الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر: الواجب الديني يقتضي أن نكون أمة مسالمة مع من سالمها

الدكتور عباس شومان
الدكتور عباس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر

قال الدكتور عباس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إن ضمان الحقوق والحريات الأساسية للأفراد، وعلى رأسها حريات الاعتقاد، والعبادة، والرأي، والتنقل، هي من اهم ما أقرته المعاهدات والمواثيق التي عقدها المسلمون مع غيرهم ووثيقة المدينة خير شاهد على ذلك.

وأشار خلال مشاركته في مناقشة موضوع العهود والمواثيق في الإسلام ضمن أعمال منتدى "تعزيز السلم" المنعقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، إلى اهتمام الإسلام بالحفاظ على الأرواح وحقن الدماء ووقف القتال، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

وقال إن الدراسة المتأنية للمواثيق ولدواعيها تؤكد أن هناك مبادئ وقواعد حاكمة لتلك المعاهدات ترتكز على المقاصد على حساب الظواهر، وبُعد النظر وعدم الاكتفاء بالمصالح الآنية، وهو ما حدث في صلح الحديبية، وإعلاء قيم الحوار والمواطنة والتعايش السلمي كَسِماتٍ ومبادئَ إنسانيةٍ مشتركة، والتأكيد على قبول الآخر بغض النظر عن دينه أو جنسه أو عِرقه، والتكامل الاقتصادي.

كما تهتم بالتواصل الاجتماعي بين الأطراف المختلفة، مع استقلال الذمة المالية وعدم الاعتداء على الممتلكات الخاصة أو العامة، ونشر مبادئ العدل والإحسان والمساواة بين الناس، وحماية الأوطان وسلامة أراضيها، وعدم التفريط في حقوقها أو ثرواتها.

وأكد خلال مشاركته في الملتقى الخامس لمنتدى "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" والذي يعقد تحت عنوان "حلف الفضول فرصة للسلام العالمي"، أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الراحل الشيخ محمود شلتوت، قد أجمل هذه الضوابط بقوله: "والإسلام حينما يترك للمسلمين الحقَّ في إنشاء المعاهدات يشترط في صحة المعاهدة ثلاثة شروط: الشرط الأول: ألَّا تمسَّ قانونه الأساسي وشريعته العامَّة التي بها قِوَامُ الشخصية الإسلامية، والشرط الثاني: أن تكون مبنية على التراضي من الجانبين، ومن هنا لا يرى الإسلام قيمة لمعاهدة تنشأ على أساس من القهر والغلبة وأزيز (النفاثات) وهذا شرط تُمْلِيهِ طبيعة العقد؛ فإذا كان عقد التبادل في سلعة ما - بيعًا وشراءً - لا بُدَّ فيه من عنصر الرضا: {إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ، فكيف بالمعاهدة، وهي للأُمَّة عقد حياة أو موت".

أما الشرط الثالث: "أن تكون المعاهدة بيِّنة الأهداف، واضحة المعالم، تُحَدِّدُ الالتزامات والحقوق تحديدًا لا يَدَعُ مجالًا للتأويل والتخريج واللعب بالألفاظ، وما أُصِيبت معاهدات الدول المتحضِّرة - التي تزعم أنها تسعى إلى السِّلم وحقوق الإنسان - بالإخفاق والفشل، وكان سببًا في النكبات العالمية المتتابعة، إلا عن هذا الطريق، طريق الغموض والالتواء في صوغ المعاهدات وتحديد أهدافها". 

كما أكد على أهمية التزام المسلمين ووفاءهم بالعهود والمواثيق التي قطعوها على أنفسهم من خلال ممثليهم سواء كانوا حكامًا أو مَن يفوضونهم، هو واجب ديني مستمد من نصوص صريحة، والإخلال بها غدر وخيانة، وما ذاك إلا ليعم الأمن والأمان، وتنعم البشرية بالعدل والسلام، لكن ذلك ينبغي أن يكون عن عزة وقوة لا عن ضعف وخوف؛ فشتانَ شتانَ بين السلام والاستسلام، ومن المعيب الخلط بينهما، بل إن المبالغة في قبول غطرسة المتغطرسين بدعوى أننا أمة سلام لَهِيَ عين الاستسلام والانهزام والانكسار المذموم عُرفًا وعقيدة، وهذه الحال لا تناسب حال أمة العزة والكرامة.