الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بيج ثينك: من الجيد أن نحيط أنفسنا بالكتب وإن لم نقرأها

صدى البلد

كثير من القراء يشترون الكتب وهم عاقدون العزم على قراءاتها، ولكن ينتهي بها المطاف فوق الرف في المكتبة.

يعتقد الباحث الإحصائي نسيم نيكولاس طاليب أن إحاطتنا بكتب غير مقروءة يثري حياتنا؛ لأنها تذكرنا بكل ما لا نعرفه، بحسب موقع "بيج ثينك" المعني بمتابعة القضايا الثقافية.

يسمي اليابانيون هذه الممارسة "تصندوكو" tsundoku ، إذ نمى معناها في التراث الياباني على أنها توفر للإنسان المنفعة على الدوام.

الموقع يلفت النظر إلى عادات قرائية شهيرة اعتاد رواد المكتبات على ممارستها كالخروج من كل محل كتب ندخله بثلاثة كتب على الأقل ما بين مستعملة وجديدة لم نكن نعلم عن وجودها شيئا قبل أن نراها على الرف المعروض.

"تلك الرائحة الباهتة من الفانيليا الترابية التي تفوح عندما تقلب صفحة" أو هكذا يرى عشاق اقتناء الكتب الورقية.

تكمن المشكلة في أن شراء الكتب عادة ما يفوق القدرة على قراءتها، ما يؤدي إلى آلام عرضية من الذنب ناحية عدد الكتب غير المقروءة المتنامي على رف المكتبة، وهذا شائع بحسب "بيج ثينك".

ويرى الإحصائي نسيم نيكولاس طاليب أن هذا الشعور بالذنب "في غير محله تماما"، فإن هذه المعرفة المتروكة فوق الرف تمثل ما يسميه بـ"antilibrary"، أو "نقيض المكتبة" وهي ليست مؤشرا على إخفاقات فكرية، بل على العكس.

وضع طاليب مفهوم نقيض المكتبة في كتابه الأكثر مبيعًا The Black Swan: The Impact of the Highly Improbable "البجعة السوداء: تأثير حالة غير الاحتمال العالية"، الذي بدأه بمناقشة مع المؤلف الإيطالي والباحث الكبير إمبرتو إيكو، الذي تضم مكتبته الشخصية 30 ألف كتاب.

وقال إيكو إنه "وبعد إجراء عملية حسابية بسيطة، وجدت أنه لا يمكنني قراءة سوى حوالي 25200 كتاب إذا قرأت كتابًا واحدًا يوميا، بين سن العاشرة والثمانين، وهو رقم تافه بالمقارنة مع مليون كتاب متوفر في أي مكتبة جيدة".

ومن مثال إيكو، يستنتج طاليب أن "الكتب المقروءة في المكتبة أقل قيمة بكثير من غير المقروءة"، مؤكدا أن مكتبتك الخاصة يجب أن تحتوي على الكثير مما لا تعرفه، مشيرا إلى كتب الشؤون المالية والقانونية وكتب الإرشادات الروحية.

وأكد طاليب أنه "كلما عرفت أكثر، كلما كبرت صفوف الكتب غير المقروءة في مكتبتك".

وقالت ماريا بوبوفا القائمة على موقع "براين بيكنج" الثقافي إن ميلنا هو المبالغة في تقدير قيمة ما نعرفه، مع التقليل من قيمة ما لا نعرفه، ومكتبة الإنسان تؤكد هذه الملاحظة ، كما أكد في كتابه "إننا نميل إلى التعامل مع معرفتنا كملكية شخصية يجب حمايتها والدفاع عنها".

وأشار موقع "بيج ثينك" في تقريره إلى دراسة تفيد بأن الأطفال الذين نشأوا في منازل تضم ما بين 80 و350 كتابًا أظهروا مهارات محسنة في القراءة والكتابة والحساب وتقنية المعلومات والاتصالات كبالغين.

وطرح الباحثون في الدراسة أن التعرض للكتب يعزز القدرات المعرفية من خلال جعل القراءة جزءا من الروتين والممارسات الحياتية.

ولفت إلى أن دراسات أخرى أكدت أن عادات القراءة تنقل مجموعة من الفوائد، أبرزها تقليل الإجهاد، وتلبية احتياجات التواصل الاجتماعي ، وتعزيز المهارات الاجتماعية والمعرفية، كما أن قراءة الكتب غير الخيالية يساعد على فهم أنفسنا والعالم بشكل أفضل.

وتقول جيسيكا ستيلمان - كاتبة مهتمة بريادة الأعمال والمسارات المهنية غير التقليدية واختلافات الأجيال- إنه إذا كان الناس ليسوا معرضين للتذكير بجهلهم، فإن كتبهم غير المقروءة تساعده في ذلك، مؤكدة أن "كل تلك الكتب التي لم تقرأها هي في الواقع علامة على جهلك. ولكن إذا كنت تعرف مدى جهلك، فأنت تتفوق على الغالبية العظمى من الناس الآخرين".

واختتم "بيج ثينك" قائلا أنه "سواء كنت تفضل مصطلح "نقيض المكتبة" أو "تصندوكو" أو أي شيء آخر، فإن قيمة الكتاب غير المقروء تكمن في قدرتك على قراءته".