الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد سمير يكتب : بئر معطلة وقصر مشيد‎

أحمد سمير يكتب :
أحمد سمير يكتب : بئر معطلة وقصر مشيد‎




مصر دوله مثل باقي الدول تحتوى علي تفاعلات إجتماعية عديدة و مركبة لكن بنظرة اكثر تدقيقا قد تستطيع ان تُفَند هذه التفاعلات وتفهم تداخلها ومن ثم تترجم مقاصدها ، لا شك أن طبقة رأس المال في كل دول العالم لا تبحث عن الثروة والسعادة فقط وانما تبحث بشراسة عن البقاء والاستمرار والنفوذ ، تجربة عبد الناصر تجاه طبقة رأس المال الاقطاعي تعد اكثر الكوابيس فزعا في عيون هذه الطبقة وهي تعي جيدا انها يجب ان تأخذ كل الاحتياطات اللازمة لضمان عدم تكرار هذا ولضمان عدم إبتزازها من قِبل أي سلطة حاكمة لهذا نجد طبقة رأس المال وبتنسيق طبيعي ركضت تجاه صناعة الإعلام والقنوات الفضائية ، حدث هذا جليا بعد ثورة ٢٥ يناير عام ٣٠١١ في سيل من القنوات الفضائية والجرائد الورقية والالكترونية ثم دعمت نفسها وبصورة مرتبة بالسعي وراء رئاسة الأحزاب الكبرى في مصر هذا لم يكن لتطبيق رؤي إصلاحية او لعب دور سياسي مفيد بقدر ما هو محاولة لتحصين هذه الطبقة تجاه أى سلطة حاكمة .

ما بالك بمجموعة بطبقة تملك العديد من الإستثمارات والمنتجات الحيوية التى يعتمد عليها المواطن المصرى في حياته اليومية بالإضافة إلي قنوات فضائية مدعومة بكل أساليب الجذب التي من شأنها تكوين وتوجيه الرأي العام في مصر ايضا بالإضافة الي مقاعد حزبية وبرلمانية تعطي هذه الطبقة نوع من الشرعية السياسية والتي بها يكتمل تحصين هذه الطبقة من أي محاولة تكشف فسادها او تحقق في مصدر ثرواتها الطائلة ولا شك ان الرئيس السيسي قد صرح في بدايات حكمه بكلمات أظنها كانت موجهة لهذه الطبقة حين قال ( هتدفعوا هتدفعوا ) .

لكن هذه الطبقة واعية كفايا لإستيعاب هذه الكلمات التى قالها الرئيس السيسي فأخذت كل التدابير لإحتواء الرئيس بدعم مالى ضخم موجه لصندق ( تحيا مصر ) و ( منتدى الشباب السنوى ) وتوجيه كل الطاقة الإعلاميه التابعة لرأس المال لإحتواء السلطة السياسية وإختطافها في نطاق آخر بعيد عن النِدية أو العِند وإيصال رسالة واضحة للسلطة السياسية هى اننا الوحيدين القادرين علي توجيه الرأي العام وضمان إستقرار الدولة المصرية لا شك انهم محقين خصوصا بكل هذه الادوات التى يملكوها وكل هذه الثروات التي ولدت مع حكم الرئيس الراحل أنور السادات ونضجت مع حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك والتي سميت في عهد السادات بالقِطط السمان ، هذه الطبقة قامت بتزييف الوعي العام لدى الآباء والأجداد لكنها لم تلقي رواجا في أوساط الشباب رغم ذلك هي قادرة علي تجميد القوى الشبابية وتحويلها إلي تروس صماء ضمن آلة لإنتاج المليارات من خلال تقديم فرص عمل غير عادلة للشباب من واقع الشركات الخاصة التابعة لها والتي تضمن دخول الشباب داخل دوامة محسوبة جيدا .

يبدأ فيها الشاب بتوقيع عقد العمل ومعه ورقة الإستقالة وبما ان الاحتياجات الاساسية لدى كل شاب مثل الزواج والانجاب واقامة حياة طبيعية مرهونة بفرصة عمل وأجر ثابت اذن فالشباب مضطر بقبول فرص العمل التى تقدمها تلك الشركات و قبول هذه الاجور الزهيدة التى لا تكفي لعدة ايام ، نعم الشباب لا يدرك هذه الدائرة المغلقة التي وقع فيها ، لكنه يشعر ان ثمة شئ غير طبيعي يحدث خصوصا وأن الاعلام صدر هذه الجملة التي رددها المصريون دون وعي وهي ( الشباب مش عايز يشتغل ) هنا عزف بعض الشباب عن الزواج وبعضهم عن العمل لما رأوه في حياة من دخل هذه الدائرة وتعايش مع الأمر الواقع فهو إما تائه يريد الصراخ وقول شئ لا يدرى ما هو .. أو بائس تخلص من كل هذه الاعباء بالانفصال والطلاق .

هذا يرجع لكون هؤلاء الشباب لا يعيش حياة طبيعية بحقوق طبيعية وأجور عادلة تساعد علي الترقي ماديا ووظيفيا بالإضافة الي أنه لا يعي أبعاد هذه الشبكة المعقدة التى وقع فيها ، طبقة رأس المال وباحتراف شديد خطفت السلطة السياسية بعيدا عن أبعاد الواقع الاجتماعي المرير الذي يعانيه المواطن المصرى ولا شك ان الامور تتفاقم وتزداد ضغطا تحت هذا السطح الهادئ والجميل الذى نراه علي وجوه المذيعين وضيوفهم في كل مساء ولا شك ان هذا كله يسير في طريق واحد وسيؤدى الي نتيجة حتمية لا تعيها طبقة رأس المال ولا تعيها السلطة السياسية وهي خروج هذا المجتمع عن السياق الإنساني ومن ثم الإنفجار لتتحقق بهذا نبوءة رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل شيمون بيريز حين قال أن مصر امامها حروب اهلية ثلاث عليها أن تتجاوزها ... أهمها حرب أهلية طبقية بين الفقراء والأغنياء كونها لا تحتاج الي محفز خارجي لتشتعل بل هي تحتوى في داخلها علي كل مقاومات الإنفجار ، حفظ الله مصر والوطن