الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمرو عادل يكتب: أسرار وحقائق مثيرة عن سور الصين العظيم

صدى البلد

يمكن لو سألت أى فرد من اى دولة عن مصر مثلا اول خاطرة هتيجى فى باله هى "الأهرامات" و لو سألته عن فرنسا هيقولك "برج ايفل" و لو أمريكا هيجاوبك "تمثال الحرية" .. أحيانا بتكون المبانى او المعالم التاريخيه رمز عظيم للدول المستضيفة ليها .. فلو اتكلمنا عن دولة زى الصين وبعيدا عن المنتجات الصينى طبعا اللى متواجدة فى كل بيت لازم اول حاجة هتيجى فى بالنا هو " سور الصين العظيم " و دا اللى هيكون محور كلامنا النهاردة .

طبعا نظرتنا فى الحاضر للمبنى كمعلم تاريخى بتختلف عن نظرة الأشخاص اللى بنوا السور دا لأن كان هدفهم هو بناء سلسلة من التحصينات بطول الحدود الشمالية من اقصى الشرق لأقصى الغرب لحماية أراضيهم من اى غزو محتمل من اعدائهم الشماليين من آسيا وأوروبا .. و بدأت فكرة سور الصين و بنائه فى الفترة المحصورة بين القرن الخامس و الثامن قبل الميلاد .

فى الفترة دى الصين ماكنتش موحدة وكانت عبارة عن مجموعة من الاقطاعيين بيتملكوا مجموعة من الاراضى و الولايات الخاصة بيهم فقرروا انهم يبنوا السور لحماية المقاطعات بتاعتهم .. كان تصميمه و تنفيذه بسيط ومجهز لتحمل هجمات الأسلحة الخفيفة زى السيوف و الرماح والاسهم .. وفى سنة 221 قبل الميلاد وحد الصين واحد اسمه " تشنج تشين " و طرد الاقطاعيين و حول الصين لدولة مركزية و امر انه يدمر اى اجزاء من السور تخص الاقطاعيين و بناء سور جديد لحماية الحدود الشمالية للدولة الصينية بالكامل .. 

التنفيذ ماكنش سهل لان الحدود دى كانت تضاريسها بتختلف من مكان للتانى .. بمعنى .. اجزاء من السور كانت فى مناطق ذات طبيعة جبلية ودى اضطروا انهم يبنوا اجزاءها من صخور الجبال الموجودة فيها اما الاجزاء السهليه فكانت من الحجارة الموجودة فى المكان دا .. السور دا محدش يعرف تحديدا كام واحد اشترك فى بنائه لكن التقديرات بتقول انهم تخطوا المليون من البشر .. وأثبت الجدار فعاليته فى الحماية ومع مرور الوقت بدأ يتآكل ودا دفع حكام الصين التاليين انهم يعيدوا ترميمه وتوسيعه.

وفى القرن الرابع عشر استلم الدولة حاكم اسمه " مينج " و خاض حروب مع القبائل المنغوليه لكن خسرها .. الخسارة دفعته لاستراتيجية اعادة تصميم و بناء سور الصين بشكل احترافى اكبر عن طريق استخدام خامات اقوى فى التحمل و زيادة التحصينات عليه مع وضع 1200 برج مراقبه للتحذير من اى هجوم محتمل و بالفعل كان السور حامى للاراضى الصينيه من اى غزو .. لكن فى نهاية حكم "مينج" حصل بعض المشاكل الداخليه و التمردات و صراعات على السلطة و دا أدى لضعف الدولة من الداخل ففشل سور الصين فى التصدى للغزو الخارجى و اخترقته القبائل المنغوليه عدة مرات .. اما فى الداخل الصينى فانهزم الحاكم "مينج" من غريمه و كان اسمه "تشينج" و اللى انفرد بحكم الصين .. وفى فترة حكم "تشينج" دا بدأت الدوله الصينيه تستعيد عافيتها تانى لدرجة انهم أغاروا على الدوله المنغوليه اللى كانت بتمثل ليهم خطورة من الشمال وضموها للامبراطورية الصينية .. و دا كان سبب كافى انه يتوقف بناء سور الصين لفقدان أهميته بتأمين الحدود فى الاراضى اللى بتليه .

يمكن اختلط بالسور دا اسطورتين متداولتين بين الناس .. تعالوا ناخد فكرة عنهم.

أول اسطورة ان دا السور المبنى لحماية البشريه من قوم يأجوج و مأجوج و اللى بناه "ذو القرنين" و المذكورة حكايته فى القرآن الكريم لكن دا مش حقيقى و ذكره الرحالة "ابن بطوطه" لانه لما زار الصين اكتشف ان محدش منهم يعرف الحكايه دى .. دا غير انه لقى اجزاء من السور مهدومه اصلا و دا امر يخلى النظريه دى غير منطقية.

الاسطورة التانيه و هى ان مبنى سور الصين الوحيد اللى يتشاف من سطح القمر و الخرافه بدأت على يد اثرى انجليزى اسمه " ويليام ستوكيلى " وكتب الملاحظه دى فى واحده من رسايله سنة 1754 و بعدها بقرن اتكررت نفس المقولة على ايد سياسى انجليزى تانى اسمه "هنرى نورمان " وبدأت المعلومه دى تكون متداولة و بتتجذر بين الناس لكن مع مرور الزمن و التطور التكنولوجى فى علوم الفضاء تم تفنيد الادعاء دا لان اقصى عرض للسور كان 9 متر دا غير ان لون بناءه مطابق لنفس لون الوسط المحيط بيه يعنى رؤيته صعبه جدا .. 

ومفيش اى رائد فضاء طلع على القمر ذكر انه شاف سور الصين العظيم زى "نيل ارمسترونج" لما اتسأل السؤال دا فى سنة 2001 قال انه كان صعب جدا بالنسبة ليه وقت وجوده على القمر انه يشوف اى مبنى على الارض .. حتى رائد الفضاء الصينى "يانج لى" صرح فى سنة 2003 انه مقدرش فعلا يشوف مبنى سور الصين من الفضاء لكن رغم كل دا كان لايزال الجدل مستمر فأصدرت وكالة الفضاء الاوروبية بيان ان صعب رؤية المبنى من الفضاء لكن يمكن رؤيته من المدارات الارضيه القريبه من الكوكب بارتفاع اقصاه 320 كيلومتر و عرضوا صورة فضائيه للمبنى من الارتفاع دا لكن اكتشفوا بعدها بأسبوع ان الصورة دى تخص نهر فى الصين مش المبنى نفسه كمان .

و دا ملخص بسيط عن سور الصين العظيم و تاريخه و لو هنقول انطباعات عنه ممكن نوجزها فى مجموعة من النقاط .

- دايما بلاحظ ان اغلب المعجزات فى البناء قامت بيها الحضارات القديمه بعكسنا رغم تطورنا دلوقتى فى مجال العلوم الهندسيه .. زى بناء الاهرامات و سور الصين و حدائق بابل المعلقه .. السؤال بقى .. هل دا لان العلوم ايامها كانت اكثر تطورا و لا طبيعة البشر نفسها فى العصور دى كان عندها امكانيات بشريه اعلى مننا ؟ اسئله محيرة و للاسف ملهاش اى اجابه عندى .

- يمكن من سياق الموضوع و رغم قوة تحصينات سور الصين الا انه فى فترة محددة مصمدش أمام غزوات الاعداء .. الفترة دى كان سببها ضعف الداخل الصينى لانشغاله بمشاكله الداخليه و دا يدينا درس .. ان قوة الدوله بتبدأ من الداخل وأى مؤشر لضعف الجبهه الداخليه دا معناه بداية نهايتها حتى ولو محمية فى مليون سور .

- النموذج الصينى ووصوله لدرجة الدولة العظمى يحتاج للتأمل لان واضح من تاريخه انه مر عليه فترات قوة و ضعف زى تاريخ اى امة بس عند نقطة ما محددة و دى كانت مفصلية بالنسبة ليهم اتحولت الصين من مجرد دولة عادية لدولة عظمى .. لو قدرنا نحط ايدنا على النقطة دى بالذات و ندرسها بعناية أعتقد ممكن تفيد دول كتير بتسعى للتقدم .