخي أشعلت فتيل الأزمة، فمنذ وصوله للحكم جعل ماكرون البيئة على رأس أولوياته والتي مكنته من لعب دور "القائد" خاصة بعد اتفاق باريس للمناخ. 

ارتفع سعر الديزل، وهو الوقود الأكثر استخداما في السيارات الفرنسية، بنسبة 23% تقريبا خلال العام الماضي، إذ بلغ سعر اللتر 1.51 يورو، وفي 2018، رفعت حكومة ماكرون ضريبة الهيدروكربون بقيمة 7.6 سنت للتر الديزل و 3.9 سنت للتر البنزين، كجزء من حملة لتشجيع الوقود النظيف، ومؤخرا قررت الحكومة فرض ضريبة جديدة على الديزل والبنزين، واعتبر محللون أن ذلك القرار هو "القشة التي قسمت ظهر البعير".

ماكرون الذي كان وزيرا للاقتصاد في حكومة الرئيس فرانسوا هولاند في الفنرة بين 2014 و2016، اعترف بعد الأسبوع الثاني من الاحتجاجات بوجود مطالب شعبية مشروعة فعليا وأنه استمع للأصوات المتضررة من رفع أسعار الوقود وارتفاع أسعار المعيشة، لكنه حرص على تسليط الضوء على العنف التي شهدته الاحتجاجات وإدانة مرتكبي أعمال الشغب واصفا إياهم بـ"الفوضويين"، حيث بلغت الخسائر في إيرادات المراكز التجارية بسبب احتجاجات حركة "السترات الصفراء" وأعمال العنف والتخريب المرافقة لها في يومي 17 و24 نوفمبر على التوالي نسبتي 35 و18%.

ويقول محللون إن الحركة تحولت بالفعل إلى انتفاضة شعبية انضم إليها آلاف الغاضبين من الحرمان الاجتماعي وإهمال قطاع الصحة وانخفاض القدرة الشرائية، إذ يقول الصحفي المتخصص في الشئون الفرنسية جون ليشفيلد إن البلاد لم تشهد أعمال عنف بهذا الحجم منذ انتفاضة الطلبة والعمال في 1968.

وأكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن ماكرون أمام "تهديد حقيقي" خاصة بعدما أكدت عدة استطلاعات تراجع شعبيته، حيث لاقت دعوات "السترات الصفراء" صدى واسعا فاجأ الحكومة الفرنسية، فيما انتهزت مارين لوبان قائدة الجبهة الوطنية اليمنية المتطرفة ورئيس حركة فرنسا الآبية، جان لوك ميلانشو، للمطالبة بعقد انتخابات مبكرة، استجابة لمطالب احتجاجات "السترات الصفراء.

ومنذ انتهاء قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين ووصول ماكرون للبلاد تعيش فرنسا حالة من الاستنفار، وذلك عقب احتجاجات السبت الماضي التي شهدت اشتباكات عنيفة أسفرت عن مئات الإصابات، كما اعتقلت الشرطة نحو 500 من المتظاهرين، حيث أدركت الحكومة على ما يبدو حجم الغضب الشعبي، حيث استقبل رئيس الحكومة إدوارد فيليب ، اليوم الاثنين، قادة الأحزاب السياسية الفرنسية الرئيسية وكان من المقرر أن يجتمع بممثلي السترات الصفراء، غدا الثلاثاء، قبل أن يعلن أحد ممثلي الحركة عدم المشاركة في الاجتماع والتفاوض مع الحكومة لأسباب أمنية.

تواجه الحكومة دعوات جديدة للتعبئة والتظاهر السبت المقبل يتضمنه تحرك طلابي تضامنا مع "السترات الصفراء"، ما يدفع الرئيس وحكومته لسباق الزمن في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة، وفي محاولة لاحتواء غضب المتظاهرين، قال وزير الاقتصاد برونو لومير "يجب تسريع خفض الضرائب. ولتحقيق ذلك يجب تسريع خفض النفقات العامة. وإننا مستعدون لسلوك هذا النهج". 

وأجمعت الصحف الفرنسية على أن احتجاجات السترات الصفراء هي أخطر أزمة يواجهها ماكرون منذ تسلمه السلطة، ولم تقتصر مطالب المتظاهرين على خفض أسعار الوقود بل ووصلت إلى المطالبة بـ"تنحي الرئيس"، ودعت وسائل إعلامية وسياسيين فرنسيين الرئيس ماكرون إلى نزع فتيل الأزمة، حيث يعقد الرئيس اجتماعات طارئة في الإليزيه نظرا لخطورة الوضع، بينما ينتظر الفرنسيون إجابات ملموسة من رئيسهم بعد أن وعد، الأسبوع الماضي، بدراسة تعديل الضريبة على الوقود.