ذلك الشيء الذي يترعرع بداخل الكثير من الشباب طوال الوقت من أجل العيش بحياه أفضل وامتنان لفرصة لحياة تعطيك ما تتمني.
ذلك الشيء الذي يكبر بداخلهم لكنه يصغر فيهم من مشاعر وروح مقبوضة وصدور مثقلة وعيون مقفلة لا يعلمون انهم يغربون الجسد في مكان وأرواحهم في مكان اخر يبحثون دائما عن كعك الغربة لكنهم لو علموا أن خبز الوطن أسمي من كعك بلد آخر ما فعلوها ولكنها من الحقائق التي لا تنسي ولا ننساها ان دائما تتوج خارج البلاد فاذا كنت مخترعا جاءوا اليك بالورود والزهور والامتنان وان كنت عالما جعلوك فخرا لبلادهم وان كنت حتي عاملا عرفوا قيمتك. أما عن بلادك فلا حول ولا قوة بطاله وعدم استقرار واحيانا كبت حرية.
دائما سؤال يفرض نفسه الي متي سنظل غرباء في اوطاننا لنرحل ونذهب للبحث عن غربة حقيقية في بلد اخر!؟
فالحقيقه ان الغربه مبني آيل دائما للسقوط ولا ندري متي ستقع على رؤوسنا.
أشعر بحال كل شاب يضيع عمره فيها
بكل نبضه قلب يخفق دما بعدا عن الاهل والاحباب
بكل تغيير حقيقي بيتم في شخصيته وكينونته
بكل علاقه حقيقيه تنتهي من اجل ذلك الوحش
فهل مال الغربه يضيع مرارتها انا لا أعتقد ابدا
هل تضيع احلام ولد يشعر انه ليس له اب
هل تضيع وحشة كل زوجة مع معصرات الحياه التي تراها
هل يمحي المال ذكريات الحياه والوطن؟
فالواقع اشياء كثيره تأتي بالمال لكن اشياء أخرى لا تشترى.
أهمية العيش بكرامة للانسان، هي من أهم الشروط التي تحفظ توازن الانسان النفسي، هو شعوره بصيانة كرامته، وعدم التجاوز على قيمته الانسانية، ويبدأ هذا الأمر في أوائل العيش في الأسرة، حيث يتم غرس قيم الاحترام في ذات الانسان، لذلك لا يمكن للانسان أن يعيش متخليا عن كرامته حتى في بلاد الغربة، لاسيما اذا كان محميا بالمال، بمعنى اذا كان غنيا، يمكنه أن يعيش بطريقة تصون له كرامته، وتحمي قيمته الانسانية، بقوة المال، لانه سوف يكون قادرا على توفير كل عناصر الاحساس والشعور بوجود الحاضنة الاجتماعية والمكانية اذا كان غنيا، على العكس من وجوده في الوطن الأم برفقة الفقر! الذي سيجعله معرضا للشعور بحالة اغتراب قاسية، فهو وإن كان يعيش في ارضه ووطنه الفعلي مع قومة وأهله وذويه، إلا انه بسبب الفقر سوف يعيش في حاضنة غريبة قاسية، لا توفر له الشعور بالأمان والتقدير والاكتفاء، فضلا عن فشل الوطن في تحقيق ذات الانسان، وجعله نهبا للافكار الانعزالية وحالات الانطواء والعيش في اعماق الذات بعيدا عن الاندماج مع الذوات الأخرى.
وهناك سبب آخر أساسي يتمثل بالفقر، فهو سبب اساسي يعمل بقوة على تدمير انسانية الانسان، لاسيما اذا كان النظام السياسي أو نظام الدولة والمجتمع عموما، لا يعير اهتماما كافيا للانسان، ولا يهتم الا بمن يقف الى جانبه في تعضيد حكمه وحماية عرشه من السقوط، عند ذاك ليس هناك مفر من محاصرة الاغتراب للانسان، وليس له خلاص الا بالبحث عن حاضنة اخرى حتى لو كانت غريبة وبعيدة عنه، كونه يشعر بالمهانة والدونية والانحطاط وهو في وطنه وبين اهله. إذًا ما هو المبرر لبقائه في محيط لا يحمي كرامته ولا وجوده! في هذه الحالة لن يكون هناك مكان للفرد سوى ذاته، فيصبح شيئا لابد منه لكن ليس علينا سوى ان ندرك تلك الفاجعة نعم فاجعة. فاجعة تحمل مشاعر سلبية جياشة وحش كاسر يأكل في الجسد وبقايا الروح التي معك.
وإذا تحدثنا عن كيفية تقليل نسبة الغربة من وطني أري الكثير من العوامل التي تؤثر على زيادتها كل عام مثل زيادة البطالة وزيادة الاسعار وغيرها من مشاكل الربيع العربي التي نعيش فيها جميعا التي لا حصر لها ولا عدد وحينها ايضا سنعلم انه لا غني عنها.
واذا تحدثت عن اثار ذلك الوحش الكاسر..
يقول د. محمد العبسي أستاذ الصحة النفسية:
إن المغترب لا يجد راحة بين الناس، لا يميل الى الكلام، يكره العمل والحركة، محبط، غائب في عجز واضح، فحالة الاغتراب التي يشعر بها الانسان تجاه المحيط الذي يعيش فيه، ليست وليدة اليوم، وإنما كان الانسان ولا يزال يواجه الوجود بكثير من الغموض، لكنه غالبا ما يبحث عن الحلول المناسبة لتفسير الظواهر الغامضة التي تواجهه، ويبحث ايضا عن سبل الحلول الممكنة.. اذن هاجس الغربة يعيشه الانسان بسبب علاقته مع الوجود والكون، ويحاول من خلال الايمان الحقيقي، واقامة علاقة جوهرية مع الاديان، والمضامين الانسانية، حماية نفسه من الاحساس الموجع بالغربة، ولعل جل الاسباب التي تدفع بالانسان الى الاحساس والشعور بالاغتراب، تكمن في طرائق العيش التي يحصل عليها في محيطه الاجتماعي، وهي في مجملها لا تعبأ بكرامة الانسان، وقد تدفع به الى الشعور بالمهانة، وضآلة القيمة والكرامة التي تشكل العمود الفقري لقيمة الانسان وتعلقه بالوطن والمحيط الذي يعيش فيه.
حقيقة.. طوبى للغرباء.