الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: سيرة الرسول أرض خصبة للتأمل وأخذ الأسوة في معالجة الأمور

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تمثل لنا أرضًا خصبة للتأمل وأخذ الأسوة في معالجة الأمور وإدارة جميع ما يعن لنا من مصاعب وخطوب‏.

وأضاف «جمعة» عبر صحته بـ«فيسبوك»، أن طريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت فريدة في إدارة الأزمات وفق حكمة سديدة، فقد كان عليه السلام بفطنته ينهي منازع الخلاف بشكل قاطع، مع حماية المجتمع الإسلامي من آثار الأزمة، بل يعمل على الاستفادة من الموقف الناتج عن الأزمة في الإصلاح والتطوير، واتخاذ إجراءات الوقاية لمنع تكرار الأزمة أو حدوث أزمات مشابهة لها.

وتابع: إنك لترى آثار هذه الحكمة في تلك المعالجات في السيرة النبوية الشريفة قبل البعثة وبعدها، فمن ذلك أنه قبل البعثة أعادت قريش بناء الكعبة على أساس قواعد إبراهيم عليه السلام حتى بلغ البنيان موضع الركن فأرادت كل قبيلة أن ترفع الحجر الأسود إلى موضعه دون الأخرى، فاختصموا وأوشكوا على الاقتتال، ولما أخبروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخبر، قال: هلم إلي ثوبا، فأتي به، فأخذ الركن فوضعه فيه بيده ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ففعلوا حتى إذا بلغوا موضعه وضعه هو بيده الشريفة ثم بنى عليه، كما ورد في «سيرة ابن هشام».

وأوضح: أن بهذا التفكير السليم والرأي الصائب حسم النبي -صلى الله عليه وسلم- الخلاف بين قبائل مكة، وأرضاهم جميعًا، وجنب بلده وقومه حربًا ضروسًا شحذت كل قبيلة فيها أسنتها.

واستطرد: وبعد بعثته -صلى الله عليه وسلم- واجه المسلمون الكثير من الأزمات المختلفة الأشكال، بين تعذيب لكل من أسلم، وحصار في شعب أبي طالب، ثم بعد الهجرة أخذت المواجهات بين المسلمين والكفار اتجاها أشد ضراوة من مثل ما صوره القرآن في واقعة الأحزاب، قال تعالى: «إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا» (الأحزاب:10-11).

وواصل: وعندما عرف أعداء الإسلام بعد الحروب الطويلة مع المسلمين أن القضاء على هذا الدين وأهله لا يمكن بطريق استخدام السلاح، قرروا أن يشنوا حربًا دعائية واسعة ضد هذا الدين من ناحية الأخلاق والتقاليد، وأن يجعلوا شخصية الرسول أول هدف لهذه الدعاية، وذلك من خلال المنافقين من سكان المدينة، فكانوا يستفزون المسلمين ويمارسون حربًا نفسية معهم، حتى طالت بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفسه فيما كذبوا عليه في حادثة الإفك.

وأكد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- استطاع الإمساك بزمام هذه الصعاب والوصول بالمسلمين إلى بر الأمان بحكمته وإدارته الواعية لتلك الشدائد، من حيث إدراك الواقع على ما هو عليه، والحكمة في معالجة الأمور، واعتبار المقاصد والمآلات، والاستفادة من الأزمة لما بعدها، والعمل على عدم تكرارها، وكسب أرض جديدة منها، حتى تكون المحنة منحة.