الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماكرون يركع .. كيف انتصرت السترات الصفراء على حكومة باريس؟

صورة من الاحتجاجات
صورة من الاحتجاجات

قتل وحرق، تدمير وتخريب، هكذا باتت الاحتجاجات التي تضرب فرنسا، بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع من اندلاعها، والتي تصاعدت خلالها حدة العنف، بين المشاركين من أصحاب السترات الصفراء والشرطة الفرنسية في محاولة منها لفض المظاهرات.

الاحتجاجات التي تضرب أنحاء فرنسا، تسببت حتى اليوم في تدمير وتخريب العديد من الممتلكات العامة والخاصة في فرنسا نتيجة أعمال العنف، وعمليات السلب والنهب التي تخللت تلك التظاهرات.

بداية الأزمة
الغضب الفرنسي المتزايد بعد زيادة أسعار الوقود لم يكن وليد اليوم، ففي العام الماضي طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضرائب إضافية على سعر الوقود والبنزين، تشجيعا للمواطنين على شراء السيارات الكهربائية والمعروفة بالسيارات الخضراء الصديقة للبيئة، وهو ما صحبه موجة من الاحتجاجات لم تخرج عن نطاق وسائل التواصل الإجتماعي في فرنسا وفي مقدمتها «فيس بوك».
بعد مرور قرابة عام من تلك الزيادة وصلت أسعار الوقود وخاصة الديزل وهو الوقود الأكثر استخداما في السيارات الفرنسية 1.51 يورو للتر الواحد أي بزيادة 23 في المئة، و14 % للبنزين، وهو ما دفع الرئيس الفرنسي يتحجج وقتها بزيادة أسعار الوقود العالمية، مع العلم أن أسعار الوقود العالمية قد زادت لكنها انخفضت مرة أخرى.

الحكومة تستفز المحتجين
الحكومة الفرنسية برئاسة إدوارد فيليب، لم تتوقف عند هذا الحد، لكنها أعلنت عزمها رفع أسعار الوقود مرة أخرى مع بداية العام الجديد 2019، والتي كانت بمثابة الشرارة التي حركت الفرنسيين تجاه تلك الزيادات، وجمعت مئات الآلاف من المواطنين في الشوارع لرفضها.
وفي نهاية شهر أكتوبر الماضي عبر آلاف الفرنسيين عن رفضهم لتلك الزيادات المتتالية لأسعار الوقود من خلال موقع التواصل الإجتماعي «فيس بوك» حتى تجمّع مئات الآلاف حول البلاد في 11 نوفمبر الماضي، للتظاهر ضد ارتفاع أسعار الوقود، معتبرين تلك الزيادات تمثل أعباء غير عادلة لملايين المواطنين الفرنسيين.
الاحتجاجات الفرنسية في الشوارع شارك فيها قرابة 300 ألف فرنسي، يرتدون السترات الصفراء التي يلزم القانون الفرنسي أصحاب السيارات بتوفيرها في السيارة لارتدائها ليلا في حالات الطوارئ، أوقف خلالها المتظاهرون الطرق السريعة، حتى لقيت خلالها إحدى المتظاهرات مصرعها، إضافة إلى أكثر من 600 جريح.

دمار الموجة الثانية للاحتجاجات
مع بداية الأسبوع الثاني من الاحتجاجات تجمع المتظاهرين بأعداد أقل نسبيا مما كان في الموجة الأولى للاحتجاجات، مما دفع الشرطة الفرنسية للتعامل مع تلك الاحتجاجات باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفرقة المتظاهرين.
استخدام الشرطة الفرنسية للقوة في فض تلك التظاهرات تزامن مع وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمحتجين بأنهم مخربون، مما دفعهم إلى التوجه للشانزلزيه أشهر الشوارع الفرنسية بعد منعهم من الوصول إلى قصر الإليزيه، ومقر مجلس الوزراء الفرنسي، وإحداث شغب وعنف وحرق للسيارات بشارع الشانزليزيه.
المواجهات بين الشرطة الفرنسية والمحتجين في شوارع فرنسا أسفرت عن احتراق أكثر من 30 سيارة، بالإضافة إلى فندق بمحيط قوس النصر، كما أُغلقت عدد من محطات المترو في باريس وصل إلى سبعة، وبلغ عدد المعتقلين من بين المتظاهرين حتى الآن 205 أشخاص.

موقف ماكرون مع بداية الاحتجاجات
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلن خلال الاحتجاجات أن الضرائب على المحروقات جزء من مسعاه لمحاربة تغير المناخ، ومحاولة منه لإقناع السائقين الفرنسيين بالاستغناء عن السيارات التي تعمل بالديزل والإقبال على أنواع أقل تلوثا للبيئة، وأنه لن يتراجع عن أهدافه بسبب تلك الاحتجاجات التي تضرب البلاد.
السترات الصفراء تجبر الحكومة على التراجع
تصريحات الرئيس الفرنسي كانت بمثابة شرارة جديدة لاستمرار التظاهرات والاحتجاجات في البلاد، حيث أعقبها تزايد في أعداد المحتجين وعمليات حرق وتخريب، حتى دفعت الحكومة الفرنسية للتراجع عن تلك الزيادات لتحقق انتصارا للمحتجين حتى وإن كان هذا التراجع مؤقتا.

تراجع الحكومة جاء على لسان رئيس الوزاراء الفرنسي إدوارد فيليب، اليوم الثلاثاء، والذي أعلن فيه تراجع الحكومة بشكل مؤقت عن خطة الزيادة في الضرائب بسبب ما سببته من اندلاع لاحتجاجات عنيفة في العاصمة باريس، والتي أعلن خلالها تعليق قرار فرض الضرائب على الوقود لمدة 6 أشهر حتى أنها ستخضع خلال تلك المدة لنقاش موسع في البلاد، إضافة إلى عدم رفع رسوم الغاز والكهرباء والذي يتم تطبيقه من اليوم لأجل ضمان الأمان في الشارع الفرنسي.

العدوى تنتقل لدول الجوار
احتجاجات أصحاب السترات الصفراء لم تتوقف على الوضع في فرنسا لكنها امتدت لتصل إلى بلجيكا حيث شهدت العاصمة بروكسل احتجاجات الآلاف من أصحاب السترات الصفراء ضد سياسة الحكومة البلجيكية، والتي تسببت في تعطيل حركة المرور وإحداث شلل مروري تام في العاصمة، إضافة إلى وصولها لألمانيا وهولندا لرفض سياسة الحكومات ارتفاع الأسعار.