الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

للعام الثاني جائزة نجيب محفوظ تنتصر للمرأة.. أميمة الخميس: أديب نوبل هو سيزيف الرواية العربية.. لجنة التحكيم: العمل يتعاطف مع الاتجاهات الإنسانية

صدى البلد

  • أميمة الخميس تفوز بجائزة أديب نوبل
  • الخميس: محفوظ هو سيزيف الرواية العربية
  • لجنة التحكيم:
  • الرواية نص فريد فى أسلوبه ومبناه
  • تعكس الرواية تعاطفا كبيرا مع الاتجاهات الإنسانية فى الفكر العربى

للعام الثانى على التوالى، يحصد صوت نسائى عربى، جائزة نجيب محفوظ فى الأدب التي تنظمها الجامعة الأمريكية بالقاهرة، فبعدما حصلت عليها من قبل الروائية الفلسطينية "حزامة حبايب" عن ورايتها "مخمل" 2017، نجحت الكاتبة السعودية أميمة الخميس في الحصول عليها أيضًا عن روايتها "مسرى الغرانيق فى مدن العقيق"، لعام 2018.

وصفت الكاتبة السعودية أميمة الخميس، الفائزة بجائزة نجيب محفوظ فى الأدب لعام 2018، الأديب العالمى الراحل بالكاتب العظيم الذى علمنا سحر واقتراف الحماية.

وقالت "الخميس" خلال كلمتها فى احتفالية الجامعة الأمريكية بالقاهرة: "فى بدايتى الأولى كنت مفتونة باللغة، لربما اختار نجم سعدى أن أولد وحولى على مد النظر أحرف ومفردات، ويتبرعم الوعى على الجدران التى ترصف فيها الكتب من الأرض حتى السقف، وتذكرت نكهة الأمسيات التى كان يقضيها أبى وأمى تحت شجرة ياسمين فى الحديقة المزلية، وهما منهمكان فى مراجعة كتاب، حيث والدى يقرأ وأمى تدون، أو أبى يقرأ وأمى تراجع".

وأضافت أن الرواية هى الصيغة الأكثر نضجا فى مسيرة الإبداع الإنسانى والشكل الأكثر تعقيدا وتركيبا للفنون كلها، لافتة إلى أن الرواية هى محاولة استرجاع المادة الأولى للعالم، تفتت المشهد إلى جزيئاته الصغرى، ومن ثم رصفها من جديد وفق شروط مستجيبة لمشيئة تتحدى العدم.

وأكدت الفائزة بجائزة نجيب محفوظ عن الجامعة الأمريكية، لعام 2018، قراءتها لرواية "أولاد حارتنا" فى عمر مبكر نوعا ما، وبين صفحاتها سيطر عليها هاجسان: "الأول لماذا لا يرد الجبلاوى على تضرعات أهله؟ أما الثانى الصورة الذهنية "لسميتى" أميمة زوجة أدهم الجبلاوى، وكان التماهى بين اسمينا استدرجنى لأصبح جزءا من تلك الحكاية الكونية البازخة".

ووصفت "الخميس" محفوظ بأنه سيزيف الرواية العربية، وذلك عندما كان الذائقة العربية معتقلة داخل مقصورتها، والشعر يجتاح الديوان ويهيمن عليه، فالقصيدة للعربى ليست فقط مغامرة لغوية للعربى، لكنها هوية وبيت له.

وفي تقرير حيثيات الفوز الذي كشف عنه لجنة التحكيم التى أعطت الجائزة للفائزة السعودية، والتى تتكون من الدكتور تحية عبد الناصر، الدكتورة شيرين أبو النجا، الدكتورة منى طلبة، الدكتور همفرى ديفيز، الدكتور رشيد العنانى، قالت تحية عبد الناصر: "إنها رواية غنية تنتمى إلى أدب الرحلة، يتسم أسلوب أميمة الخميس بهذا النوع الأدبى والحقبة التى ازدهر فيها وتستمد الراوية إشاراتها من الحضارة الإنسانية التى تشمل الشرق والغرب، تسرد الرواية "مسرى الغرانيق" من بغداد، القدس، القاهرة، القيروان، إلى قرطبة، وتعيد صياغة أدب الرحلة، فهى أيضا أدبية يقوم فيها البطل بنقل الكتب إلى مكتبات هذه المدن، تأخذنا الرواية من العالم العربى إلى الأندلس، وتسرد العلاقة بينهما من خلال مكتبة تاجر الكتب وتاريخ مشترك، تتميز لغة أميمة الخميس بعذوبة ويضفى النص على مدن العقيق النادرة الثمينة".

أما شيرين أبو النجا: "تمكنت أميمة الخميس من الإمساك بجوهر التنوع الثقافى والدينى فى العالم العربى تحديدا فيما بين عامى 402هـ و405هـ، ومن أجل ذلك قامت بتوظيف تقنية الرحلة والرحال، لكنه الرحال الذى يبحث عن المعرفة، وينهل منها بشغف، وهى المعرفة التى تلقى به إلى التهلكة فى النهاية، كإشارة على المسار المسدود لحرية المعتقد والرأى، يتقدم السرد فى مسارين بالتوازى فالمسار الأول يتبع خطوات مزيد الحنفى من قلب الجزيرة العربية إلى بغداد فالقدس ثم القاهرة فالقيروان، وتنتهى الرحلة بشكل مفارق فى زنازين الأندلس، حيث التاريخ الذهبى للحضارة الإسلامية، أما المسار الثانى الذى يمل السرد من خطواته فهو الرؤى الأيدلوجية والسياسية والمعرفية التى شكلت اللحظة الحاضرة بكل مآسيها وأحزانها وخيباتها إذ نشهد الصراع بين العقل والنقل، ونحزن كثيرا لصعود شيوخ الدين مقابل تكفير الفلاسفة".

بينما قال همفرى ديفيز: "لا تأخذ رحلة البطل الملحمية القارئ فقط عبر أراضى الحضارات العربية الممتدة إلى بغداد إلى الأندلس فى القرن الحادى عشر، بل فى نفس الوقت عبر عالم من النقاش الثقافى والصراع حيث قد توجد جذور كثير من القضايا، وأيضا الاضطراب، الذى تتسم به المنطقة اليوم، بالنسبة إلى القارئ الغربى، تثير الخلافات المطروحة مسائل مثل قبول ورفض المعتزلة الكثير من المألوف فى تاريخه".

ورشيد العنانى: "تأخذ الرواية شكل رحلة من الجزيرة العربية عبر المدن العربية الكبرى فى العالم العربى فى القرن الحادى عشر أثناء الحكم العباسى فى بغداد، الفاطمى فى القاهرة والفصائل المقاتلة فى الحكم الإسلامى فى إسبانيا، ومع ذلك فهى رحلة فكرية أكثر من كونها جغرافية، تهتم بتصوير القضايا الثقافية، خاصة الدينية فى العصر وأثرها على تطور البطل – الرواى، تعكس الرواية تعاطفا كبيرا مع الاتجاهات الإنسانية فى الفكر العربى، خاصة المعتزلة، والنفور من التفسيرات الاستبدادية الصارمة للدين، إن رؤيتها المتسامحة المتحررة، على الرغم من أنها تقع فى القرن الحادى عشر، لها امتدادات واضحة للتطرف والتعصب الدينى فى الحاضر، هذه رواية جادة تتناول الزمن الحالى من خلال التاريخ".

منى طلبة: "نص فريد فى أسلوبه ومبناه، مغامرة لغوية قديرة ومبدعة تحاكى أدب الرحلات الكبرى فى التراث العربى مثل رحلة ابن بطوطة وابن فضلان وابن جبير، ولكن على نحو مختلف بالنسبة للعنوان فهو يحاكى عناوين كتب التراث التى ترعى القافية، والغرانيق هى جمع غرنوق وهو طائر مائى أبيض طويل الساق جميل المنظر له قنزعة أى عرف ذهبى اللون، وقد اتخذ المعتزلة من أهل العدل والتوحيد لقبا لهم هو السراة الغرانيق، وقد تعاهدوا على اتخاذ العقل نبراسا ونشر الكتب والعلم، أما الرواية فتدور فى العصور الوسطى العربية حقبة ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، فبطا هو مزيد الحنفى، وهو اسم ذات دلالة وهو من جزيرة العرب، وخطاط ومدون وتاجر لها، يقتنى ويبيع الثمين من الكتب، يلعب النص على التذكير بالماضى ونسيانه فى آن، استيعابه وتجاوزه، ويركز النص على خلاف معظم أدب الرحلات على دور المرأة فى هذه الحقبة فقهية وعالمة وإمامة جامع، نص يحيط بمصادر وأمهات كتب الثقافة العربية يتجاوزها".

وأميمة الخميس، كاتبة سعودية، من مواليد العاصمة السعودية الرياض عام ١٩٦٧، حصلت على درجة البكالوريوس فى الأدب العربى من جامعة الملك سعود، وحازت على دبلوم اللغة الإنجليزية من جامعة واشنطن، بدأت حياتها المهنية فى مجال التدريس، ثم قضت عشرة أعوام كمديرة للإعلام التربوى فى وزارة التربية والتعليم، متزوجة ولديها ولدان وبنتان.

نشر لها من قبل العديد من الروايات والمجموعات القصصية القصيرة، بالإضافة إلى مقالات رأى وأدب الأطفال، تمت ترجمة أعمالها إلى الإيطالية والإنجليزية ولغات عدة، حققت روايتها الأولى "البحريات" نجاحا كبيرا، وتم ترشيح روايتها الثانية "الوارفة" للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام ٢٠١٠.