الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمرو عادل يكتب: أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران.. وصافرة البداية في الصراع الأمريكي - الإيراني

صدى البلد

المشاكل والعلاقات الصدامية اللى بنشوفها دلوقتى بين الولايات المتحدة و ايران مش وليدة اللحظة لكن دى ليها أسباب تاريخيه يمكن من أهمها أزمة احتجاز 52 من موظفى السفارة الامريكيه فى العاصمة طهران لمدة وصلت لـ 444 يوم واللى اتسجلت كأكبر مدة احتجاز رهائن فى التاريخ وكان ليها تداعيات كبيرة على البلدين زى مثلا خسارة الرئيس الامريكى "جيمى كارتر" للانتخابات الامريكيه لاتهام الناخبين ليه بسوء ادارة الازمة وعلى الجانب التانى توقيع عقوبات على ايران و محاصرتها من قبل المجتمع الدولى و اللى لازالت بتعانى من اثارها لغاية دلوقتى .

الموضوع دا بدأ مع بداية الثورة الايرانيه فى سنة 1979 و اسقاط حكم "الشاه" و اللى كان يعتبر واحدا من أهم حلفاء الولايات المتحدة خصوصا بعد اقالة حكومة "محمد مصدق" فى الخمسينيات بتخطيط من وكالة المخابرات المركزيه الامريكيه و البريطانيه و تسليم كل صلاحيات ادارة ايران للشاه .. و فى السبعينيات بدأ حكم الشاه فى الضعف و تظهر حركات ثوريه داخل المجتمع الايرانى بتكتسب معاداة للولايات المتحدة نتيجة دعمها ليه .. و حصلت الثورة الايرانيه و رجع "اية الله الخومينى" من منفاه بفرنسا و نتيجة لقيام الثورة دى كان بيحصل بشكل متواصل احتجاجات أمام السفارة الامريكيه و اللى ممكن توصل لاعمال عنف زى اطلاق الحجارة و الرصاص على المبنى و دا دفع "الولايات المتحده" انها تقلل من عدد الدبلوماسيين بتوعها من الف موظف لـ60 مع زيادة التأمينات على المبنى .. و فى نفس الوقت حاولت تلطف الاجواء مع الحكومة الجديدة بهدف محاولة استعادة العلاقات تانى .

لكن الطامة الكبرى اللى وقعت هى موافقة الولايات المتحده باستضافة شاه ايران لرحلة علاجيه فى 22 اكتوبر من نفس السنه و رغم وجود معارضات للقرار دا داخل الادارة الامريكيه خصوصا من الخارجيه الا ان "كارتر" وافق على استضافته .. الموافقه دى استقبلها الشعب الايرانى بحالة من الغليان و الغضب و بدأت تسرى شائعات ان امريكا بتدبر محاولة انقلاب جديدة لرجوع الشاه و بدأ الخومينى فى تصدير خطابات عدائيه للولايات المتحده و اتهامها بالشيطان الاكبر .. الخطاب دا شحن ناس كتير من الايرانيين ضدها .. و فى 4 نوفمبر اتجه عدد من الحركات الطلابيه عددهم يتراوح ما بين 300 الى 500 طالب للسفارة الامريكيه و الاحتجاج أمامها و محاولة احتلالها .. كان هدف الطلاب فى البدايه محاولة احتلالها بشكل رمزى و بعدها ينسحبوا بوصول قوات حفظ الامن لكن اعدادهم بدأت تزيد و بدأت تطلع هتافات عدائيه و زى ما تقول كدا المسخناتية بدأوا يظهروا و بدأت الخطه تتغير خصوصا مع مباركة "الخومينى" للاحتجاجات دى ووصف السفارة بانها جاسوسه امريكيه فى طهران والاقتحام دا بيمثل الثورة التانيه .

المحتجين دخلوا للسفارة و عصبوا عيون جنود مشاة البحريه المكلفين بحماية المبنى و بدأوا يجمعوا الموظفين و الدبلوماسيين الموجودين فيها ويتخذوهم رهائن .. و اثناء الاقتحام هرب منهم 6 دبلوماسيين وتم تهريبهم من طهران فى 28 يناير 1980 بعملية استخبارية معقدة .. المهم نرجع تانى للسفارة و اللى فيها .. بدأ المحتجزين للرهائن يقولوا طلباتهم و هى تسليم الولايات المتحدة لشاه ايران ليهم و عدم التدخل فى الشئون الداخليه ليها خصوصا بعد تقديمهم لوثائق سريه من داخل السفارة كانت متقطعه و بعد اعادة تجميعها افادت بتأمر السفارة على الثورة الايرانيه على حسب كلامهم .. و لتحسين صورتهم ادام المجتمع الدولى افرجوا عن 3 رهاين لموظفة و اتنين موظفين تانيين من اصول افريقيه فى 19نوفمبر و بعدها بيوم افرجوا عن 10 رهاين تانيين " 4 موظفات و 6 من اصول افريقيه " و بعد شهور و تحديدا فى يوليو 1980 افرجوا عن موظف امريكى لانه كان بيمر بظروف صحيه سيئة .

كان واضح ان الحلول الدبلوماسيه للافراج عن الرهائن وصلت لطريق مسدود و دا دفع امريكا انها تدخل فى محاولة التدخل عسكريا لانقاذهم و تم فعلا وضع خطه اسمها " مخلب النسر " فى 24 ابريل 1980 و فيها يتم انطلاق 8 مروحيات من حاملة طائرات امريكيه متواجدة بالقرب من الشواطئ الايرانيه و التوغل و انزال جنود من القوات الخاصه لتحرير الرهائن و اجلائهم لكن العملية واجهت مجموعه من المعوقات زى حالة الطقس و اللى كانت ايران بتمر بعاصفة ترابيه فى الوقت دا غير مشاكل تقنيه تانيه خاصه بالدعم اللوجيستى و اللى ادت باصطدام مروحيه بصهريج وقود ادت لمقتل 8 جنود امريكيين و جرح اخرين " كل دا و لسه معملوش حاجه اصلا " .. و اعلنت امريكا عن فشل المهمه و استقبل الايرانيين الخبر بانها عداله الهيه و نصر من السماء اما الامريكان فاعتبروها مؤشر لفشل الرئيس الامريكى كارتر فى ادارته للازمه.

ورغم ان الرهائن كانوا متواجدين فى مقر السفارة الامريكيه الا ان بعد اعلان امريكا فشل عملية انقاذهم عسكريا دفع المحتجين انهم ينقلوهم من السفارة لاماكن تانيه لتشتييت اى مراقبه و اجهاض اى محاولة عسكريه تانيه لانقاذهم و نقلوهم للسجون الايرانيه فى منتصف 1980 و كانت المعاملة سيئة ليهم و بعدها اتنقلوا لقصر اسمه " تيمور بختار " و اتحسنت المعامله و تم السماح ليهم بلقائات مع سفراء و دبلوماسيين اجانب منهم السفير الكندى اللى كان بينقل رسايلهم للحكومة الامريكيه اول بأول .. الى ان انتهت المفاوضات بالنجاح بين الجانب الامريكى و الايرانى بالافراج عنهم فى 20 يناير 1981 بعد فترة احتجاز وصلت لـ 444 يوم كاملين .

الايرانيين من ناحيتهم كانوا بيقولوا ان الرهائن بيعاملوا معامله حسنه و بيعتبروهم زى الضيوف و الهدف من احتجازهم هو الاحتجاج عن سياسة دولتهم بدون اى ايذاء لشخصهم لكن الامريكيين المحتجزين و بعد الافراج عنهم صرحوا انهم كانوا بيعاملوا بمنتهى القسوة و بيتوقع عليهم عقوبات زى الحبس الانفرادى و بيعذبوهم تعذيب نفسى عن طريق اقتياد مجموعه من الرهاين و اعطائهم احساس انهم هيتم اعدامهم .

طبعا بعد الحادث دا تم قطع كل العلاقات الدبلوماسيه بين الولايات المتحدة و ايران و بقت السفارة السويسريه هى الممثله للمصالح الامريكيه فى ايران عن طريق مكتب داخلها و السفارة الجزائريه الممثله للمصالح الايرانيه فى امريكا و اللى اتنقلت للسفارة الباكستانيه سنة 1992 ... وأصبح الايرانيين بيحتفلوا بالحدث دا بشكل سنوى و اللى من طقوسها رفع الشعارات المعاديه لامريكا و حرق العلم بتاعها .. فى نفس الوقت اصبح مبنى السفارة متحف للثورة الايرانيه .. يمكن بعض المؤمنيين بنظرية المؤامرة بيقولوا ان المفاوضين الامريكيين تعمدوا انهم يماطلوا فى امد الازمة دى بهدف خسارة الرئيس كارتر للانتخابات الرئاسيه و بيدللوا على كلامهم دا بانفراج ازمة الرهائن فى نفس يوم تولى الرئيس "رونالد ريجان" لمقاليد السلطه .

ودا ملخص لازمة احتجاز الرهائن الامريكيين فى ايران و اللى لازالت اثارها ممتدة لغاية عصرنا و لو هنستخلص انطباعات من القصه دى ممكن نحددها فى مجموعه من النقط .

- رغم ان الحدث دا كان ليه شعبيه كبيرة داخل المجتمع الايرانى المشبع بفكر معادى للولايات المتحدة لكن ارفض فكرة اقتحام سفارة و انك تاخد اللى فيها رهائن .. من حقك انك تنتقد سياسات الدوله دى بس سبب رفضى مش عشان البروتوكولات و القوانين الدوليه لكن بالانسانيه الناس دى انت أمنتها حياتها و ممتلكاتها فى بلدك مينفعش بأى شكل من الاشكال انك تروعهم حتى و لو كان فيهم العبر .. لو انت شايفهم مصدر خطورة عليك سهل جدا انك تاخدهم و تشحنهم على اول طيارة و ترحلهم على بلدهم .

- الدول اللى بتمر بفترة ثورات بيبقى مجتمعها رخو و سهل اختراقه و نتيجة لفقدان الامن فيها بيفتح المجال لاجهزة امنيه تابعه لدول تانيه انها ترمح فيها زى ما هى عاوزة .. زى ازمة الرهاين دى ... فيه شكوك ان الاتحاد السوفيتى و كوبا و المانيا الشرقيه كانوا بيقدموا دعم غير مباشر فى الموضوع دا و طبيعى كان الهدف هو احراج عدوهم الامريكى و الساحه جاهزة و هى ايران و تعالى نلعب فيها و نخلص حساباتنا .

- العلاقات بين الدول ما هى الا مصالح .. يعنى الشعارات اللى بيطلقها الايرانيين بتاعت الموت لامريكا و الشيطان الاكبر ما هى الا للاستهلاك المحلى و لمجرد ان فيه خلاف فى المصالح بس لكن مع اول توافق لازم هتلاقى الشعارات دى اختفت .. و كل عام و انتم بخير .. لما حصل التوافق بين الغرب و ايران بخصوص الاتفاق النووى الافراح مليت شوارع طهران و لما ترامب تقلد مقاليد السلطه فى امريكا و اظهر تعنته رجعت الشعارات دى تانى .