الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أن تكون فرنسيا


صديقى فيليب عرفته منذ سنوات بعيدة أثناء دراستنا معا فى الجامعة الأمريكية ندرس معا قواعد اللغة الإنجليزية، كل منا له من دراستها غاية وشأنا توطدت علاقتنا رغم انتهاء الدراسة وعودته الى بلاده.

فيليب عاش فى مصر عشر سنوات، لم يزر فيهم فرنسا ولو مرة واحدة ذاب حبا وعشقا فى قاهرة المعز وصعيد مصر وسواحلها ونجوعها وأزقتها. 

قال لى يوما سأصارحك بسر أخشى أن تغضبى منى إذا قلته فتبسمت، وأعطيته الأمان، فقال لى مترددا أنتم شعب لا يستحق هذه البلد، وصمت متخوفا من ردة فعلى، ولكننى أظهرت له ترحيبى بكلامه كي أسمع تبريره لهذا الاتهام؛ فقال مصر بلد عظيمة بمعنى الكلمة أنا سافرت العالم كله مفيش بلد بتجمع كل الجمال والسحر والتألق والبهجة زى مصر، بلدكم فيها روح، كل البلاد اللى رحتها مفيهاش الروح ديه، وقبل أن أقول له إننا أصحاب هذه الروح قاطعنى قائلا ومش الشعب اللى عامل الروح بالعكس أنتوا بتحاولوا وبجدية كاملة تطلعوا روحها. 

مصر الفراعنة كانوا أكيد جديرين بيها وعشان كده حفظتهم وفضلوا فى ذاكرتها وعلى قلبها احلى من العسل، إنما للأسف الناس اللى عايشين فيها حاليا ميستحقوش إنهم يكونوا مصريين لأنهم مبيعملوش أى حاجة تضيف لتاريخ البلد بل بيسيئوا لها بالإهمال ورمي المخلفات والرشوة والتسيب وكل ماهو سيئ.

واختتم كلامه بأن مصر عايزة شعب متحضر يستحقها، متزعليش مني مصر عايزه الشعب الأوروبي يعيش فيها وانتوا تعيشوا فى مكان عشوائي يتأقلم مع طريقتكم فى الحياة البعيدة عن التحضر وعن الحياة نفسها، انتهى حواره الذى اتفقت معه فى جوانب كثيرة منه، واختلفت فى أخرى لم يقتنع هو بها، وانقطعت أخبارنا عن بعضنا البعض لطبيعة الحياة وزحامها، لأجده يحدثنى بفرحة عارمة فى أيام ما تسمى بثورة الخامس والعشرين من يناير المزعومة متهللا فرحا بأن مصر ستجد الشعب الذى يستحقها، وبعدها بسنة حدثني حزينا بأن مصر ابتليت بأناس سيعيدوها إلى عصر الأقفاص والحريم والسبايا.

وبعدها بسنة مصر عادت كما كانت بشعب لا يستحقها ثلاث مكالمات منه عبر فيهم عن رأيه اختتمهم بأخرى منذ أشهر قليلة يشيد فيها بخطوات الرئيس السيسى الإصلاحية، ولكنه يعيب على الشعب بأنه لا يعمل ولا يصنع حلم يسعى لتحقيقه والآن جاء دورى لأحدثه واطمأن على باريس وعليه فجاء رده هادئا، وقال فرنسا تئن من أناس كرهوها ويحاولون اغتيالها بقلوبهم المريضة ولكن فرنسا اقوى من هذه الفئة فرنسا بلد جدير بها شعبها ومن يفعل بها السوء قلة ستندثر .. أنهيت الاتصال وانا بداخلى تساؤل ماذا لو أصبح مصريا واصبحنا نحن فرنسيون!!!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط