الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حتى لا نتجمد في هذه المنطقة Comfort Zone


ربما لم يتم طرح هذا الموضوع كثيرا علي الساحة، و لكنني أجده موضوعا هاما يستحق الطرح والمعالجة حقيقة وخاصة في الوقت الحالي.. و ليتم ذلك فإنه يتحتم علينا اولا ان نتعرف سويا علي المعني المبسط لهذه المنطقة وما هي أسباب الدخول فيها و كيف نكون قد وصلنا اليها و تجمدنا فيها بدون ان نشعر ، و ذلك حتي يتسني لنا طرح الحلول للخروج منها بشكل به قدر كبير من السلاسة و البساطة.

في البداية، هذه المنطقة والتي تم تسميتها بمنطقة الراحة Comfort Zone هي المنطقة التي يتم فيها ممارسة سلوكيات او عادات معينة او يكون هناك تواجد في اماكن معينة أو تعامل بشكل شبه دائم مع بعض الاشخاص وبأريحية تامة و يتم ذلك من خلال اطار روتيني يشعر فيه الشخص بالأمان لأنه هنا لا يقع تحت ضغط معين او يتعرض لتحديات معينة، و لا يرغب الشخص القابع في هذه المنطقة في عمل اي نوع من التغيير في حياته، وفي نفس الوقت نجد ان ردود افعاله يكون بها قدر كبير من الهدوء تجاه ما يمر به من أحداث حتي وإن كان يعاني من بعض المنغصات في بعض الأحيان، فانه يكون قد تعود عليها وألف التعامل معها.

والدخول في هذه المنطقة و المكوث فيها لفترات طويلة في الواقع يكون له أكثر من سبب، من اقوي هذه الأسباب الخوف الشديد و القلق المفرط تجاه التغيير. فهناك أنواع من الاشخاص لا يكون لديهم الدافع او النية من الأساس لعمل اي نوع من التغيير في حياتهم، و هناك أشخاص اخرون قد يكون لديهم قدر من الرغبة في عمل التغيير ولكن القلق و التوتر و الخوف من نتائج هذا التغيير يتغلب علي هذه الرغبة و يعيدهم مرة اخري للبقاء الآمن في منطقة الراحة متعللين في ذلك بالمفهوم السائد و هو أن ما يعرفونه أو من يعرفونه جيدا هو الافضل من وجهة نظرهم ، و هم في نفس الوقت لا يطيقون تحمل فكرة الدخول في مغامرة أو مخاطرة جديدة. و ذلك يفسر في كثير من الأحيان لماذا يظل البعض أسيرًا لأشياء أو اماكن معينة و أيضا لعمل معين أو لعلاقات مع أشخاص بعينهم ولا يملكون من الجرأة ما يجعلهم قادرين علي كسر حاجز الخوف للخروج من هذه المنطقة .

ذلك المفهوم هو بالطبع مفهوم خاطئ ، لأنه للأسف يحد من من الطموح والرغبة في الوصول للأفضل في شتي المجالات و خصوصا فيما يتعلق بالتعاملات مع بيئات جديدة و تحديات جديدة و التي يتم فيها اكتساب مهارات وخبرات تضاف الي ما هو موجود ، لتكون الحصيلة بمرور الوقت خبرات و مهارات اعمق وأكبر تدعمنا و تضيف الينا الكثير والكثير في رحلة الحياة.

وللخروج من هذه المنطقة و التي أحسبها فعلا كالقوقعة التي يدخل فيه البعض بإرادتهم ، يجب اولا أن يكون هناك الدافع والنية من الداخل لاتخاذ هذه الخطوة نحو التغيير وبعدها يأتي القرار و البدء في التنفيذ. ونجد انه بمجرد أن يخطو الشخص أولي خطواته نحو هذا التغيير، فانه يكون بذلك قد بدأ في مرحلة الخروج من هذه المنطقة .

هذه المرحلة بالطبع مرحلة تتسم بالصعوبة الشديدة و ذلك لأن الشخص يتعرض فيها لصراع ما بين الروح التي تميل في معظم الاوقات للتغيير والانطلاق وما بين العقل الذي يصدر له طوال الوقت أفكار وإشارات تدفعه للقلق و الإضطراب و الخوف من المستقبل، و هنا لا بد من توافر عدة عوامل للنجاح ، أهمها الثقة بالنفس و تحديد الأهداف المراد الوصول اليها وأن يضعها الشخص نصب عينيه دائما ليستطيع تحمل ما سيمر به من صدمات وعثرات قد تحدث له بسبب هذا التغيير، وذلك اضافة للمثابرة و التحلي بالصبر وعدم الالتفات للمؤثرات السلبية التي يمكن تسبب له اي نوع من الاحباط او الرجوع في قراره. 
 
ومن وجهة نظري، أرى أن اتخاذ القرار بالتغيير هو ضرورة في كثير من الأوقات علي المستوي المهني و علي مستوي العلاقات ما بين الأشخاص و بعضهم البعض، و بالطبع أقصد هنا التغيير نحو الأفضل، هذا التغيير الذي احسبه في بعض الأحيان يكون بمثابة طوق النجاة للخروج من حالات او ظروف سيئة نعيشها و نجبر انفسنا لا شعوريا علي تحملها هربا الي ما تعودنا عليه و خوفا من فكرة الوقوع في فخ الفشل.

وأخيرا أتمني ان يكون هذا المقال بمثابة دعوة للخروج من هذه المنطقة المتجمدة ، فالحياة كل يوم من حولنا في تطور سريع و متلاحق و حتما لا بد لنا نحن الآخرين من ملاحقة هذا التطور. ولأن التقدم نحو الأفضل لا يكون ابدا بالنوايا، لذلك علينا ان نتخذ القرار سريعا و ننحي الخوف و القلق جانبا و نتحلي بالشجاعة و الجرأة في خطوات جادة منا نحو التغيير علي جميع المستويات "العمل ، الأماكن ، العلاقات ، الأشخاص". و لنتذكر دائما هذه العبارة " من يريد ، سيستطيع".

كل الأمنيات للجميع بأن يدخل عامًا جديدا بتحديات جديدة و روح جديدة وستكون بإذن الله مكللة بكل التوفيق والنجاح .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط