الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نعمات مدحت تكتب: سر قبلات أبناء زايد على رأس الطيب

صدى البلد

لم تأتِ صور تقبيل قيادات الإمارات العربية الشقيقة لرأس فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، فى كل مناسبة يلتقون فيها معه من فراغ، بل هى دلالة واضحة على تاريخ حافل من التعاون المثمر والبنّاء بين مؤسسة الأزهر الشريف ودولة الإمارات، واعترافًا من حكامها والقائمين عليها بالعرفان والجميل الذى ساهمت به أعظم مؤسسة إسلامية على وجه الأرض فى دولة جمعت بين الحداثة في الأخذ بأسباب التقدم، والأصالة في المحافظة على الثوابت والهوية العربية والإسلامية.

بالأمس القريب حرص وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، على تقبيل رأس فضيلة الإمام، خلال زيارته للقاهرة، ولمشيخة الأزهر، من أجل تقديم دعوة رسمية لفضيلته لحضور مؤتمر عالمى تقيمه دولة الإمارات ويحضره بابا الفاتيكان وكوكبة من رموز الأديان حول العالم.

لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يتلقى شيخ الأزهر الإمام الطيب تلك الحفاوة من أبناء الشيخ زايد حكيم العرب، ففى العام الماضى، حرص الأمير محمد بن زايد ولى عهد أبو ظبي على تقبيل رأس الإمام الأكبر خلال زيارة فضيلته إلى الإمارات لعقد جلسة طارئة لمجلس حكماء المسلمين، لبحث الانتهاكات الصهيونية في حق المسجد الأقصى المبارك، والشعب الفلسطيني الأعزل، ومحاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لتهويد القدس العربية.

أعجبتني صورة وزير الخارجية الإماراتي وهو يُقبل رأس الإمام الأكبر، ولفت نظري انتشارها الواسع عبر "السوشيال ميديا"، فدفعتني الحماسة وحبي الكبير للإمام الأكبر، أن أرصد بعض أوجه التعاون الكبير بين الأزهر والإمارات خلال السنوات الماضية، وكشف المواقف التي ولدت سر حب أبناء الشيخ زايد للإمام الطيب خاصة ولمصر عامة.

تبدأ قصة الإمام الأكبر مع دولة الإمارات الشقيقة منذ عهد "الشيخ زايد" رحمه الله، فمنذ أيام أيضًا تداولت المواقع الإخبارية، ووسائل التواصل الاجتماعي قصة رواتها شخصية مرموقة، بالتزامن مع الحملة الإعلامية الشرسة على الشيخ الطيب، هذه القصة تروى مدى حب الشيخ زايد للإمام الأكبر، وتقديره له.

وتعود القصة لعام 2003 ، عندما حضر الدكتور أحمد الطيب مؤتمرًا في العاصمة الإماراتية أبوظبي، إبان رئاسته لجامعة الأزهر، وبعد انتهاء المؤتمر قدم المنظمون مبلغًا ماليًا كبيرًا له نظير ورقة العمل التي قدمها، الا أن الطيب رفض قبول المبلغ وقال : "إن هذا دوره وواجبه فى الدعوة الإسلامية ولا يتقاضى على الواجب أجرًا "، ولإقناعه بقبول المبلغ، قال له منظمو المؤتمر إن هذا المبلغ من الشيخ زايد رئيس الدولة شخصيا ولا يجوز رفض هديته، لكنه أصر على موقفه قائلا:" إنه لا يرفضها مطلقا، ولكن هذا مبدأ ثابت في حياته وعمره.

اضطر القائمون على المؤتمر لإبلاغ الشيخ زايد رحمه الله بالأمر، فقال لهم "لا تدعوه يسافر مع وفد مصر إلى القاهرة حتى أقابله بنفسي". وبالفعل سافر الوفد وظل الشيخ الطيب مقيما في الفندق ليومين ثم ذهب للقاء الشيخ زايد الذي عاتبه على عدم قبول المبلغ ؛ فطلب منه الشيخ الطيب العذر والمسامحة لأن هذا مبدأ أصيل لديه، ثم قال للشيخ زايد إن كان ولابد من قبول المبلغ فإنه يريد إقامة مركز لتعليم اللغة العربية لطلاب الأزهر الوافدين غير الناطقين بالعربية، فوافق الشيخ زايد وتكفل ببناء المركز.

وفي يوليو 2012، وقع الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، مذكرة تفاهم بين وزارة شؤون الرئاسة والأزهر الشريف لتمويل ودعم المشروعات والبرامج التي ينفذها الأزهر بتكلفة إجمالية بلغت 155 مليون درهم إماراتي.

بموجب هذه المذكرة تمول الإمارات إنشاء مكتبة جديدة للأزهر الشريف تليق بمكانته وما تحويه مكتبته من نفائس المخطوطات التي تبلغ 50 ألف مخطوطة، وكذلك المطبوعات على أحدث النظم المكتبية العالمية، بالإضافة إلى تجهيز تأمين مقتنيات المكتبة الحالية من خلال أحدث نظم المراقبة والتأمين الإلكترونية، وتضمنت الاتفاقية أيضا تمويل مشروع سكن لطلاب الأزهر يتناسب واحتياجات النمو في أعداد الطلاب الدارسين في الأزهر.

وفي منتصف عام 2014 شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي، إعلان إطلاق أول هيئة دولية مستقلة تحت مسمى “مجلس حكماء المسلمين”، يترأسها " الطيب"، والعلامة الشيخ "عبدالله بن بيه" رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، بهدف توحيد الجهود في لم شمل الأمة الإسلامية وإطفاء الحرائق التي تجتاح جسدها، وذلك بعد انحراف الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الذى كان يترأسه الدكتور "يوسف القرضاوي" أحد عرابى جماعة الإخوان عن مساره الصحيح، ليصبح بذلك مجلس حكماء المسلمين هو الكيان الشرعى للأمة بعد الأزهر.

وصلت ذروة التعاون بين الأزهر والإمارات في نوفمبر 2015 عندما تم الاتفاق على افتتاح فرع لجامعة الأزهر في الإمارات، وكان من بنود الاتفاقية إنشاء كلية أزهرية للعلوم الإسلامية والدعوة.

لم يقتصر التعاون عند هذا الحد بل أرسلت المؤسسة الدينية لجنة من داخلها إلى دولة الإمارات، لمراجعة المناهج الدراسية للغة العربية والدين الإسلامي في المدارس، وعلى الفور اجتمعت لجنة مشتركة من الأزهر الشريف ووزارة التربية والتعليم بدولة الإمارات لمناقشة المحتوى التعليمي للكتب الدراسية الخاصة بالتربية الإسلامية واللغة العربية، بدءًا من الصف الأول إلى الصف الثاني عشر.

والمراقب للتعاون المصري الإماراتي في صيغته الأزهرية يرصد خطة كبيرة وطموحة تهدف إلى إحياء المنهج العقلي ونشر ثقافة الاعتدال والوسطية وتفكيك عناصر الفكر المتطرف والقضاء عليها لخلق عالم ينعم بالسلام والسكينة وإعادة الصورة الصحيحة للإسلام في عقول أبنائه وتصحيح صورته في عيون الآخرين.